«الخارجون عن القانون هم الذين يصنعون التاريخ». .. عبارة صادمة، أو هكذا تبدو لأول وهلة، عند تلقيها، غير ان هذه العبارة التي اتخذتها إحدى الجمعيات في نيويورك لافتة في سياق أنشطتها، لم تكن لترمي إلى المجرمين، أو الارهابيين أو جماعات التمرد المسلح، أو الذين يرتكبون جرائم قطع الطريق، وخطوط الكهرباء وانابيب نقل النفط، او غير ذلك من مرتكبي الجرائم أياً كان نوعها.. فالمقصود من الخارجين عن القانون في العبارة السالفة هو الخروج على أساليب التفكير المألوفة في مواجهة المشكلات والتحديات إلى أساليب ابتكارية وابداعية، تؤدي إلى حل المشكلات والأزمات والتحديات التي تواجه مجتمعنا.. قد تبدو أحلك الأيام هي ما يعيشه مجتمعنا هذه الأيام، التي جاءت في اللحظة التي قرر فيها الوطن أن ينطلق باتجاه بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، أساسها المواطنة المتساوية، وحماية حقوق الانسان والحريات، والحكم الرشيد، دولة اتحادية تضمن التوزيع العادل للثروة والسلطة.. لكن من قال ان الأزمة القائمة وسواها ستنوء بمجتمعنا، ففي الواقع ان المجتمعات الحية لا تنوء بها المشكلات والتحديات، ومجتمعنا مهما اعتورته المعوقات فهو مجتمع حي قادر على مواجهة التحديات والأزمات التي تواجهه، فكل أزمة تنطوي على فرصة, فمثلما أيقظت التهديدات التي تواجه الدولة أهمية وضرورة الاصطفاف الوطني من أجل الأمن والسلام وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، من أجل تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، من أجل التنمية، فإنها أيضاً اكدت اولوية بناء الدولة القوية، فهدف كل دولة هو الأمن والقوة، وبدون الدولة القوية لا أمن ولا أمان ولا استقرار ولا سلام اجتماعي، وبدون الدولة القوية لا قيمة للحديث عن مخرجات الحوار الوطني وتنفيذها واستكمال الانتقال السياسي.. غالبية الشعب اليمني مع أولوية بناء الدولة القوية، القادرة على اجتثاث الارهاب والتمرد والانفلات والفساد، وعلى فرض احترام القانون. هذا الاصطفاف الوطني مع الرئيس ينبغي أن يكون أكثر تفاعلاً وفاعلية في إنجاز أولوية بناء الدولة القوية التي تبسط سيطرتها على كامل التراب الوطني، وتحقيق الأمن والاستقرار ولا تسمح بجماعات مسلحة خارج نطاق القوات المسلحة والأمن، ولا تقبل بجماعات الارتهان السياسي وخدمة أطماع قوى اقليمية، ولا تتردد في تنظيم قوتها الناعمة، وفي مقدمتها وسائل الاعلام سواء المملوكة للدولة أو الخاصة، تنظيم باتجاه ان يكون الاعلام في خدمة المجتمع، لا تحريض ولا تضليل ولا تزييف للحقائق والمعلومات، ولا تعصب وتشويه، ولا كتائب الكترونية تتبادل القصف الدعائي وتشتبك في حرب أهلية غبية.. اعلام يعاد تنظيمه بصورة مؤقتة لما تبقى من المرحلة الانتقالية، عند غياب قانون غير سليم فثمة قوانين قائمة مثل قانون الصحافة والمطبوعات والاتصالات، وسواها من القوانين النافذة فضلاً عما تتطلبه المراحل الانتقالية من اعلام، وما تضمنته الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني بشان الاعلام، ومن شأن اعادة التنظيم للاعلام في هذه الفترة ان يكون تمهيداً للانتقال للنظام الاعلامي الجديد وفق مخرجات الحوار الوطني.. بناء الدولة القوية لا يعني القمع والتسلط وانما القدرة على فرض قوة القانون، وهيبة الدولة وسيادتها وما أحوج مجتمعنا الى التوافر لانجاز هذه الاولوية وما أحوج مجتمعنا الى أساليب تفكير جديدة ابتكارية وابداعية لحل مشكلاته وأزماته ومواجهة تحدياته، ما اظنه إلا قادراً على استكشافها وتفعيلها.