حين يجد المبدع- شاعراً كان أو مفكراً أو كاتباً أو موسيقياً أو صحافياً- إن هناك من أخذ منه صورة شعرية أو معنى أو مقولة ذات مدلول ولم ينسبها إليه أو يشير إلى أنها مقتبسة بالقول: «وقد قال الشاعر».. أو كما قال أحد المفكرين أو الكتاب أو حتى بكلمة وقد قالوا.. إن كان يجهل القائل أو لا يرغب في ذكر اسمه لسبب ما- فإن هذا المبدع المعتدى على حق من حقوقه الفكرية والأدبية لا يفرق بين لصوصية ووقاحة من سطى على شيء من إبداعه وبين لصوصية ودناءة من يدخل يده إلى جيبه بغرض سرقة نقوده أو جواله..نعم إنها الغيرة ومن حق المبدع أن يغار على إبداعه.. وقديماً قال الحريري (صاحب المقامات الشهيرة في الأدب العربي) «إن غيرة الشعراء على بنات الأفكار كغيرتهم على البنات الأبكار», أي كغيرتهم على الزوجة والحبيبة والصديقة بالمفهوم الأوروبي, وكذلك غيرتهم على من وجبت الغيرة عليها.. نتوقف هنا لنقول يمكن تغاضى المبدع عن أخذ معنى بطريقة مغلفة أو ما يسمى بالاقتباس الذكي أو ما يبرر بالتخريج القائل وقع الحافر على الحافر, أي المصادفة التي تجعل هذا يأخذ جملة أو شطراً من بيت شعر أو معنى من المعاني بصورة حرفية عن طريق المصادفة التي يشبهونها بوقع حافر الحصان- في مشيه- في مكان وقع حافر الحصان الذي سبقه- كما تفعل عجائب الصدف.. وهذا ما يذكرنا برد فعل الشاعر الذي وجد أن شاعراً آخر قد سطى على بعض أبيات من شعره وضمنها قصيدة له.. وعندما عبر عن احتجاجه واستنكار تعرضه لسرقة أدبية كتلك.. فقد قيل له لعل ما حدث هو من وقع الحافر على الحافر, فرد عليهم بانفعال ممزوج بالسخرية وقال: هذا ليس من باب وقع الحافر على الحافر, إني أرى الحصان على الحصان ألا ترون هذا كما أراه؟!! لندع= ونقول: هل يمكن اعتباره أبشع جرماً وأكثر ضرراً بالمعتدى عليه ألا وهو الاعتداء على حق أدبي المصحوب بالتشويه والإساءة إلى صاحبه والتباهي بذلك وأن يتم مثل هذا الفعل المشين بموافقة رسمية وتمويل رسمي أيضاً.. قد يتساءل الكثير عن هذا النوع من السرقة الأدبية الأكثر بشاعة والأكثر إيلاماً للمبدع والمفكر, ولتوضيح ذلك نقول هذا ما يمكن الوقوف أمامه في لقاء الأسبوع المقبل كونه عدوان مثير الغيرة على بنات الأفكار وعلى السمعة وعلى جماليات لوحة منحها شيناً من روحه.. لنا لقاء.