كانت حكومة الأستاذ محمدسالم باسندوة التي تشكلت بموجب المبادرة الخليجية هي الحكومة الوحيدة التي تشارك فيها مختلف القوى السياسية باستثناء مكون انصار الله بتوافق وليس اعتمادا على نسبة مشاركتها في مجلس النواب كما كان حال الحكومات السابقة.. ولذلك فقد تهيأت لهذه الحكومة كل اسباب النجاح وكان بامكانها تحقيق انجازات كبيرة تؤسس لبناء دولة يمنية حديثة.. لكن مع الأسف فقد ظلت حكومة باسندوة أسيرة منذ يومها الأول لتوجه حزب التجمع اليمني للاصلاح ولضغوطات الشيخ حميد الأحمر الذي اراد حسب ماصرح به ان يعوض نصف ثروته التي قال انه أنفقها في ساحة التغيير لاسقاط نظام الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح فأحتكر العقودات وعطل مسار الحكومة تماما.. كما ان القوى السياسية المشاركة فيها جاءت منتقمة اعتقادا منها بأنها كانت مظلومة ومقصية في الفترات السابقة وعليه لم يكد يستقر ممثلوها من الوزراء في مكاتبهم حتى شحذوا سكاكينهم لذبح الامكانات ونهبها والمتاجرة بالوظيفة العامة للأقارب والأصهار والمؤيدين والأنصارمترجمين على ارض الواقع ما ورث لهم النظام السابق من ثقافة الفيد والفساد.. بينما وزراء المؤتمر الشعبي العام الذين كانوا يشكلون نصف الحكومة ظلوا مشلولين لا يقووا حتى على النقد العلني لتصرفات شركائهم في الحكومة من القوى السياسية الأخرى ربما لاحساسهم بالذنب لأنهم لم يكونوا عادلين في الحكومات السابقة وكونهم ملطخين بالفساد ولايريدون التسبب في فتح ملفاتهم او لأنهم ارادوا فضح شركائهم بحيث يكونوا معادلين لهم في النهب والسلب وقد شجع سكوتهم على تحويل حكومة باسندوة المدعومة محليا واقليميا ودوليا الى جعلها حكومة جباية ومبتعدة تماما عن تنفيذ ماورد في برنامجها الذي قدمته لمجلس النواب ونالت الثقة بموجبه . ومن المفارقات العجيبة ان حزب التجمع اليمني للاصلاح ممثلا في قادته التاريخيين والذي كان مسيطرا على المشهد السياسي اليمني وكان يهيئ نفسه للاستيلاء على الحكم كما هو حال الاخوان المسلمون في مصر ورغم اختلافه مع السعودية بعد ان وضعته ضمن قائمة الجماعات الارهابية لم يكن همه بناء الدولة وخلق وضع جديد في اليمن بقدر ماكان يهمه الحؤول دون مشاركة مكون انصار الله في الحكم والعمل على تحجيمهم بل والقضاء عليهم بحجة ان السعودية تعتبرهم خصما ويشكلون خطرا عليها ولذلك فقد تفرغ التجمع اليمني للاصلاح لحبك المؤامرات ضد مكون انصارالله وتشويه سمعته ونشر الدعايات المغرضة وتحذير الآخرين منه سواء داخل اليمن او خارجها بل وصل الأمر بحزب الاصلاح الى درجة تحذير دولة الكيان الصهيوني منه وبأنه سيكون نسخة من حزب الله اللبناني ويشكل خطرا على اسرائيل.. كما ألب السعودية ودول الخليج ضده حتى استعداهم عليه تماما.. كل ذلك على حساب ماكان يأمله الشعب اليمني من حكومة باسندوة فأصبحت أضعف حكومة رغم ماتوافر لها من دعم محلي واقليمي ودولي..كما جعل حزب الاصلاح من ايران شماعة يعلق عليها اخطاؤه وبأن مكون انصارالله مرتميا في احضانها وانه اذا مااتيحت له الفرصة للمشاركة في الحكم ستكون ايران هي المسيطرة على الشأن اليمني ومنه تنطلق للسيطرة على السعودية ودول الخليج.. والمصيبة الأعظم ان الأحزاب المنضوية تحت يافطة اللقاء المشترك بقيادة حزب الأصلاح كان يصدق قادتها مايملي عليهم قادة الاصلاح من اكاذيب لايصدقها عقل ولامنطق.. وقد وجدها الرئيس حينها عبدربه منصور هادي فرصة لضرب القوى السياسية ببعضها مستغلا تناقضاتها بحيث يصفوا له ولنجله جلال الجو فيتحكموا في مقاليد الأمور وينفذوا باخلاص الأجندة السعودية المتفق عليها منذ العام 2011م بين عبدربه هادي والنظام السعودي والتي يأتي في طليعتها تفكيك الجيش اليمني والقضاء على قدراته وتفتيت اليمن من خلال تقسيمه الى اقاليم وفي نفس الوقت استفزاز مكون انصار الله وادخاله في حروب وصراعات محلية مع تنظيمي القاعدة وداعش وحزب الاصلاح بهدف اضعافه ثم القضاء عليه نهائيا لكي تتخلص السعودية من الصداع المؤلم الذي سببوه لها فكانت اولى المتاعب التي واجهها انصارالله مضايقتهم في مؤتمر الحوار الوطني واغتيال عدد من ابرز ممثليهم في مؤتمر الحوار منهم الدكتور جدبان والدكتور احمدشرف الدين حيث كان حزب الاصلاح والسعودية تحديدا ينتظرون ردفعل انصار الله بعمليات اغتيال مماثلة لتدخل اليمن في متاهة من الصعب الخروج منها.. لكن انصارالله فوتوا عليهم هذه الفرصة بصبرهم وحرصهم على مصلحة الوطن ولكي ينتهي مؤتمر الحوار الوطني بسلام رغم انهم لم يوقعوا على مخرجاته بسبب اغتيال ممثلهم المخول بالتوقيع قبل لحظات من عقد الجلسة الختامية بينما كان هو في طريقه للمشاركة فيها.. وهنا وجدت السعودية وحزب الاصلاح نفسيهما في مأزق لعدم تحقيق مكاسب تذكرلخلط الأوراق والعزف على وتر تناقضاتها فنقلوا المشاكل لأنصار الله الى صعدة معقلهم الرئيسي فسلطوا عليهم معسكر القاعدة وداعش في كتاف والذي كان يعد اكبر معسكر لهذين التنظيمين في الشرق الأوسط لما يحويه من أسلحة متطورة ومشاركة عناصر فيه جلبت من مختلف بلدان العالم كانت تعدهم السعودية لخوض معركة فاصلة والانطلاق بعدهاالى المحافظاتاليمنية للسيطرة عليها فتتحول اليمن الى ليبيا أخرى وهو السيناريو الذي تم اعداده ليطبق في اليمن. لكن ارادة الله أبت الا أن ينتصر الحق ضد الباطل فأنكشفت حقيقة هذا المعسكر الممول سعوديا وشكلت هزيمته اول ضربة قاصمة للسعودية وحلفاءها من العملاء والمرتزقة داخل اليمن.. ومع ذلك لم ييأسسوا فقد حاولوا ان يعيدوا الكرة عن طريق معسكر دماج لكن قائده الحجوري طلع ذكي واعتبر بما حدث في معسكر كتاف حيث عقد صلحا مع انصار الله وانسحب سلميا مع جماعته من دماج الى صنعاء ثم تم توزيعهم على المعسكرات لاسيما في المحافظات الجنوبية وبعضهم انضم الى معسكر القشيبي في عمران..وكانت هذه ضربة مؤلمة ثانية للسعودية..حينها لم يبق امام السعودية وحزب الاصلاح خيار آخرسوى ان يجاهروا بالعداء ضد انصار الله فسلطوا عليهم اولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في منطقة حاشد وقد اعلن يومها حسين الأحمر الذي لقب نفسه بشيخ السنة بأنه يخوض حربا لحماية الدين بين السنة والشيعة فكانت هزيمته افظع مماحدث في كتاف ودماج لأن مشيخة بيت الأحمر سقطت الى غير رجعة وشكلت فضيحة مدوية ربما لم يهضمها البعض حتى اليوم نظرا لماكان لبيت الأحمر من ثقل كانوا يسيطروا من خلاله حتى على مؤسسات الحكم في اليمن منذ قيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962م وحتى يوم سقوطهم عام 2014م ولم يكن أي طرف سياسي اوقبلي يجرؤ على منافستهم او حتى انتقاد اخطاؤهم وكانت هزيمة اخرى للسعودية وحزب الاصلاح.. وهنا تسارعت الأحداث بشكل لم يكن يتصوره عقل فقد جاء هذه المرة دور معسكر عمران بقيادة اللواء حميد القشيبي الساعد الأيمن للجنرال الهارب علي محسن والذي كان يعد يومها اقوى معسكرات الجيش اليمني بالاضافة الى ماكان يتواجد داخله من عناصر القاعدة وداعش وميليشيات الأصلاح وامتلاكه للسلاح الثقيل بمافيه الدبابات فكانت الخطة تقتضي هزيمة انصار الله في عمران ثم تكون هناك هجمة ارتدادية للتوجه نحو صعدة واحتلالها واعادة اعتبار بيت الأحمر ومعسكري كتاف ودماج.. لكن كانت هزيمة معسكر عمران ومقتل قائده القشيبي وسيطرة انصار الله على عمران والاستيلاء على المعسكر تعتبر أم الهزائم للسعودية وحزب الاصلاح وسنتحدث عن ردة الفعل في السعودية على هذه الهزائم المتوالية في الجزء الثاني عشر كونني يومها كنت في مهمة إعلامية في السعودية وقابلت مسؤولين سعوديين كانوا غير مصدقين مايحدث في اليمن خاصة علماء الوهابية ومثيرو الفتن في العالم الاسلامي.