كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأربعاء عن سجن سري لوكالة الاستخبارات الأمريكية في إحدى دول الاتحاد السوفييتي سابقاً يخبئ فيه الجهاز السري بعضا من أهم معتقلي تنظيم القاعدة، ويستجوبهم فيه. ونقلت الصحيفة عن مصادر مسؤولة أمريكية وأجنبية عليمة أن المنشأة السرية تدخل في إطار نظام معتقل سري أقامته الوكالة قبيل أربعة أعوام مضت، ضم في بعض الأوقات، عدداً من المنشآت في ثمانية دول منها تايلاند وأفغانستان وبعض الدول الديموقراطية في أوروبا الشرقية بجانب مركز صغير في قاعدة غوانتانامو بكوبا. ورفضت "واشنطن بوست" الكشف عن أسماء الدول الشرق أوروبية المتورطة في البرنامج السري بناءً على طلب من مسؤولين أمريكيين بارزين، بمزاعم مخاوف من إرباك برنامج مكافحة الإرهاب في تلك الدول وإمكانية تعريضها لهجمات إرهابية انتقامية. ويعلم قلة من المسؤولين الأمريكيين، بجانب رئيس الدولة، وبضع من كبار مسؤولي الاستخبارات في الدول المضيفة، بوجود السجون الخفية التي أطلقت عليها المستندات السرية للبيت الأبيض ووكالة الاستخبارات، ووزارة العدل الأمريكية فضلاً عن الكونغرس مسمى "المواقع السوداء." وأشارت الواشنطن بوست إلى أن شبكة المعتقلات الدولية السرية تمثل عاملاً مركزياً في الحرب غير التقليدية التي يشنها الجهاز الأمريكي على الإرهاب. وبالاستناد إلى مخاوف على الأمن القومي والقيم التي أنشئت من أجلها السجون السرية، تمكنت "سي.أي. أيه" والبيت الأبيض من إثناء الكونغرس الأمريكي عن مطالبة الجهاز الاستخباراتي بالإجابة على تساؤلات مطروحة في شهادة علنية حول أوضاع المعتقلين. ويفرض الجهاز السري تعتيماً كاملاً على هوية عناصر القاعدة المحتجزين في السجون الخفية، والطرق المستخدمة في استجوابهم وكيفية صنع القرارات المتعلقة بفترات الاحتجاز. وبالرغم من إصدار وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" تقارير عامة لا حصر لها، حول الممارسات والقوانين المطبقة في مراكز الاعتقال الخاضعة لإشرافها عقب فضيحة التجاوزات والانتهاكات في سجني أبوغريب في العراق وغوانتانامو بكوبا، إلا أن وكالة الأستخبارات الأمريكية لا تعترف حتى بوجود "المواقع السوداء." وقالت المصادر المطلعة إن الاعتراف بوجود البرنامج السري سيفتح على الحكومة الأمريكية تحديات قانونية خاصة في المحاكمة الأجنبية، مما سيعرضها إلى مخاطر المزيد من الإدانات السياسية، على الصعيدين الداخلي والخارجي. وأدت فضيحة الانتهاكات الواسعة التي شهدها المعتقلين إلى قلق المشرعين الأمريكيين والحكومات الأجنبية والمنظمات الحقوقية حيال سياسة التعتيم المتبعة في الجهاز الاستخباراتي. وتصاعدت حدة المخاوف الشهر الماضي مع طلب نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ومدير الاستخبارات الأمريكية، بورتر غوس، من الكونغرس استثناء العاملين في الجهاز من التشريع الذي أجازه المجلس والذي يحظر استخدام القسوة وسوء معاملة أي سجناء رهن الاعتقال في الولاياتالمتحدة. وأشارت الصحيفة إلى أن إقامة تلك السجون الخفية تم على عجالة وبصورة فوضوية في أعقاب هجمات 11/9، ناقشت الوكالة في أعقابها قانونية وأخلاقية ومدى عملية التحفظ على "إرهابيين" تحت غطاء من السرية والانعزال. وجادل بعض العاملين في الجهاز الاستخباراتي من أن السجون السرية تنحرف بالمهام الفريدة التي انشئت الوكالة من أجلها، وفق الصحيفة. وتتحفظ الولاياتالمتحدة على كبار قيادات القاعدة المعتقلة مثل رمزي بن الشيبة وخالد شيخ محمد في مواقع دأب المسؤولون على وصفها ب"الأماكن المجهولة." ونقلت CNN في وقت سابق أن وكالة الاستخبارات الأمريكية تحفظت على "أبو زبيدة" وبعض من معتقليها لفترة ما، في تايلاند، في منشأة تم إغلاقها منذ ذلك الوقت.