منعت الرقابة اللبنانية عرض فيلمي "ذي بوست" للمخرج الأمريكي ستيفن سبيليبرغ و"جنغل" للمخرج الأسترالي غريغ ماكلين، على خلفية دعوات حملة مقاطعة إسرائيل، وتجنبا لحدوث "ردات فعل". وأثار هذا القرار جدلا واسعا في لبنان، بين رفض التطبيع الثقافي مع إسرائيل، وبين التنديد" بمن يقومون بدور القيمين على الآراء". أعلنت الرقابة اللبنانية عرض فيلمي "ذي بوست" للمخرج الأمريكي ستيفن سبيليبرغ و"جنغل" للمخرج الأسترالي غريغ ماكلين، التزاما بسياسة مقاطعة إسرائيل وتجنبا لحدوث "ردات فعل"، ليرتفع عدد الأفلام الممنوعة أو المقتطع منها خلال سنة إلى سبعة لأسباب مختلفة. وذكر مصدر في جهاز الأمن العام اللبناني لوكالة فرانس برس الاثنين طالبا عدم الكشف عن اسمه "منع فيلم ذي بوست من العرض (..) وسحبت إجازة العرض من فيلم جنغل بعد أسبوعين على بدء عرضه". وتعود أسباب منع الفيلم الأول من العرض إلى أن مخرجه ستيفن سبيلبرغ، الذي تبرع لإسرائيل بمبلغ مليون دولار أثناء حرب العام 2006 مع لبنان وصور مشاهد من أفلامه في القدس "مدرج على اللائحة السوداء لمقاطعة إسرائيل التي يعدها مكتب المقاطعة التابع لجامعة الدول العربية ويلتزم بها لبنان". وجاء هذا الفيلم في المرتبة الثانية في قائمة الأفلام الأكثر تحقيقا للإيرادات في أمريكا الشمالية، محققا أكثر من 22 مليون دولار في عطلة نهاية الأسبوع الأخير. السلطات ملتزمة بالقائمة السوداء ومع أن لبنان يتمتع بحرية واسعة في استخدام الإنترنت التي تنتشر عليها نسخ غير قانونية من الأفلام والأعمال الفنية والثقافية الصادرة في مختلف أنحاء العالم، إلا أن السلطات تلتزم بالقائمة السوداء التي يعدها مكتب مقاطعة إسرائيل. وإجمالا، تمنع السلطات الأعمال التي ترى فيها إثارة للحساسية الطائفية أو نيلا من المقدسات الدينية أو انتهاكا للآداب العامة أو ترويجا للتطبيع مع إسرائيل. وأفاد مركز الدفاع عن الحريات الثقافية والإعلامية "سكايز" لوكالة فرانس برس، أن عدد الأفلام التي منعت أو اقتطع منها في السنة الأخيرة، ارتفع إلى سبعة، وكان ذلك على خلفية المقاطعة، أو استجابة لاعتراض مرجعيات روحية إسلامية أو مسيحية عليها لأسباب دينية أو "أخلاقية". "تجنبا للمشاكل" وبحسب مصدر أمني، فإن فيلم "جنغل" الذي يعرض في الصالات اللبنانية منذ أسبوعين، " نال إجازة عرض، وعرض فعلا، لكن سجلت احتجاجات دفعت لسحبه من الصالات تجنبا لوقوع أية مشاكل". وقبل أيام، أصدرت "حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان" بيانا طالبت فيه بمقاطعة "جنغل" لأنه "يتحدث عن رحالة إسرائيلي، ويستند إلى كتاب لمؤلف إسرائيلي، هو يوسي غينسبيرغ، الذي ولد في 'الكيان الصهيوني‘، وترعرع في تل أبيب، وخدم في سلاح البحرية الإسرائيلية" ولأن "أحد منتجي الفيلم أيضا الإسرائيلية دانا لوستيغ". وفي الآونة الأخيرة، تنشط مجموعات ضغط ترصد الأعمال التي يشارك في إنتاجها إسرائيليون لمنع عرضها في الصالات اللبنانية، وقد منعت في الأشهر الماضية أفلام عدة على هذه الخلفية. ومن بين هذه الأفلام "واندر وومن" الذي منع في حزيران/يونيو بسبب مشاركة الممثلة الإسرائيلية غال غادوت فيه، استنادا أيضا إلى قرار من مكتب المقاطعة في جامعة الدول العربية. وخلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في العام 2014، وجهت غادوت على صفحتها على فيس بوك تحية إلى الجيش الإسرائيلي وهاجمت حركة حماس. وقبل أيام، تعرض مصمم الأزياء اللبناني إيلي صعب لانتقادات بسبب نشر صفحته على موقع "إنستاغرام" صورة لغال غادوت ترتدي أحد تصاميمه، وقد سارعت الصفحة إلى حذف الصورة. وفي سياق متصل، أثار فيلم "الصدمة" للمخرج اللبناني الفرنسي زياد دويري استياء نشطاء حركة المقاطعة بسبب تصوير مقاطع منه في إسرائيل، وقد أوقفته السلطات اللبنانية لبضع ساعات للتحقيق ثم أطلقت سراحه في أيلول/سبتمبر الماضي. ابتهاج في أوساط أنصار المقاطعة ووصف عضو الحملة الكاتب والناشر سماح إدريس في تعليق على فيس بوك قرار السلطات بسحب إجازة عرض "جنغل بأنه "إنجاز آخر لأنصار مقاطعة 'العدو الصهيوني‘ في لبنان والوطن العربي ولأنصار فلسطين عموما". من جهة أخرى، دعا الناقد السينمائي نديم جرجورة إلى اعتماد "معايير واضحة في هذه القرارات"، وقال لوكالة فرانس برس "حين تقرر السلطات اللبنانية أن فيلما ما يمكن عرضه بما يتوافق مع القوانين وشروط المقاطعة، لا أفهم كيف يكون لأشخاص آخرين أن يعودوا ويغيروا هذا القرار". فرانس 24