عاد التصعيد العسكري الإسرائيلي مجددا إلى قطاع غزة بعد فترة من الهدوء النسبي وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع بموجب خطة "فك الارتباط". وسياسيا صعدت إسرائيل من إجراءاتها القمعية ضد حكومة حماس وقررت قطع كافة العلاقات السلطة الفلسطينية باستثناء الرئيس محمود عباس. وفي الشأن الداخلي لا زالت حكومة إسماعيل هنية تسعى جاهدة من أجل تأمين رواتب الموظفين بعدما أعلن وزير المالية الدكتور عمر عبد الرازق عن خزينة فارغة ومثقلة بالديون. عمليات الاغتيال تحصد 15 شهيدا وميدانيا أدت عمليات الاغتيال التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة إلى سقوط 15 شهيدا فلسطينيا غالبيتهم من نشطاء حركة فتح التي يقودها الرئيس محمود عباس. حيث أطلقت طائرات الاحتلال عدة صواريخ باتجاه سيارة كان يستقلها عدد من النشطاء الفلسطينيين ما أدى لاستشهاد ثلاثة منهم. بينما استشهد ستة آخرون بقصف جوي على موقع للتدريب تابع لكتائب الشهيد أحمد أبو الريش المحسوبة على حركة فتح. وسبق ذلك عملية اغتيال أخرى طالت ستة فلسطينيين من كتائب شهداء الأقصى (الجناح المسلح لفتح). هذا في وقت واصلت فيه الدبابات الإسرائيلية عمليات القصف المدفعي بشكل يومي في صورة تؤكد مجددا أن قطاع غزة لم يعد محررا. ويأتي التصعيد الإسرائيلي الأخير في أعقاب تسلم حركة حماس مهامها الرسمية في السلطة الفلسطينية وتشكيلها الحكومة بقيادة إسماعيل هنية. وكل ذلك يأتي مع اتخاذ أجهزة الأمن الإسرائيلية قرارا بضرورة تشديد القبضة على قطاع غزةالضفة الغربية وإجبار الفلسطينيين على رفض حكومة حماس. وتزامن التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة مع حملة اعتقالات واسعة في مدن الضفة الغربية طالت أكثر خلال الأسبوع الماضي أكثر من 120 فلسطينيا. بينما تركزت العمليات العسكرية في مدينة نابلس، شمالي الضفة. والتي سقط فيها شهيدين بنيران قوات الاحتلال. إسرائيل تقاطع السلطة الفلسطينية بالكامل وفي الشأن السياسي قررت الحكومة الإسرائيلية مقاطعة السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة حماس بشكل كامل. وعدم إجراء أية اتصالات معها مهما كان شكلها. كما وقررت حكومة ايهود أولمرت الإسرائيلية مقاطعة أية جهة خارجية تلتقي مع الحكومة الفلسطينية. واستثنت إسرائيل من مقاطعتها هذه الرئيس محمود عباس. وجاء هذا القرار بعد اجتماع أمني عقد في إسرائيل وشارك فيه أولمرت وعدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية. وكانت الحكومة الإسرائيلية بدأت وضع مخططاتها الرامية للإطاحة بحكومة حركة حماس وبحث اولمرت مع عدد من الوزراء سبل مواجهة إسرائيل لصعود حركة حماس إلى سدة الحكم في السلطة الفلسطينية بعد أداء حكومة حماس يمين الولاء وبدء مزاولة عملها. وبحسب القرار الإسرائيلي فأن كل من يشارك في التخطيط أو الدفع باتجاه تنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية سيكون عرضة للاغتيال من دون استثناء وحتى لو كانوا مسئولين في حركة حماس ويشغلون مناصب رسمية في الحكومة الفلسطينية الجديدة". هذا في وقت انتقدت فيه المنظمة الدولية للمدافعين عن حقوق الإنسان كافة دول العالم لصمتها أمام الانتهاكات الإسرائيلية اليومية بحق الفلسطينيين والجرائم التي ترتكب في قطاع غزة. وهاجم ياسر علاونة عضو المنظمة بشدة القرار الإسرائيلي القاضي بوقف كافة الاتصالات مع الحكومة والسلطة الفلسطينية بمن فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس والتعامل معه بصفة شخصية واستهجن علاونه هذا القرار كون الرئيس منتخب من قبل الشعب الفلسطيني ويمثل أعلى الهرم في السلطة الفلسطينية، وكونه رئيس منظمة التحرر التي تمثل حركة تحرر وطني تعترف فيها كل دول العالم، ودعا المجتمع الدولي إلى إبقاء التعامل مع الحكومة والسلطة الفلسطينية وعدم الرضوخ إلى المطالب الإسرائيلية، وأضاف أن على الحكومة الإسرائيلية إلغاء مثل هذه القرارات التعسفية فوراً.كما طالب علاونه المجتمع الدولي التدخل الفوري لوقف الانتهاكات الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية والتي تشهد انتهاكاً خطيرا ومتزايد لحقوق الإنسان الفلسطيني واستمرار عمليات الاغتيال خارج نطاق القانون وتصعيد القصف الإسرائيلي للمباني و المناطق الفلسطينية، وكذلك عمليات الاجتياح والاعتقال المتكررة للمناطق والمدن الفلسطينية بحجة الدواعي الأمنية، وانتقد استخدام القوة المفرطة ومنها الطائرات والمدفعية والدبابات في العمليات العسكرية الإسرائيلية والتي تبين نية الاحتلال قتل المواطنين بدم بارد. وأضاف انه لا يستبعد قيام القوات الإسرائيلية في المرحلة القادمة قصف مباني السلطة الفلسطينية المدنية والعسكرية بحجة أن الحكومة الفلسطينية الحالية حكومة إرهابية وبأن قوات الاحتلال قد تلجئ إلى كل الوسائل المحرمة قانونياً ودولياً لمحاربة الحكومة والشعب الفلسطيني الذي اختار هذه الحكومة بطريقة ديمقراطية عن طريق الانتخابات، ونوه إلى العقوبات التي تفرض لا تفرض على الحكومة لوحدها وإنما على الشعب الفلسطيني بشكل عام، حيث أصبح الشعب الفلسطيني يقبع في سجن كبير بعد إغلاق الطرق ومنع حركة وتنقل المواطنين الفلسطينيين ومنع حركتهم بين المدن والدخول إلى إسرائيل.وقال علاونه أن إجراءات الاحتلال المتمثلة في قطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية والتصعيد الإسرائيلي سيزيد الأمور تعقيدا في المنطقة مما قد يدخل المنطقة كلها في دوامة من العنف والنزاع الذي تسعى إسرائيل لجر المنطقة له، ونوه إلى أن الإجراءات الخنق الإسرائيلية من شانها تزايد الكراهية لإسرائيل كدولة محتلة لدى المجتمع الفلسطيني والمنقطة ككل وتزايد الردود الغاضبة على ممارستها ودعا علاونه الاتحاد الأوروبي والدول المانحة إلى التروي في مسالة قطع تقديم المساعدة إلى الحكومة والسلطة الفلسطينية لان ذلك سيشكل كارثة إنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وينذر بحدوث اضطراب في المنطقة لان غالبية المجتمع الفلسطيني يعتمد على تلك المساعدات، وأضاف أن قطع تلك المساعدات ليس عقاب للحكومة الفلسطينية وإنما عقاب لكل الشعب الفلسطيني الذي يعاني من أزمة اقتصادية خانقة تنذر بحدوث كارثة إنسانية في الأراضي الفلسطينية، ودعا علاونه المجتمع الدولي إلى عدم تناسي أن الأراضي الفلسطينية هي مناطق محتلة وخاضعة تحت الاحتلال وتنطبق عليها اتفاقيات جنيف وتوجب على إسرائيل والمجتمع الدولي بشكل عام مساعدة المدنيين للعيش بكرامة وأمان، وعليه التدخل الفوري لوقف الممارسة الإسرائيلية وعلى مجلس الأمن أخذ قرار عملي يوجب على إسرائيل وقف هذه الإجراءات التعسفية. ميزانية خاوية وموظفون بلا رواتب يأتي هذه كله في وقت أعلن فيه وزير المالية الفلسطيني الدكتور عمر عبد الرازق أنه تسلم خزينة الوزراة خاوية ومثقلة بالديون. وقال أن السلطة لن تتمكن من دفع رواتب الموظفين ولا يمكنها تحديد موعد لصرفها بسبب الضائقة المالية الكبيرة التي تمر بها خزينة الحكومة بعدما جمدت إسرائيل تحويل مستحقات الفلسطينيين من عائدات الضرائب والبالغة نحو 70 مليون دولار شهريا. ودعا عبد الرزاق الدول العربية إلى المساهمة في انقاذ الوضع المالي الحرج للفلسطينيين. وفي الشأن الاقتصادي أيضا قررت شركة دور ألون الإسرائيلية وقف تزويد السلطة الفلسطينية بالوقود بشكل كامل بزعم تراكم الديون على السلطة والبالغة نحو 8 مليون دولار. وتعتبر شركة دور ألون المزود الوحيد للفلسطينيين بالوقود ولا يوجد لهم أي مصدر آخر بسبب انعدام سيطرة الفلسطينيين على حدود وبالتالي عدم تمكنهم من استيراد النفط من أية دولة عربية. وقالت مصادر إسرائيلية أن دور ألون كانت أوقفت قبل شهر واحد تزويد مناطق السلطة بالوقود لفترة أيام نتيجة نيلها شيك بمبلغ 103 ملايين شيقل من دون رصيد. وعادت "دور ألون" لتزويد السلطة بعدما قام الاتحاد الأوروبي بتحويل مبالغ للسلطة. هذا في وقت دعت فيه وزارة المالية الفلسطينية إلى أن تقوم الشركة الإسرائيلية باقتطاع مستحقاتها المالية من الأموال المحتجزة للفلسطينيين لديها من عائدات الضرائب.