قال تعالى:(اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) المراد بآيات الله:هو كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من آيات قرآنية وتعاليم سامية تهدي إلى الخير والفلاح. إذا كان هذا هو المراد بآيات الله،فما هو المقصود بأنهم اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً،وهل يجوز الاتجار بآيات الله؟ معنى أنهم اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً هو أنهم أي المشركين بما حملوا عليه من الغدر والطغيان والفجور عند القوة،والمداهنة والمخادعة عند الضعف استبدلوا بآيات الله المتضمنة لكل خير وفلاح، ثمناً قليلاً أي غرضاً حقيراً من أغراض الدنيا وزخارفها ووصف الثمن هنا بالقلة هو من الأوصاف الملازمة للثمن المتحصل بآيات الله؛ذلك لأن كل ثمن يؤخذ في مقابل آيات الله يظل قليل مهما بلغ من أغراض الدنيا وزينتها،فقد أعرضوا عن طريق الله الواضحة المستقيمة التي جاء بها نبيه ولم يكتفوا بهذا،بل حاولوا صرّف غيرهم عنها ولهذا توعدهم الله بالعذاب الشديد جزاءً لعملهم الذي كانوا يعملونه من صدودهم عن طريق الحق،وصدهم لغيرهم عنه ونقضهم للعهد الذي كان بينهم. قال تعالى:( فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ) (79)سورة البقرة وقال تعالى:( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلاَ تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناًّ قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ) (44)سورة المائدة، وقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن الاتجار بالدين كما أشارت الآيات الكريمة، أما أشكال الاتجار بالدين فكثيرة منها على سبيل المثال:- الاستغلال السياسي للدين ويتمثل في جعل الغاية من النشاط السياسي هي الدولة والسلطة وهذا لا يعني فصل الدين عن الدولة والسياسة،بل يجب أن يكون الدين هو الأصل والسياسة هي الفرغ وبمثابة الكل للجزء يحده فيكمله ولكن لا يلغيه،بل تخليص الديمقراطية من حيث كونها نظام فني لضمان سلطة الشعب ضدّ استبداد الحكام. الاستغلال الاقتصادي للدين ويتمثل في جعل الغاية من النشاط الاقتصادي هو الربح والوسيلة هي الدين،لذا وجب علينا إقامة نظام اقتصادي يعبر عن القيم النبيلة والحضارية للشخصية المسلمة ويهدف إلى مصلحة المجتمع ككل.