في مدينته القديمة بدأ مداعبتها في عمر مبكرة جدا, كرة القدم تشرفت بمعرفته في بيتهم قبل أن يعي الدنيا, تعلم أبجديتها من أخويه يحيى الملقب ب»وطن» والآخر خالد اللذين يكبرانه بسنوات, كانا قد سبقاه إلى اللعب في النادي, كان يتفحص ملابسهم الرياضية, ويحلم بأن يرتدي فنيلة من تلك التي يتزين بها إخوته, في أزقة مدينة إب ظهرت موهبته وفي أحواش المنازل الواسعة انتشر اسمه بين اقرأنه من الأطفال الذين كانوا يتسابقون للعب بجاوره، لقد كان انتقاله إلى المدرسة وحلمه بدأ يتحقق في اللعب بساحة مدرسة الثورة, مرحلة الابتدائية جعلت كل من يبحث عن الموهوبين يجد ضالته في هذا الفتى, وخلال تلك المرحلة تنافست على تسجيله الاندية الثلاثة في المدينة, الشعب زعيم المدينة حاول كثيرا ونادي الفتوة كاد ان يحظى به بحكم ان أخويه يلعبا ضمن صفوفه, ولم يدر بنفسه إلا لاعبا في صفوف السلام, لحظتها كان هناك صراع ثلاثي بين أندية مدينة إب لإثبات ان هذا الطفل مسجل في كشوفاتهم, ولكن فريق السلام هو الذي كسب في الأخير وانتصر بأحقيته بالموهوب الجديد أحمد البريد! لم يستمر البريد الصغير طويلا مع الفئات العمرية في فريق السلام, صعد بسرعة إلى الفريق الأول وبعمر 14, موهبته أجبرت المدرب ضمه لكي يلعب مع الفريق في الحديدة ضد شباب الجيل, هذه المباراة كانت في عام 1985م وكانت شهادة ميلاد نجم قادم للكرة اليمنية سيستمر يتراقص بسيقانه ويتلاعب بكرة القدم لقرابة عقدين من الزمن, هكذا كانت بداية القائد أحمد البريد لاعب نادي السلام سابقاً ونادي الاتحاد, لقد بدأ اللعب في مركز الدفاع وتغير مركزه مع احتياج وفكر المدربون إلى مركز الهجوم, وفي أوقات كان يضعه المدربون في مركز الارتكاز, وأخير لعب كصانع العاب خلف المهاجم وفي بعض الأوقات مهاجم ثاني, لكن الكابتن احمد كان يفضل اللعب في وسط الميدان, لان معاناته في قلب الهجوم وعدم إمداده بالكرات لتسجيل الأهداف جعلت منه صانع أهداف مميز وكذلك يستمتع جدا مع كل هدف يسجله زملاؤه المهاجمون! عرفت كرة القدم تلعب بالإقدام ومع مرور الزمن وارتباطنا بنجوم كثر أبرزهم احمد البريد عرفت أن لعب كرة القدم تبدأ بالعقل أما القدمان فهما وسيلتان للمساعدة وفي واقع الأمر كرة القدم من أكثر الألعاب التي تحتاج لإعمال العقل لكي تحدد متى تمرر الكرة في الوقت المناسب لصديق قريب منك في وضعية جيدة تسمح له بتناول الكرة مع شخص آخر دون تسرع, وكذلك العقل يساعدك على قيادة فريقك في تجاوز المباريات المعقدة واللحظة الصعبة في حال لم يعد بمقدور المدرب تغيير شيء في ارض الميدان, شاهدت احمد البريد يقوم بتلك المهام كثيرا خلال مشواره مع ناديه كقائد ومدرب يوجه زملاءه من أرضية الملعب, وفي مرات قليلة وجدته بصفة لاعب يتحول إلى مدرب يرسل التعليمات من على خط التماس, بل ان تلك المهمة الغريبة فعلها مع المنتخب الوطني لكرة القدم خلال تصفيات كأس آسيا عام 2000م في الكويت, عندما كان اتحاد الكرة متذمرا من المدرب الصربي زوران والذي أقاله بعد الخسارة من الكويت, ويتم بعدها تعيين احمد البريد في مهمة تدريب المنتخب الوطني, تحمل المهمة بنجاح وأعاد التوازن للمنتخب وانتصر المنتخب في باقي مبارياته ضد النيبال وبوتان وبنتائج كبيرة! أحمد البريد هو عنوان اللاعب المكافح والمثابر, يقاتل بشرف من آجل راية وشعار ولون فريقه, هو جزء مهم من تاريخ الرياضة اليمنية وعلامة بارزة في فريق الاتحاد, لقد كان صاحب اللعب الأنيق.. والأهداف الجميلة التي تشبه خفته وحركات سيقانه, كان يعشق التسجيل في الفرق الكبيرة نتذكر ذلك جيدا, سجل في مرمى أهلي صنعاء وكررها في مرمى جاره الوحدة, ولم يسلم منه حتى عميد الاندية اليمنية نادي التلال فقد سجل في مرماه أيضا, أيام مضت سريعا وظل احمد البريد حاملا على عاتقه فريق الاتحاد, وكذلك ظل الجمهور في محافظة إب وفي ربوع الوطن يتذكرون هذا اللاعب الأسطوري! في كل ميدان لعب فيه كان يدخل رافعا رأسه ويتجه بنظراته إلى الجمهور بكل فخر كان يعتقد أن فريقه هو الضلع الأضعف في المدينة, هكذا تتحدث الجماهير بشيء من السخرية والاستهزاء وفي بعض الأحيان من الواقعية والمنطق, وأنت دائما كنت تحاول أن تغير هذه المعادلة بصفتك القائد, كنت تحلم بتغير وجهة نظر كل من يرى ذلك صحيحا وقد نجحت مرات كثيرة, في لقاء الدربي تصبح مع فريقك ندا للضلع الأكبر والأقوى في المدينة, وعندما تنتصرون عليهم في مباراة تظل مع زملائك تحتفلون بها سنوات قادمة, لقد تعودتم على الاحتفال كثيرا عند الانتصار, تمتلكون جمهوراً وفياً يقدر ما تقومون به رغم إمكانياتكم البسيطة وهجرة مواهب المدينة الى الجار اللدود شعب إب, الأيقونة احمد البريد لقد تحملت عناء ذلك في مسيرتك الطويلة مع فريق الاتحاد, وبالمقابل لن ينسى جمهورك كل ما قمت وقدمت من أجل إسعادهم!