كلنا نعلم وندرك بأن الإسلام لم يعتمد في انتشاره في شتى أصقاع الأرض على الحرب وإنما اعتمد بالدرجة الأولى على الحكمة والإقناع، كما ان الله سبحانه وتعالى قد نبه المؤمنين بألا يكون استعدادهم الحربي أداة للقتل لمجرد القتل والطغيان بل إنه عندما أمرهم في قوله تعالى:(وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ) (60))سورة الأنفال،وهو الأمر الإلهي بوجوب الاستعداد بالعدة والعتاد لملاقاة أعداء الله أمرهم أيضا بأخذ الحيطة والحذر مما قد يحاك ضدهم من مؤامرات بين لهم أيضا في نفس السورة وفي الآية التي تلي هذه الآية ضرورة الأخذ بالأسباب المؤدية لإحلال السلام قال تعالى:( وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ (61))سورة الأنفال،ففي هذه الآية بين لنا سبحانه وتعالى أنه إن كان للمؤمنين في السلم مصلحة ومنفعة يجلبونها أو ضرّ يدفعونه فلا بأس من أن يبتدئوا هم بالسعي إلى السلم وليس معنى هذه الاستسلام والانقياد الأعمى بل بناء أي سلام وفق أسس ومعايير وشروط منطقية تضمن استمراره وعدالته،ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة وذلك عندما بين لنا الأسس التي يجب أن يرتكز عليها أي صلح أو اتفاق سلام وعلى سبيل المثال عندما عقد صلى الله عليه وسلم صلح مع أهل خيبر،فقد تم عقد ذلك الصلح على شروط وأسس،فلما نقضوها نقض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلحهم وحاربهم وأخرجهم من المدينةالمنورة ،فالميل إلى الصلح والسلم لا يكون إلا إذا مال الأعداء إليه وتركوا محاربة المؤمنين وخداعهم ،فإن أبدى الأعداء حسن نية وصدق في طلب السلم عندها فالله سبحانه وتعالى قد أمر المؤمنين أن يبذلوا ما بوسعهم في سبيل ذلك ونبههم إلى عدم الاتكال أو الاعتماد على شيء مما أعدوه من قوة،لأن قصارى الأمر أن ينتهي فيه إلى التوكل على الله سبحانه وتعالى ،لأنه هو الحامي لنا ومن يعطينا الحق فلا شيء يغيب عن سمعه أو علمه،فلا يجوز لنا أن نخلط بين التواكل والتوكل؛فالتوكل محله القلب لذا فلا نترك عمل الجوارح وندعي أننا متوكلون على الله،بل إن علينا التنبه واليقظة فكما للكلام دور للعمل أيضا أدوار لا يستهان بها لذا فلنعمل ونتوكل على الله في كل أعمالنا فهو خير وكيل.