ما أشبه اليوم بالبارحة فبقيام ثورة 13 يونيو التصحيحية بقيادة المقدم إبراهيم الحمدي عام 1977م قامت قيامة آل سعود ولم تقعد لإجهاضها مستخدمة كل الأسلحة شراء الذمم تأليب المشايخ تمويل الصحف استمالة القادة إثارة الشعب للقيام بثورة ضد هذه الثورة الفتية وهو نفس الشيء الذي قامت به وتقوم به حتى الآن منذ قيام ثورة 21سبتمبر 2014م في الأولى لمواجهة المد الشيوعي الماركسي وفي الثانية مواجهة المد الشيعي الفارسي و الفارق بين مصطلح الشيوعي والشيعي هو الياء.. الأول:يمثل الزحف الأحمر..والثاني:يمثل الزحف الأخضر..خوفوا السعودية بالأول طيلة نصف قرن ولم يهدأ لها بال حيث ظلت اليمن شغلها الشاغل..وعندما تنفست الصعداء وأصبحت قيادات الحزب الاشتراكي اليمني والقيادات التي كانت ترفع شعار التقدمية والقومية تحت تصرفها هدأت اللعبة واعتقدت بأنها قد انتصرت على البعبع الذي كان يقض مضجع بني سعود حتى وهم نائمون..لكن كانت المفاجأة هذه المرة اكبر..فلم يكد حكام السعودية يرتاحون حتى ظهر لهم بعبع آخر متمثلا في الزحف الأخضر لدرجة جعلتهم من شدة خوفهم يتحالفون مع الشياطين ليشنوا عدوانا على اليمن كونها في اعتقادهم تمثل عليهم الخطر الاكبر فوقعوا في ورطة من الصعب الخروج منها الا بهزيمة مدوية تلحق بهم أو بسقوط نظامهم السعودي إلى الأبد وقد عرف رئيس الإدارة الأمريكية ترامب كيف يتلاعب بأعصابهم ويجعل منهم بقرة حلوب تدر عليه خيرها يوميا وعندما يجف ضرعها كما قال سيتم ذبحها.. نفس الأدوات المستخدمة الأخوان المسلمون والسلفيون الوهابيون هم السلاح والحطب في المواجهتين وهم الأبواق الناعقة لتمرير العدوان ضد الحمدي سابقا وثورة التصحيح و ضد انصار الله وثورة 2014 التصحيحية ..كانوا يصرخون قديما الشيوعيون الكفار الملاحدة وهم يعنون اليمنيين طبعا وهو ديدنهم اليوم المجوس الروافض ..لم يتمكن آل سعود بمساعدة هؤلاء الأبواق التنابل من تأليب المجتمع على الحمدي للقيام بثورة ضده فأقدموا على اغتياله وكذلك لم يتمكنوا في مؤتمر الحوار من تأليب المجتمع على ثورة 21 سبتمبر وحاولوا مرارا اغتيال قائدها وحين عجزوا شنوا العدوان على اليمن .. ما سر هذا العدوان وهل هو ذريعة للسعودية لإبقاء اليمن تحت سيطرتها أم أن قوى كبرى هي التي جعلت هذا البعبع يعشعش في عقول ملوك آل سعود يقول الباحث احمد يحيى الديلمي»تمحور طرح الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي في الاجتماع المغلق مع الأمير سلطان بن عبدالعزيز في صنعاء على هامش اجتماعات مجلس التنسيق المشترك في الاحتجاج على تصرفات السفير السعودي والملحق العسكري صالح الهديان، قال الحمدي لسلطان «نحن لا نعترض أن يكون للسعودية أعوان وأتباع وأن تكون لهم ميزانيات ومخصصات لكننا نرفض أسلوب مدهم بهذه الميزانيات بشكل مباشر ما تقومون به يعد انتهاكاً للسيادة والاستقلال ولقد رفعت جهات رسمية إلى مكتبكم بهذا الشأن وتصدرت التقارير شكوى مرة من تصرفات صالح الهديان الملحق العسكري الهوجاء، الرجل يتصرف وكأنه حاكم عسكري على اليمن، اسوأ ما يقوم به انه يتواصل مع جماعات متمردة يمولها ويحثها على القيام بأعمال تخريبية بهدف تقويض الدولة لماذا لا تختصروا الطريق وتبعثون بالمخصصات التي تعطونها لأتباعكم عبر القنوات الرسمية كما يحدث في الأردن، أما بقاء الوضع بهذه الشاكلة فإنه يضاعف نزعة التمرد على الدولة ويزيد من الرغبات العدوانية المشبوهة التي تمارس العدوان بكل أشكاله بالذات من قبل الإخوان المسلمين والجماعات السلفية الجهادية، نحن نقدر للمملكة احتضانها ودعمها للمغتربين اليمنيين ونأمل أن تكون علاقتنا قائمة على حسن الجوار والاحترام المتبادل وخدمة المصالح المشتركة، أخشى ما أخشاه ان هذه الجماعات السلفية التي تسعى الى زعزعة الأمن تتنمر وتوجه بنادقها صوب المملكة، لماذا لا نتفق على مبدأ مقاومة هذه الجماعات وإعادتها إلى الصواب؟ أجاب سلطان: نحن في المملكة نركز على مواجهة المد الشيوعي في الجنوب وقمع الاحزاب السياسية الموالية للشيوعيين هذه الجماعات خطيرة، لا يجب أن نسمح لها ان تفرض قوة حضورها في اليمن، وجهودها خطر داهم علينا وعلى اليمن، يستدرك سلطان متسائلاً لماذا تغضون الطرف عن مساعدة العراقيين والسوريين للبعثيين وليبيا للناصريين وروسيا والصين ودول المعسكر الشرقي للشيوعيين؟ الحمدي: الدولة لا توافق على أي مساعدات للاطراف الوطنية وحامية للاستقلال، إلا أننا لا نرى خطورة كبيرة في هذه المكونات السياسية، لأن لديها نهجاً معروفاً ويسهل الحوار معها وهذا ما نقوم به الآن مع عدد من الأحزاب اليسارية التي تقاتل في المناطق الوسطى باسم المقاومة، من خلال الحوار سكت صوت البنادق وامتد الحوار الى أخواننا في الجنوب، أنا على اتصال دائم بالأخ الرئيس سالم ربيع علي وأنا على يقين ان هذا التواصل سيترجم أعظم حلم لأبناء شعبنا ممثلاً في إعادة تحقيق الوحدة اليمنية حلم كل اليمنيين، المعلومة أفزعت الأمير سلطان نزلت على رأسه كالصاعقة تكهرب وجه الامير وقام بطريقة هستيرية من أمام الرئيس الحمدي، غادر المكان دون ان يستأذن بعدها غادر مقر إقامته في قصر الضيافة إلى المطار، ما اضطر الجانب اليمني في المجلس برئاسة المرحوم عبدالعزيز عبدالغني إلى اللحاق به مع الجانب اليمني وتم عقد لقاء شكلي في المطار كايحاء للآخرين بأنهاء الجلسة الأخيرة لمجلس التنسيق اليمني السعودي، تم التوقيع على بيان صوري باستحضار بيان الدورة السابقة والاكتفاء بتعديل التواريخ فقط. اتضح فيما بعد أن الأمير سلطان كلف الهديان الملحق العسكري بدعوة أكبر عدد من المشايخ غير المألوفة قلوبهم المسجلين في مكتب اليمن بدعوى مواجهة الخطر الشيوعي الداهم الذي يتهدد الإسلام والمنطقة بشكل عام، إن تمكن الحمدي من التفاهم مع الشيوعيين واستقطابهم من عدن إلى صنعاء، روى لي هذا الكلام الأخير المرحوم الشيخ عبدالوهاب سنان شيخ مشايخ أرحب، الذي رأس وفد المشائخ إلى السعودية حيث قال لقد فوجئ الجانب السعودي أن 90٪ من المشائخ الذين لبوا دعوة الأمير سلطان رفضوا بشكل قاطع الخطة المعدة من قبل السعودية والتي تقضي بفتح جبهة عسكرية بهدف إسقاط الحمدي، كان العدد أكثر من أربعين شيخاً وعند عودتهم أفصح البعض عن بواعث اللقاء اثناء مقابلة الأمير سلطان تمثلت في توسيع المعارضة للرئيس إبراهيم الحمدي وإسقاطه عسكرياً قبل أن يكمل مشروعه الخبيث ضد الإسلام حسب وصفات سلطان ومواجهة نظام صنعاء وإسقاط الرئيس الحمدي بقوة السلاح، كان مكتب اليمن الذي يرأسه سلطان قد أعد العدة لإقناع المشايخ، بما في ذلك استقدام علماء دين يمنيين من الاخوان المسلمين واتباع السلفية الوهابية، سمعنا منهم محاضرات ركزت على مخاطر بقاء الحمدي على اليمن والإسلام ويستدرك الشيخ عبدالوهاب مالم يدركه الجانب السعودي ولا رجال الدين المأجورين أن اليمنيين حتى الأميين منهم يمتلكون وعياً وبصيرة ثاقبة تمكنهم من معرفة مالا يمت بصلة إلى الحقيقة وما هو كاذب هدفه الخداع والتزييف وتمرير رغبات مشبوهة، إذ سرعان ما كشفنا زيف المواعظ التي كانت تتم بشكل مكرر للتفاصيل التي استمعناها من الأمير سلطان بشكل مباشر، وأقسم سلطان يميناً بأن الحمدي جاهر بالعداء المطلق للإسلام، تعمد الأمير إثارة نزعة العداء لدينا للحمدي فقال: لقد طلب منا العون للخلاص من القبائل والمشائخ بشكل عام لأنهم رمز التخلف كما قال، يستدرك الشيخ سنان الجديد في كلام الوعاظ كان التباكي على الدين والقيم والأخلاق والتلويح بالمخاطر التي ستحدث في حال الصمت على الحمدي، قال احد الوعاظ وهو من أرحب كيف سيكون حال اليمني عندما يفاجأ أن أمواله سلبت وزوجته خرجت عن طوعه، لم أحتل قاطعته قائلاً يا شيخ: أنت من عندنا تكلم بقدر ام مقسوم اللي وقع لك، لا تسود وجه أرحب، كأنه أخذ الملاحظة على محمل الجد غير الموضوع في الحديث عن الخطر الشيوعي على الإسلام بشكل عام، بينما ظل الآخرون يتباكون على الإسلام والمستقبل المظلم الذي ينتظر اليمنيين إذا لم تتم مواجهة الشيوعيين المغامرين في عدن، وترك الحمدي للتوحد معهم، يضيف الشيخ عبدالوهاب سنان.. هذا الكلام أدى إلى ردة فعل قوية لدينا، اتفقنا على رفض فكرة القتال المسلح وطلبنا مهلة للعودة إلى صنعاء للتشاور مع بقية المشائخ وبلورة فكرة ملائمة تجنب اليمنيين سفك الدماء، بررنا هذا الطلب بأن آثار الحرب ومآسيها لا تزال قائمة، وجروح السنوات السبع المؤلمة لم تلتئم بعد، يضحك الشيخ عبدالوهاب ويضيف: كان لهذا الموقف ثمنه الباهض علي شخصياً إذ عدت إلى اليمن بخفي حنين ولم أتسلم المبالع التي وعدونا بها، ولكنا اكتفينا بذلك الموقف والعشر الجنيهات الذهب التي سلموها لنا عند الوصول، عدنا إلى صنعاء، أنا شخصياً قابلت الرئيس الحمدي- رحمه الله- وكانت مفاجأة بالنسبة لي أنه كان على علم بموقفنا في السعودية، عانقنين بحرارة وقال: نعم الموقف يا شيخ عبدالوهاب وطلب مني بعض التفاصيل فاطلعته عليها ثم نصحته بالحيطة والحذر وقلت له السعودية اتخذت قرارها للخلاص منك بمباركة أمريكا والعملاء في الداخل أعدوا العدة للتنفيذ، وهم يمارسون لعبة كسب الوقت فقط إلى أن تتهيأ الظروف والوقت الملائم، لأول مرة أجد الرئيس الحمدي بذلك السخاء فقط أعطى لي مبلغاً كبيراً قال وهو يضحك.. هواجس السعودية ودور أمريكا يبدو أن الأمير سلطان بن عبدالعزيز لم يكتف بإبلاغ القنوات الاستخبارية الموجودة في السعودية، لكنه نفذ بنفسه إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقابل الرئيس الامريكي جيمي كارتر ووضعه في صورة ما يجري في اليمن كما أشار إلى ذلك هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي السابق في لقاء مطول نشرته صحيفة وول ستريت جورنال في حلقات، فاشار إلى أنه عزز هواجس الأمير سلطان وطالب بكبح جماح الحمدي قبل أن يتحول إلى عبدالناصر الجديد في المنطقة بحسب كسينجر رد الرئيس كارتر مخاطباً الأمير سلطان لا تقلق نحن نراقب الأمور عن كثب، يستحيل أن نمكن الحمدي من الاقدام خطوة واحدة إلى ما يفكر فيه أو يقدم على أي فعل لان هذا سيخل بالتوازنات ويهدد مستقبل المصالح في المنطقة حتى الروس يوافقونا هذا الرأي ولن يسمحوا بخروج جنوباليمن عن سيطرتهم المباشرة انتهى كلام كسينجر. بالفعل اتفق موقف الاتحاد السوفيتي مع وجهة النظر الأمريكية حدث تحول مفاجئ في مسار الأحداث فلقد عمد الاتحاد السوفيتي إلى تشكيل لوبي معارض للوحدة في عدن من اعضاء المكتب السياسي وكبار المسؤولين وهذا ما سنوضحه لاحقاً كماجاء في إيضاح المناضل الوحدوي الكبير الأستاذ عمر الجاوري رحمه الله. تسارعت الاحداث بشكل لافت وإذا بوزير الخارجية آنذاك عبدالله الاصنج يبلغ الرئيس الحمدي أن السفيرين الامريكي والروسي طلبوا اللقاء به سريعاً كل على حده وأفاد ان المواضيع التي سيناقشونها معه لا تحتمل التأجيل فوافق على الطلب وحدد اللقاء مساء نفس اليوم. لم نعثر على أي تفاصيل عما دار بين السفيرين والرئيس وكل ما عرفته ان السفير الامريكي خرج بوجه متهجم وكأنه خرج للتو من مشادة وعراك كذلك ظهر الغضب على ملامح سفير الاتحاد السوفيتي وان كانت اقل حدة وعندما بدأت رحلة البحث الشاقة عن اي تفاصيل تسهم في توضيح الحقيقة بالتحديد في بداية حكم الرئيس علي عبدالله صالح وقد اصبحت مكلفاً بتغطية اخبار وزارة الخارجية كان هاجس البحث حاضراً في ذهني بقوة الإصرار مكنني من اختراق حاجز التحفظ كنت اتجاذب اطراف الحديث مع أحد المقربين من الاصنج نفخت فيه روح الذكاء ومعرفة بواطن الأمور أجاب ما زلت اذكر في تلك الليلة كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة غادر كل الموظفين لم يبق في الوزارة إلا الأستاذ وأنا يقصد الأستاذ الأصنج، اتصل الحمدي وبادرت الى تحويل المكالمة وظلت السماعة مفتوحة عندي كان الحمدي يصرخ بطريقة هستيرية ويتلفظ بسيل من الشتائم ثم سأل الاصنج بنفس النبرات الغاضبة لماذا لم تخبرني عن السبب الحقيقي الذي جعل السفيرين الأمريكي والسوفيتي يطلبان مقابلتي انت معي وإلا معهما يا عبدالله لماذا كل هذا التهور في خدمة الآخرين على حساب مصلحة الوطن. هذه اليمن ولادة إذا ذهب الحمدي سيأتي ألف حمدي نطق العبارة الأخيرة وأطبق السماعة، لم يسمح للأصنج بان ينطق بكلمة واحدة، يضيف نفس الشخص بعد ذلك سمعت الأستاذ يرد على متصل آخر ويقول الوضع الذي وصل اليه الرئيس صعب لا يطمئن احداً، مواقفه الهستيرية تدل بأنه فقد الثقة في كل الناس. توالت التجاذبات وحالات المد والجزر ووصلت الأمور إلى ما يشبه المواجهة المفتوحة بين الحمدي والغشمي بدأ الأخير يتصرف كانه الند والطرف الأقوى يستهدف المقربين من الحمدي ويودعهم السجن والحمدي يراجعه. »علي بن مسلم« غراب البين: في تلك الأجواء المكفهرة حضر المستشار علي بن مسلم المسؤول الثاني عن ملف اليمن بعد سلطان على متن طائرة خاصة تحت ستار أنه يحمل رسالة خاصة من ولي العهد نائب الملك آنذاك الأمير فهد بن عبدالعزيز بالفعل التقى الحمدي وسلمه الرسالة التي لم نتمكن من معرفة ما جاء فيها وبعد اللقاء ودع الحمدي ورفض دعوته للبقاء لتناول طعام الغداء بحجة ارتباطاته الكثيرة.