إن أسوأ أنواع الخيانة هي خيانة الله ورسوله، وخيانة عباده، وخيانة النعم والوطن، وخائن الوطن هو خائن لله ورسوله، فإن الله تعالى أمر بالإحسان والوفاء والمحافظة على نعمة الوطن وصاحب الخيانة ينقض ذلك كله، فهو بعيد عن الإحسان، متجرد عن الوفاء، ساع في زوال النعم، ممسك عن إعطاء الحقوق، ماش في طريق الهدم والخراب والدمار. إن خائن الوطن هو الذي يتلاعب باسم الدين وبعقول الناس لمقاصد سياسية وأجندات خارجية وأطماع حزبية.. خائن الوطن هو الذي يحزِّب الناس ويكتِّلهم حول نفسه وحزبه ليفسد عليهم علاقتهم بوطنهم ومجتمعهم.. خائن الوطن هو الذي يسعى لنشر الفتن في دولته، ويجتهد في زعزعة أمنها واستقرارها، ويبتهج إذا نالها سوء.. ويجر الناس إلى الكوارث والويلات ويغرقهم في بحور الدماء والتطاحن وهو الذي يختلق الإشاعات والأكاذيب، ويروج لها في الآفاق، ويفرح بتشويه سمعة دولته والإساءة إليها.. وهو الذي يفر هارباً من وطنه، ويتعاون مع التنظيمات الحزبية والمنظمات الخارجية، يحرضها ضد دولته، ويمدها بالمعلومات المغلوطة، إن خيانة الوطن قبيحة، ولكنها تزداد قبحاً في وقت الشدائد والمحن، حينما يتكالب المتكالبون لنشر الفتن والفوضى في أوطان المسلمين، فيستغل خائن الوطن ذلك وينضم إلى ركب المغرضين، ويصطف مع الحاقدين، ويتباهى بذلك جهاراً نهاراً في وقت يتلاحم مجتمعه لصد الفتن، ويتراص أبناؤه لحماية وطنهم من الشرور والمحن، فما أقبح هذا الخائن الذي تفرد عن هذه الجموع الطيبة وتخلف عن مقاصدهم النبيلة، ووقف بكل وقاحة يرشق دولته بأحجار الحقد والخيانة، ويطيل لسانه بالشتم والإساءة، والأدهى أن تنقلب موازينه، وتعمي الحزبية بصيرته، فيرى الباطل حقاً والحق باطلاً، ويعتبر ما يفعله من إساءات بطولة وشجاعة، وما ظهور وزير خارجية ما يسمى بالشرعية اليماني جالسا إلی جوار نتنياهو في مؤتمر وارسو إلا خير دليل على الخيانة للوطن وللعروبة والإسلام ويمثل مزيدا من الطعنات التآمرية في ظهر الأمة العربية والإسلامية وقضاياها المصيرية.