لقد كانت من مظاهر حب الله سبحانه وتعالى لبني آدم متمثلةً في آدم عليه السلام أبو البشر الذي خلقه الله سبحانه وتعالى بيده ونفخ فيه من روحه بل وأمر الملائكة بالسجود له،وهو عندما خلقه لم يتركه هكذا بل علمه لكي يقوم بمهمة الاستخلاف على الأرض وحذره من كيد الشيطان, ذلك العدو المتربص ببني آدم جميعا ليصدهم عن الهدى ويبعدهم عن عبادة خالقهم، وقد ذكر الله تعالى قصة آدم مع إبليس وكيده له ولزوجته حواء ومن ثم خروجهم من الجنة وهبوطهم إلى الأرض كنموذج للصراع الدائر بين الحق والباطل، وقد وجه الله سبحانه وتعالى لبني آدم نداء يحذرهم فيه من الوقوع فيما يريده لهم الشيطان من الزلل والشرك بالله،قال تعالى:(يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (27) سورة الأعراف ومن مظاهر حبه لهم أيضا أمره لهم بصيانة وحفظ أنفسهم وأولادهم بترك المعاصي وفعل الطاعات والالتزام بتقوى الله وأرشد من أساء منهم للاتجاه نحو التوبة النصوح الصادقة قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8))سورة التحريم.. والتوبة النصوح هي ما جمعت بين ثلاثة شروط لابد توافرها: • الإقلاع عن الذنب. • الندم على ما حدث. • العزم على عدم العودة إليه وردّ المظالم لأصحابها. فإذا التزم المؤمنون بهذه الشروط فقد أوجب الله سبحانه وتعالى على نفسه قبول توبتهم،بل ووعدهم بمحو ذنوبهم ومن ثم إدخالهم الجنة تفضلا منه وتكرما لأن العظيم إذا وعد وفى، ومن إكرامه وإعزازه لهم تمييزهم يوم القيامة بنور الإيمان الساطع من أمامهم وخلفهم وعن أيمانهم وشمائلهم كإضاءة القمر في سواد الليل فكانوا يدعون ربهم بأن يمن عليهم بهذا النور ليقينهم الذي لا يخالطه أدنى شك بقدرة الله سبحانه وتعالى على كل شيء وأنه وحده من يملك أن يمنحهم المغفرة والرحمة أو يعاقبهم ويعذبهم فكل شيء بيده،لذا فقد امتثلوا لأوامره بجهاد الكفار والمنافقين بالسيف والسنان والحجة والبرهان. وعندما خاطب الله المؤمنين في القرآن الكريم بلفظ العبودية كان هذا الخطاب تشريفاً لهم،وبالمقابل فقد صور لهم بشاعة وقبح حال علماء السوء الذين رزقوا العلم النافع ولم يعملوا به, بل استعملوه في اللهث والتكالب على جمع حطام الدنيا الفاني فكان ذلك خرابا ووبالاً عليهم؛ لأنهم لم ينتفعوا بهذا العلم ولم يستقيموا على طريق الإيمان واتبعوا الشيطان فكانوا من الغاوين الخاسرين قال تعالى:(وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ القَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سورة الأعراف.. ولهذا كانت الكرامة والعزة في الدنيا والآخرة لمن أقام شعائر الله والدين القويم وتمتع بكل الصفات والخصال التي حباها الله عباده الصالحين الذين استحقوا محبته ورحمته وغفرانه جعلنا الله وإياكم منهم.