المقالح الإنسان الذي عصرته الأحداث وعصرها شعراً ونثراً.. عندما نقرأ أو نستقرئ شعره تورق وجداننا بالرغم من الظمأ والبؤس والفاقة التي يعيشها الوطن.. المقالح صفحات تاريخ مدونة من نور.. رحلة زمن مليء بالدروس والعبر.. محطات حياة لا تتوقف.. شاعر اليمن الكبير اليوم يصارع أحاسيسه المتضاربة.. ومشاعره المتصارعة آملاً لوطنه كهزار في عُشه يتغنَّى.. رغم الكبول.. ونواح الطلول.. ستظل هواجس الوطن شغله الشاغل رغم جراحه النازفة, وذاكرته الجريحة.. يرسل رسائل صامتة بأسلوب يقطر دماً وشجناً ما يشعر به من ألم ومرارة وحزن.. وما يمر به الوطن من وحشةٍ عارمة.. وحشة منفى ومنفى وطن.. ومنفى هوية في زمن مقفر..عندما نستقرئ أبيات من شعره تعود بنا الذاكرة إلى محطات غابرة.. التي يقول فيها: “الرحلة قادمة وقطار الفجر يسير لا تنكسري “صنعا” لا تجزع يا “نقم” التحرير النيل يطير.. النيل إليك يطير تحمله الشمس.. تطير به فوق صحارى الليل العطشى فوق حقول “البن” المهجور لن يرجع إليك يا صنعاء ليل الأمس المقبور..” هكذا سيظل المقالح سيفاً مصلتاً على رقاب أعداء الوطن.. رغم معاناته وآلامه.. ينام على حصائر الأرق والقلق.. من أجل وطن يُذبح ليل نهار بسيوف أبنائه. أليس هو القائل: “على شفتيك، بعينيك عاصمة تتحطم وبين يديك وضعتُ جراح اليمن وفوق الرمال نثرت اغترابي وما أبقت السنوات العجاف وأبقت رياح الزمن ولم تُبق شيئاً سوى صرخة تتكسر..” المقالح صفحات تاريخ لن تتكرر.. أثقلته هموم الوطن.. ومعاناة منفى الجراح حتى أصبح طريد الهم.. شريد الذهن.. جريح الفؤاد.. كحال وطنه اليوم.. رغم هذا وذاك سيظل المقالح الإنسان.. الشاعر المبدع.. الأديب الأريب.. أُمّةً في وطن.. ووطناً في أُمّة.. وكتاباً مرقوماً لم يُقرأ بعد.. “حيث لا شيء جديد.. حيث لا شيء مفيد”.. فالمقالح شاعر اصيل، استمد طموحه من هذه الأرض التي ارتوت من عرق الكفاح والنضال.. وازدانت بدماء شهدائه الأبطال التي بذلها الرجال الشرفاء المناضلون عبر التاريخ في سخاءٍ غير محدود.. وعطاء غير مسبوق.. فاختار طريق البذل والعطاء والحرية.. يحدوه الأمل.. وتدفعه أشواق الحرية والخلاص الى المضي قدماً نحو غايته.. ومهما طال ليل الطغاة.. فان الدماء التي سالت على هذه الأرض لم تذهب هدراً.. بل تتحول الى شعاع من نور يضيء قلب الظلام، ويهدي السائرين على الطريق الى الهدف المنشود.. وجدير بهذا الشعب الأبي ان يؤمن ايماناً يقينياً بالله وبان نصر الله قريب من عباده المتقين.. وان ينفض عن نفسه ظلام اليأس والبؤس والقنوط الذي يخيم عليه.. فمن اعماق هذا الظلام الدامس يطل الأمل.. ويبزغ فجر الحرية والعدالة والمساواة.. كلمة أخيرة: أرسلها عبر الأثير.. ألا يحقُّ لنا تكريم هذا العملاق الذي أفنى زهرة عمره من أجل الوطن أرضاً وإنساناً ووحدة وهوية.. ولو بكلمة وفاء جبر خاطر..؟! نسأل الله أن يمدَّه بالصحة, ويديم عليه العافية والحيوية.. إنه قريب مجيب سميع الدعاء..!!