في هذه القصيدة تتجسد رؤية البردوني القارئة للمستقبل وكأنه يقرأ المشهد الحالي فمن حاضره يبني على التوالي وفق واقعه تنبؤات ما هو واقع لاحقاً.. هو يومي ولا يفصح فهو يجد أن صديقه تحت الأرض وفي شبرين منها في فضاء أوسع منه فهو وإن كان حياً يحمل حتفه معه في مرثاته لصديقه يرثي نفسه وينبئنا عن نوع الموت الذي سيباغته في إشارة إلى توجسه من اغتياله على أيدي من يطالهم شعره خاصة أعداء اليمن تتنوع مشاهد الموت من سوق بالمفخخات إلى مآدبة في قتل الحمدي إلى مكتب كحالة الغشمي ..إلخ. ثم إلى الموت الإبادي وهي الحروب العدوانية التي تشن على بلادنا.. وهو يشخص حالة المرتزقة الذين يرون في العدوان هم الأخوة بينما يصبح الأخ هو أعدى الأعادي.. ينتقد أيضاً حالة جمود المشاريع في حواريه ساخرة تحارب الرشوة والفساد والولاء الخارجي وتعرى العدو الحقيقي للأمة وهو الامبريالية العالمية التي يحرس الأثرياء كحكام دول الخليج في صورة «عيسى» وهي الأكثر سادية ودموية.. فإلى القصيدة: يابن أرضي لم تغب عن صدرها بل تحوّلت جذوراً لامتدادي بيتك الثاني ذراع مِن دمي وأنا بيتي دم الطيف القتادي عندك النوم الطفولي، وأنا لي زغاريد الصواريخ الشوادي لنثيث الصمت تصغي، وأنا في زحام النار أُصغي لاتِّقادي
أدَّعي الحشد أمام المعتدي ثم يعدو فوق أنقاض احتشادي وبرغمي يصبح الغازي أخي بعدما أضحى أخي أعدى الأعادي
كيف أمحو كل هذا؟ دلِّني لا تقل - أرجوك - دعني وانفرادي ياصديقي أنت أدنى مِن فمي فلماذا أنت أنأى مِن مُرادي؟ أنت في البعد قريبٌ، وأنا في غياب القرب مثلي في ابتعادي أنت في شبرين مِن وادٍ، أنا خلف حتفي هائمٌ في غير وادي
ياصديقي لبِّني أو نادني لم يعد لي مَن أُلبِّي أو أُنادي كنت تأبى الصمت بل سمَّيتَهُ غير مجدٍ: فهل الإفصاح جادي؟ يا صديقي أسفر اليوم الذي كان يخفى، وتراه نصف بادي كنت تنبي عن حشا الغيب كما كان ينبي ذلك (القَس الإيادي)
ربما تبغي جديداً، حجمهُ ندّ عن وصفي كما أعيا ازدرادي بعد أن متَّ، مضى الموت الذي كان عادياً ووافى غيرُ عادي.. صار سوقاً، عملةً، مأدبةً مكتباً، مسعى يسمى بالحيادي في التراثيات دكتوراً، وفي غرف التعذيب نفسياً ريادي
ويسمى فترةٌ ضيف الحمى فترةٌ يدعى: الخبير الاقتصادي يدخل القهوة مِن فنجانها مِن غصون القات يغشى كل صادي يحرس الأثرى، يباكي مَن بكى يرتدي أجفان «عيسى» وهو «سادي» يا صديقي لا تقل: زعزعتني قم وقل: يا قبر فلتصبح جوادي ذلك الموت الذي لاقيتَهُ مات يوماً، وابتدى القتل الإبادي ومدى الرعب الذي تذكرهُ عدّد الأشواط، غالى في التمادي ذلك السهل الذي تعرفهُ بات سجناً لصقه سجنٌ ونادي
مجلس الشعب ارتقت جدرانهُ قال للجيران: ضيقوا مِن عنادي فأجابوا: ما كهذا يبتني بيته، بل يبتني أقوى المبادي
ربما تسألني عن (مأربٍ) وانبعاث (السد) و(الشيك الزيادي) ذكريات (السد) آلت طبخةٌ ثم عادت ناقة مِن غير حادي كل مشروعِ على عادته عنده التأجيل كالقات اعتيادي
و (أبي هادي) أتدري لم يعد أعزباً، قد زوَّجوهُ (أُم هادي) فأرتقب ذريَّةٌ ميمونةً قبل أن تستلطف العرس الحدادي قل لمن أغرى انتقادي بعدما نزل القبرَ علا فوق انتقادي يا صديقي ما الذي أحكي، سدىً تستزيد البوح، ما جدوى ازديادي؟ شاخت الأمسية المليون في ريش صوتي وانحنى ظهر سهادي والسكاكين الشتائيات كم قلن لي: يانحس جمّرت ابترادي الشظايا تحت جلدي، والكرى خنجرٌ بين وسادي واتسادي
أنت عند القبر ساهٍ، وأنا أحمل الأجداث طرّاً في فؤادي أتراني لم أجرب جيداً صادروا خطوي، وآفاق ارتيادي مِن نفايات عطاياهم يدي وجبيني، وبأيديهم عتادي
أنت غافٍ بين نومين، أنا بين نابيَ حيَّةٍ وحشٌ رقادي متَّ يوماً ياصديقي، وأنا كل يومٍ والردى شربي وزادي أنت في قبرٍ وحيدٍ هادئٍ أنا في قبرين: جلدي وبلادي إنما ما زالت الأرض على عهدها، والشمس ما زالت تغادي