حقائق تاريخية تثبت بأن ما يوازي مساحة أراضي دولة الكويت حالياً التهمه التوسع الوهابي في نجد والحجاز وهذه الأراضي التي كانت إلى 6يناير من عام 1920م جزءًا من دولة الكويت هي ما تعرف اليوم ببعض المناطق الشرقية للملكة السعودية مثل مناطق الإحساء والدمام والقطيف وغيرها.. ان التوسع الوهابي الذي بدأ بقضم جزء كبير من أراضي دولة الكويت وإن كان هو الأول لكنه لم يكن الأخير فقد تبع ذلك زحف مبرمج في الأراضي اليمنية والقطرية وغيرها من دول الخليج العربي والعراق ساهم في بسط ما يعرف اليوم بسلطة آل سعود. إن اتفاقية الحماية التي وقعتها الكويت مع بريطانيا في آخر عامين من القرن قبل الماضي قد أخلت بريطانيا ببنودها بعد21عام بل إنها ساعدت الوهابيين على احتلال الأراضي الكويتية.. مما جعل المثل المأثور القائل:»حاميها حراميها» ينطبق على المملكة المتحدة البريطانية التي لا تغيب عن أراضيها الشمس والمسماة «بريطانيا العظمى» وحتى لا يتهمنا بعض القراء الخليجيين أو حتى بعض القراء اليمنيين من الصلصاليين بالتهويم أو انعدام الدقة والموضوعية في طرق مواضيع كهذه وهي بالطبع هامة.. اود في هذه التناولة الاستناد الى وثائق وحقائق تاريخية ألا وهي ما كتبه الأمين العام الأسبق لمجلس التعاون الخليجي والسفير الأسبق للكويت في الأممالمتحدة الدبلوماسي والكاتب الكويتي المعروف الأستاذ عبدالله بشارة في مجلة «العربي» العدد 609 لشهر اغسطس عام 2009م- أي قبل عشرات سنوات بعنوان «الكويت.. وأوجاع الجغرافيا» سبقه عنوان صغير مظلل موسوم: «الكويت لمحات من الحاضر والماضي». الموضوع كبير 14صفحة تحديداً من ص62 الى ص75 واسماه تواضعاً»مقالة» وهو في معظمه رداً على العراقيين الذين اثاروا حينذاك موضوع الحدود مع بلاده.. وكأنه يقول لهم لماذا تنبشون هذا الموضوع الذي نشبت بسببه حروب هلك في اتونها الآلاف من البلدين وتضرر من نتائجها مليون مغترب يمني بالإضافة بضعة ملايين من دول العالم الأخرى؟؟ وقال عبدالله بشارة في افتتاح المقالة كلاماً مختصراً ومفيداً من أربعة أسطر هذا نصها:»مرة أخرى تثير العراق مشكلة الحدود بينها وبين الكويت، كأن كل ما اريق من دماء، وما حدث من دمار لم يكن كافياً. وقال إن مقالته ترصد جذور المشكلة، آملة أن تهدئ حقائق التاريخ مزاعم الحاضر، وتعيد السكينة بين الشقيقتين المتجاورتين». يقصد العراقوالكويت وفي بقية الموضوع كما اسلفت نحو75% يخص شأن المنازعات الحدودية بين العراقوالكويت منذ أواخر القرن قبل الماضي وحتى أواخر القرن الماضي. وفي صياغ السرد التاريخي للمقالة فقد كتب عبدالله بشارة- الله يبشره بوجه النبي- أسطر وفقرات تخص الوهابية اسماها تلطيفاً ب»حركة الإخوان النجدية المتشددة» ملاحظة: لو الأستاذ عبدالله بشارة وصف حركة الإخوان النجدية المتشددة ب»الوهابية والظلامية» و»التدميرية» لكان السعوديون سيقيمون الدنيا عليه ولن يقعدوها وحتى أصحابه الكويتيين سيلومونه او يؤنبونه وربما يعاقبونه. عودة الى الموضوع: أنا لا اود الخوض بمعظم ما جاء في مقالة الاستاذ عبدالله بشارة خاصة فيما تتعلق بالشأن الحدودي العراقيالكويتي.. واكتفي بالقول ان الجنب العراقي من أيام الملك فيصل وبعده ابنه غازي وما تلا ذلك من السلطات العراقية المتعاقبة ثورية او رجعية او بعثية او غيرها كانوا هم المتعنتين.. أما الكويتيون فقد كانوا على حق وفقاً للوثائق التاريخية التي قراناها قبل ان نقرأ المقالة الرائعة للأستاذ عبدالله بشارة والتي كانت ضافية وموضوعية وفق تسلسل تاريخي واقعي.. كما اكتفي بالقول ان ترسيم الحدود بين العراقوالكويت بقرار من مجلس الأمن الدولي ممثلاً بالإجماع العالمي هو ترسيم نهائي ولا فائدة للخوض فيه. اما الشأن الآخر من المقال ويشكل 25% والذي يخص الشأن الوهابي او يتعلق بالاستعمار البريطاني فانا اود بل وارغب الخوض فيه خاصة ان تعرية الوهابية السعودية تعد من الأعمال البطولية وخليس الامبريالية البريطانية تعد أيضاً من الأعمال البطولية ان لم تكن من الأعمال الجليلة جداً. اتفاقية حماية الكويت مع بريطانيا العظمى جاء في مقالة عبدلله بشارة كسرد تاريخي في اطار المقالة المذكورة وفي عدد مجلة العربي المذكور:»في عام 1899م وقع الشيخ مبارك الصباح، حاكم الكويت السابع، اتفاقية الحماية مع بريطانيا العظمى، بعد ان ضاق ذرعاً بالمضايقات العثمانية التي اتخذت منحى خطراً تمثل في الضغط عليه ليوافق على وجود قوات عثمانية على اراضيه». الاربعة اسطر اعلاه جاءت كاستهلال لمقالة الكاتب في ص62 من عدد العربي 609 لشهر اغسطس 2009م.. وفي بقية ص62+63 باستثناء ال7 الاسطور الاخيرة من عمودها الاخير جاء بما معناه:ان الشيخ مبارك لم يكن يملك القوة الرادعة التي تحميه من التهديدات العثمانية وان استعانته ببريطانيا كونها القوة البحرية الوحيدة الضاربة في منطقة الخليج في تلك الفترة.. وانه اي الشيخ مبارك الصباح كان مرناً مع الدولة العثمانية التي كان يمثلها الوالي العثماني في البصرة حمدي باشا لكن من دون تأثير على تحالفه مع بريطانيا وفي نفس الوقت مارس الشيخ مبارك الصباح الحذر حتى في تحالفه مع بريطانيا فلم يكن مطمئناً تماماً لنواياها. ان الشيخ مبارك الصباح وهو المعروف بموهبته السياسية وحسه الاستراتيجي كان محقاً عندما ظل يعيش حالة دائمة من الترقب يتابع السلوك البريطاني حليفه منذ عام 1899م دون اطمئنان واحياناً بكثير من الريبة. وقد حصل ما توقعه من انعدام المصداقية من قبل بريطانيا التي لم تلتزم ببنود اتفاقية الحماية.وفي عام 1913م وقعت بريطانيا والدولة العثمانية اتفاق هذا نصه:»الاتفاق البريطاني- العثماني حول الكويت ترسم فيه الدولتان خريطة الكويت بحدودها الشمالية والجنوبية مع اشارة في الاتفاق الى وجود ممثل للدولة العثمانية في الكويت» راجع مجلة العربي العدد609 ص63. يتبع في العدد القادم.