الإمام زيد بن علي عليه السلام هو واحد من أعظم أعلام الأمة، رجل عرفه الجميع وأقروا بفضله وعمله ومقامه العظيم في دين الله. مولده وصفاته:- ولد عليه السلام في سنة خمس وسبعين للهجرة. كان تام الخلقة، أبيض الوجه، مقرون الحاجبين، عريض الصدر. نشأته:- نشأ الإمام زيد بن علي عليه السلام في كنف والده سيد الساجدين الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهم السلام ،الذي قام بتربيته تربية إيمانية قائمة على التقوى والفضل والخير والقيم والأخلاق ومبادئ الحق . عكف على تعلم القرآن وتدبره ثلاث عشرة سنة حتى ذاع صيته وكان مرتبطا بالقرآن الكريم ارتباطا وثيقا حتى عرف بحليف القرآن و كان كثير الشبه بأمير المؤمنين علي عليه السلام في الفصاحة والبلاغة . وبعد وفاة والده الإمام زين العابدين علي بن الحسين تولى تربيته أخوه الإمام الباقر محمد بن علي عليه السلام فتح عينيه على مفاسد بني أمية منذ صباه وعاش مع أهل بيته مآسي ظلم وفساد حكامهم. أثنى عليه علماء عصره لما عرفوا من فضله: فقد قال عنه أبو حنيفة: (( شاهدت زيد بن علي كما شاهدت أهله فما رأيت في زمانه أفقه ولا أعلم ولا أسرع جواباً ولا أبين قولا منه، لقد كان منقطع النظير )). وقال الشعبي: (( ما ولدت النساء أفضل ولا أفقه ولا أشجع ولا ازهد من زيد بن علي بن الحسين )). وقال الإمام الباقر محمد بن علي(عليه السلام): (( لقد أوتي زيد علماً لدنياً فاسألوه فإنه يعلم مالا نعلم )). قال خالد بن صفوان: (( انتهت الفصاحة والخطابة والزهد والعبادة من بني هاشم إلى زيد بن علي صلوات اللّه عليهم أجمعين. لقد شاهدته عند هشام بن عبد الملك وهو يخاطبه وقد ضايق به مجلسه)). ولعظمة هذا الإمام والدور الذي سيحققه فقد روي أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم نظر ذات يوم إلى زيد بن حارثة فبكى وقال: (( المظلوم من أهل بيتي سمي هذا، والمقتول في اللّه والمصلوب من أمتي سمي هذا )) وأشار صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى زيد بن حارثة ثم قال: (( أدن مني يا زيد زادك اللّه حباً عندي فإنك سمي الحبيب من ولدي )) . تنقل بين الحجاز والعراق والشام التفى بالعلماء والفضلاء ودعاهم إلى نبذ الخلافات والمعتقدات الفاسدة التي زرعها بنو أمية في أوساطهم وحثهم على تحمل مسؤولياتهم وواجباتهم تجاه المظلومين. ثم وجه عليه السلام رسالته إلى علماء الأمة الإسلامية و بين لهم فيها دورهم وواجباتهم تجاه أمتهم، و حذر علماء السوء من تقاعسهم عن أداء ذلك الواجب كما بين لهم حجم وعظم الكارثة التي حلت بالأمة جراء تهاونهم، وسوء صنيعهم، ومداهنتهم للحكام الظالمين. (( فالله اللّه عباد اللّه أجيبوا إلى كتاب اللّه، وسارعوا إليه، واتخذوه حكما فيما شجر بينكم، وعدلا فيما اختلفنا فيه، وإماماً فيما تنازعنا عليه، فإنا به راضون، وإليه منتهون، وبما فيه مسلمون، لنا وعيلنا. ولا نريد بذلك سلطاناً في الدنيا، إلاّ سلطانك، ولا نلتمس بذلك أثرة على مؤمن ولا مؤمنة ولا حر ولا عبد )). ثم قال عليه السلام في آخر رسالته: (( عباد اللّه أجيبونا إجابة حسنة تكن لكم البشرى بقول اللّه عز وجل في كتابه {فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِيْنَ يَسْتَمِعُوْنَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}[الزمر: 18]، وكذلك قوله تعالى: {ومَنْ أَحْسَنُ قولا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللّه وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنَي مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ}[فصلت:23]، عباد اللّه فأعينونا على من استعبد أمتنا، وأخرب أمانتنا، وعطل كتابنا، وتشرف بفضل شرفنا، وقد وثقنا من نفوسنا بالمضي على أمورنا، والجهاد في سبيل خالقنا وشريعة نبينا صلى اللّه عليه وآله وسلم، صابرين على الحق، لا نجزع من نائبة من ظلمنا، ولا نرهب الموت إذا سلم لنا ديننا. تعاونوا، وانصروا الحق واعملوا يقول اللّه عز وجل في كتابه: {يَاأَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا إِنْ تَنْصُرُوا اللّه يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: 7]، ويقول اللّه عز وجل: {ولَيَنْصُرَنَّ اللّه مَنْ يَنْصُرَهُ إِنَّ اللّه لَقَوِيُّ عَزِيْزٌ الَّذِيْنَ إِن مَكَّنَّاهُمْ فِيْ الأَرْضِ أَقَامُوْا الْصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوْفِ وَنَهوْ عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُوِر} [ الحج:40] (3). بويع له سنة (122ه)واشتمل جيشه على خمسة عشر ألف مقاتل من أهل الكوفة، فخرج يجاهد الظالمين، وصمد أمام الجيوش الأموية رغم تفرق أصحابه عنه إذ لم يبق صامد معه إلا ثلاثمائة رجل تقريباً، وكاد ينتصر لولا أن جاءه سهم في جبينه فصاح الشهادة. الشهادة. الحمدلله الذي رزقنيها. وكان ذلك ليلة الخامس والعشرين من المحرم(( 122ه )). ودفنه ابنه يحيى بن زيد عليه السلام وأجرى عليه الماء، ولكن كان هناك من دل العدو على مكانه فنبش قبره واستخرج جثمانه الشريف وصلب ثم أحرق وذر في البر والبحر والهواء.. فرحم الله إمام الأئمة الإمام الأعظم فاتح باب الجهاد و الإجتهاد زيد بن علي بن الحسين بن عليهما السلام وجزاه الله عنا وعن أمة الإسلام خير الجزاء