لا زلنا نستعرض فصول هامة من تاريخ اليمن القديم وما تضمنه ذلك التاريخ من حقائق ومعلومات تتعلق بالصراع والحروب التي شهدتها البلاد بين اليمنيين تمحورت حول السلطة والثروة وبسط السيطرة والنفوذ . وفي هذا السياق تناولت عدد من مصادر التاريخ المختلفة التي أرخت لما حدث في اليمن قديما «ظهور يوسف أسار «أحد الأذواء اليهود في اليمن. وأوضحت تلك المصلدر أن ظهور يوسف هذا جاء في فترة كانت تشهد خلالها البلاد اضطرابات خطيرة وصراع مرير على الملك ‹فيما كانت المملكة الحميرية قد سقطت آنذاك على أرض الواقغ . وكان المسيحيون في اليمن حينها قد ارتكبوا عمليات قمع ممنهجة استهدفت اليهود وقاموا بإحراق العديد من المعابد اليهودية المنتشرة في عدد من مناطق اليمن وهو مادفع يوسف أسار وهو الملك ذو نواس الحميري كما هو مشهور ومعروف عند كثير من المؤرخين بالتالي للقيام بعمليات انتقام قاسية من المسيحيين وأشهرها واقعة احراق نصار نجران بالنار في اخدود أعده لذلك كما ذكر القرآن ذلك . وإن كانت مصادر الإخباريين بعد الإسلام قد تناولت أخبار هذا الملك الحميري وتناقلت ماقام به من حملات قمعية ضد المسيحيين في اليمن إلا أنها بنظر الكثير من المؤرخين تظل « مصادر بلا قيمة تاريخية تذكر « . ويشير العديد من الإخباريين إلى أن يوسف أسار أو الملك ذو نواس الحميري كما سماه بعضهم قام في زمانه بحملات عسكرية عنيفة على طول منطقة الساحل الغربي في تهامة حتى وصل باب المندب ليعيق وصول الإمدادات للمسيحيين في اليمن من مملكة اكسوم على الضفة المقابلة ‹ إذ كان المسيحيين في نجران يشكلون آنذاك مايعرف اليوم وصفا بإسم « طابور خامس» لمملكة اكسوم . ويرى العديد من المؤرخين أن قتل المسيحيين بتلك الصورة الوحشية من قبل الملك ذو نواس الحميري في نجران وغيرها من مناطق اليمن عبر احراقهم بالنار قد برر تدخل بيزنطة في اليمن بقوة حيث دعمت اكسوم وشجعتها ضد الحميريين من معتنقي اليهودية بزعامة ذو نواس . وتمكن الإسطول الروماني من.هزيمة يوسف أسار أو « ذو نواس الحميري « عام 525 - 527 ميلادية ‹ وعين « شميفع أشوع « حاكما على بلاد الحميريين بعد هزيمة جيش ذو نواس وانتحاره غرقا في البحر بجواده كما قيل وقام المسيحيين في أعقاب انتصارهم الساحق على اليهود الحميريين بإعادة اعمار كل الكنائس التي هدمها ذو نواس من بينها ثلاث كنائس جديدة في نجران وحدها. وفي وقت لاحق قتل « شميفع أشوع « حاكم اليمن الجديد من قبل القائد الحبشي الشهير أبرهة الأشرم ‹ وذلك بعد خمس سنوات من توليه حكم بلاد حمير ‹ وأعلن ايرهة هذا نفسه ملكا مستقلا على حمير وأعاد استخدام اللقب الملكي للحميريين ونسجت حول الرجل قصص وأساطير بعد الإسلام كعادة الإخباريين . وتشير كتب التاريخ إلى أن أبرهة الحبشي الذي انفرد مستقلا بحكم اليمن ونصب نفسه ملكا على بلاد حمير التي أحتلها الأحباش بمساعدة الرومان توجه على رأس جيش جرار انطلق من اليمن بقيادته مستهدفا بلاد الحجاز وكعبتها لهدمها بمكة وفقا لكتابة بخط المسند دونها أبرهة بنفسه وكتابات بيزنطية متصلة بغزو ابرهة لبلاد الحجاز . وبحسب تلك المصادر فإن حملة ابرهة العسكرية التي استهدفت الحجاز آنذاك كانت ناجحة لاسيما في بدايتها « بينما أكد القرآن الكريم الذي تناول قصة غزو ابرهة للحجاز ومضيه بجيشه لهدم الكعبة فشل حملة ابرهة العسكرية هذه وتدخل السماء في افشالها وذلك ما أشار إليه النص القرآني الصريح في سورة الفيل التي لخصت لنا قصة ابرهة وغزوه للحجاز بقوله تعالى : « ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ‹ ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول « .. صدق الله العظيم . { يتبع