المقاتل اليمني المدافع عن أرضه وعرضه غيّر مفاهيم القتال في المناطق الجبلية وجدد قواعد الاشتباك القدرات الهجومية للجمهورية اليمنية أصبحت قوة لا تقهر في مواجهة قوى الغزو والاحتلال معركة التحرر الوطني متواصلة لتطهير الأرض اليمنية من رجس الغزاة وأدواتهم الإرادة الإلهية أقوى من أسلحة العدوان وجحافله وهذا ما تجلى في جبهة نهم والجوف ومأرب معركة «البنيان المرصوص» غيرت مفاهيم فنون القتال وقواعد الاشتباك المستخدمة في قيادة وإدارة العمليات الحربية في المناطق الجبلية ذات الطبيعة الجغرافية الوعرة والقمم المرتفعة والتباب الحاكمة والمخابئ الصخرية والمواقع المحصنة الطبيعية منها والمستحدثة خلال الخمسة أعوام الماضية وغيرها من العوامل الجغرافية التي تجعل العمليات القتالية في المناطق الجبلية عادة ما تكون محفوفة بالمخاطر، لاسيما إذا ما كان العدو قد تمركز وتحصن فيها لسنوات، ذلك ما يمكن الإشارة إليه عن طبيعة المسرح العملياتي لمعركة «البنيان المرصوص» التي يمكن وصفها بالكبرى منذ بداية العدوان الأمريكي السعودي البريطاني الإماراتي على اليمن أرضاً وإنساناً والذي يقترب دخول عامه السادس على التوالي. اللواء الركن/ علي حمود الموشكي* إن الانتصار العسكري الاستراتيجي في جبهات نهم والجوف ومأرب يُعد بكل المقاييس السياسية والاقتصادية والاجتماعية ليس فقط انتصاراً لأبطال الجيش واللجان الشعبية فحسب، بل يعتبر انتصاراً لليمن وشعبه الصامد العظيم على امتداد مساحته الجغرافية من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، وله ما بعده في مسارات التحرر الوطني الشامل من كل صور وأشكال الهيمنة والتبعية والوصاية الأمريكية السعودية على شعب الحكمة والإيمان والأصالة والحضارة والتاريخ العريق. وفي هذا المنحى فإن العدو عندما قرر شن عمليته الهجومية باتجاه العاصمة صنعاء بقوة قوامها أكثر من 17 لواء قتالي مدعومة بالإسناد الجوي والمدفعي الصاروخي ومتعدد العيارات وغيرها من الإمكانيات لم يضع في حساباته الخاطئة فرضيات انكسار زحوفاته الهجومية أمام مجاهدين يستمدون قوتهم وعزيمتهم وصلابتهم من إيمانهم القوي والراسخ بنصر الله العزيز الجبار الذي وعد عباده المستضعفين بالنصر المبين ضد قوى الشر الطغاة المعتدين. لقد كانت الإرادة الإلهية إلى جانب المقاتلين الأبطال وقلبت موازين القوى في مسرح العمليات رأساً على عقب ضد المعتدين الطغاة وتحولت جبال نهم إلى بركان ملتهب في وجه العدوان وجحافل حشوده من المرتزقة الذين سرعان ما تحطمت وتيرة عملياتهم الهجومية أمام شجاعة ومهارة الأبطال الميامين مجاهدي القوات المسلحة جيشاً ولجاناً الذين تحولوا من الدفاع إلى المعركة الهجومية الساحقة وصولاً إلى اقتحام الخط الدفاعي الأول للمخدوعين الذين كانوا يتساقطون كأوراق الخريف بين قتيل وجريح وأسير.. فيما كانت قياداتهم قد ولَّت الأدبار مخلفة وراءها قوتها البشرية وعتاد حربي ضخم أصبح غنيمة لرجال الرجال المدافعين عن سيادة ووحدة واستقلال الوطن وعزة وشموخ أبنائه الأحرار الذين أكدوا للعالم أجمع بأن إرادتهم الصلبة في الحرية والكرامة والاستقلال لن تنكسر أمام جبروت قوى الغزو والاحتلال التي مازالت رغم هزائمها المتواصلة تراهن على مخططات تآمرية تمزيقية قذرة وبائسة رسمتها للغازي التدميري قوى الاستعمار الأمريكي البريطاني الفرنسي الصهيوني.. غير مستوعبة تلك الأدوات دروس وعبر خمس سنوات من حربها الظالمة الإجرامية على اليمنيين صناع الحضارة المشرقة للإنسانية كلها. كما لم يستوعب المخدوعون وقياداتهم الاسترزاقية العميلة والخائنة ما حل برفاقهم من قبل العدو السعودي في معركة «نصر من الله» وما تعرضون له من قتل شنيع من طيران العدوان بوادي آل جبارة، بما في ذلك ملاحقة المخدوعين من الأسرى أيضاً إلى مدينة ذمار وقتلهم بقصف جوي همجي ودم بارد بعد أن كانوا يقاتلون إلى جانب هذا العدو الدموي المارق الذي يستهدف كل اليمنيين، كما لم يستفيدوا مما يسميها العدوان بالضربات الخاطئة والتي راح ضحيتها الكثير منهم في عدد من الجبهات. لذلك كله فإن معركة «البنيان المرصوص» والتي في مرحلتها الأولى استعادت مساحة جغرافية كبيرة في نهم ومحافظتي الجوف ومأرب تقدر بأكثر من 2500 كيلو متر مربع في ستة أيام، تؤكد بكل أبعادها الإستراتيجية ونجاحاتها النوعية ومن جديد للجميع بأن اليمانيين الذين أذهلوا العالم بصمودهم الوطني وانتصاراتهم المتلاحقة على العدوان الكوني، هم اليوم يقفون أكثر قوة واقتداراً من أي وقت مضى لمواصلة المعركة الوطنية التحررية، وهم في ذات الوقت ورغم الحصار الشامل والجائر أصبحوا يمتلكون من قوة الردع الصاروخية والطيران المسير ومنظومات «فاطر» وغيرها من الأسلحة الهجومية الرادعة ما يمكنهم من مواجهة قوى الغزو والاحتلال وأدواتها في الداخل حتى تحرير آخر شبر من الأرض الطيبة براً وبحراً والدفاع عن سماء الوطن الذي لم يعد بعد اليوم مستباحاً ومسيطراً عليه من قبل طيران العدوان الذي أصبح هدفاً سهلاً أمام منظومات دفاعاتنا الجوية «فاطر وغيرها» والتي تعتبر واحدة من إنجازات الصناعات العسكرية اليمنية التي تمضي قدماً في إنتاج أسلحة الردع الهجومية والدفاعية طالما والعدوان لا يزال مستمراً على شعبنا ووطننا، وهذا حق مشروع لليمنيين المدافعين عن عرضهم وثروات ومقدرات أرضهم وعزتهم وكرامتهم. وفي هذا السياق فإن قيادتنا الثورية والسياسية والعسكرية العليا تولي كل الاهتمام بأوضاع أبطال القوات ا لمسلحة جيشاً ولجاناً وبأسر الشهداء والجرحى وملف الأسرى وبتطوير وتحديث القدرة التسليحية للجمهورية اليمنية، والارتقاء بمهارات وخبرات منتسبي الجيش واللجان الشعبية الذين بفضل الله سبحانه وتعالى يحققون أعظم الانتصارات في مختلف جبهات مواجهة العدوان ومرتزقته، ولعل أبرزها ما تحقق من نصر مؤزر لشعبنا العظيم في معركتي «نصر من الله» و»البنيان المرصوص» على طريق التحرر الوطني الشامل وغير المنقوص وبما يحقق بناء الدولة اليمنية الحديثة الموحدة القوية المستقلة التي يتطلع إليها اليمنيون ويقدمون التضحيات في سبيل الانتصار لإرادتهم الحرة على تراب وطنهم وبما يحقق تطلعاتهم في حاضرهم ومستقبل أجيالهم.. وفي هذا المنحنى نؤكد بأن قواتنا المسلحة ستظل في جهوزية قتالية عالية دفاعاً عن سيادة ووحدة واستقلال اليمن , وفي ذات الوقت ستبقى أيدينا ممدودة للسلام المشرف كما جاء في مبادرة الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة المشير مهدي المشاط، والهادفة إلى تحقيق السلام العادل ووقف العدوان ورفع الحصار الجائر على شعبنا ولكن لازال الجانب السعودي حتى الآن متلكئاً من مبادرة السلام اليمنية وسيندمون على عدم استغلال الفرصة التي وفرتها هذه المبادرة. وختاماً ندعو الله العلي القدير أن يتغمد الشهداء الأبرار فسيح جناته، والشفاء العاجل للجرحى الميامين وعودة الأسرى إلى أهلهم وذويهم إنه سميع مجيب.