المتتبع للأحداث الراهنة.. والوقائع الجارية.. والمشاحنات الدائرة داخل أروقة الأنظمة العربية أياً كان نوع توجهاتها.. أو نمط أيديولوجياتها.. يجد أن هناك شروخاً غائرة.. وفجواتٍ عميقةً بين القمة والقاعدة- أي بين الحاكم والمحكوم- وخير دليل على ذلك ما يحدث الآن من تجاذبات وصراعات بين أفراد الأسرة المالكة في الرياض.. وفي أبو ظبي.. والسودان.. وغيرها.. إذا تأملنا قليلاً الى الأحداث التي حدثت عند اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939م وأطماع الاستعمار في الاستحواذ على أكبر مساحة عربية من الدول ذات الأنظمة الكلاسيكية المستبدة.. نجد معظم تلك الدول العربية تم تجزئتها بين الدول الاستعمارية الكبرى بهدف الاستيلاء على مواردها النفطية.. وظل الاستعمار يمتص موارد تلك الدول أحقاباً من الزمن.. رغم الثورات والانتفاضات المنددة بوجوده.. فالاستعمار هو الاستعمار- قديماً وحديثاً- كل ما يهدف إليه احتلال الدول التي تحمل في أحشائها الذهب الأسود.. أو لديها موانئ إستراتيجية مطلة على البحار أو المحيطات.. وهذا ما يحدث الآن في دول المنطقة.. لذا معظم الدول العربية ذاقت ويلات وعذابات الاستعمار من الشرق حتى الغرب.. ومن الشمال حتى الجنوب.. ما عدا السعودية وشمال اليمن.. وعندما انقلبت موازين القوى اليوم بين الدول الكبرى.. حتى دويلات الخليج وأرض نجد والحجاز تحاول اليوم سحب البساط الأخضر من تحت أقدام أسيادهم بدعم وتأييد دولي، وتبادل مصالح مشتركة.. ومنافع متبادلة بين كافة الأطراف.. فالأسرة المالكة اليوم في أرض الحجاز يتصارعون.. ويتسابقون ليس من أجل كرسي العرش بل من أجل الثروة الهائلة التي قد تصبح بين عشيةٍ وضحاها أثراً بعد عين.. نظراً لقرب نفادها.. التاريخ يعيد نفسه رغم تباين الأحداث.. واختلاف النتائج والمستجدات.. فما يدور اليوم من قبل القوى الاستعمارية الكبرى تجاه الأنظمة العربية الحاكمة هو شبيه تماماً بما كان يدور بالأمس.. فالاستعمار هو الذي يصنع الأزمات وهو الذي يقودها.. لذلك ليس غريباً علينا ما يدور الآن من حروب وأزمات في دول المنطقة.. وافتعال الأحداث بين أبناء الوطن الواحد.. والأمة الواحدة.. والهدف الرئيس من وراء كل ذلك تمييع وتمويه القضية الفلسطينية.. قضية العرب والمسلمين "الأم".. فالولاياتالمتحدةالأمريكية.. والصهيونية العالمية وأذنابهما مازالوا يبذرون بذور الأزمات السياسية، والمناطقية والمذهبية والطائفية بين أبناء الشعوب العربية والإسلامية لإلهاء تلك الشعوب بقضاياها الداخلية.. وإزاحة قرارها السيادي الاستقلالي التحرري.. فالدور الآن قادم على تلك الأنظمة الديكتاتورية الملكية خاصةً التي قمعت شعوبها.. وكممت أفواه نخبها السياسية والفكرية والأدبية.. وجعلتهم خداماً ورقيقاً تابعين لها.. وهذا ما يحدث الآن في دول الخليج وأرض الحجاز.. فإن لم تتدارك تلك الشعوب العربية خطورة ما يُحاك ضدها من سيناريوهات تآمرية قذرة من قبل القوى الاستعمارية الكبرى بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها.. فالمنطقة مقبلة على تغيرات جيوسياسية جذرية يدفع ثمنها كل أبناء الشعوب العربية والإسلامية.. وحينها لا ينفع الندم..!!