السجال الذي طرفيه وزيري خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدةالأمريكية يعكس قوة الإرادة وقوة الهيمنة المتراجعة، وهذا واضح في رفض مجلس الأمن الدولي طلباً أمريكياً بإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران المرتبطة بتزويد إيران بالأسلحة الذي ينص عليه الاتفاق النووي بين الدول الخمس الأعضاء في هذا المجلس + ألمانياوإيران، ولو كانت تدرك أمريكا أن هذا سيكشف مدى عزلتها ما قدمت هذا الطلب، لكنها العنجهية الأمريكية.. حتى حلفائها الأقربين وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا لم يستجيبوا لطلبها لأسباب كثيرة، ناهيك عن خروجها من الاتفاق النووي مع إيران والذي هو اتفاق دولي ويصب في مصلحة كل أطرافه.. أمريكا تتصرف بعقلية الكابوي وعلى ذلك النحو الذي عبر عنه ممثلها الشخصي الى إيران.. معلناً أن أمريكا لا تحتاج الى إذن من أحد لإعادة فرض العقوبات الدولية، والمثير للسخرية الكاشفة لبؤس السياسة الخارجية الأمريكية هو أن هذا الممثل يعتبر أن موقف بلاده من موضوع بيع الأسلحة لإيران يتفق مع ما تضمنه الاتفاق النووي بغض النظر عن خروج أمريكا منه، ومثل هذا الكلام يصب المزيد من الزيت على نار العلاقات السياسية بين أمريكا والدول الكبرى- وليس إيران وحدها- مما يفترض من مؤسسات القرار الأمريكي مراجعة حساباتها للتخلي عن فرض سياسة وضع اليد على الزناد في أي منطقة كانت إدراكاً منها لعدم الاستقرار العالمي الناجم عن الحروب التي شنتها وتشعلها أمريكا في العديد من بلدان العالم، ويشكل العدوان على اليمن والحصار نموذجاً للإرهاب الأمريكي الشامل.. اليوم باتت كل دول العالم تعي وجوب الخروج من هذا الوضع، وجزء كبير من مراكز صناعة القرار في هذه الدولة "العظمى" مستوعباً ذلك، وفي هذا المنحى ستبين لنا الانتخابات الأمريكية الى أين يمضي هذا البلد.. الى قليل من الهدوء والاستقرار أم استمرار شد حبال التأزيم للوضع العالمي الى حد الانفجار.. وفي هذا كله يأتي سجال ظريف وزير خارجية إيران مع بومبيو وزير خارجية أمريكا ليضعنا أمام تقديرات للوضع الدولي القادم بعد انتخابات نوفمبر.. * مدير دائرة العلاقات العامة بوزارة الدفاع