مما لا شك فيه أن سيناريوهات الحرب العدوانية على اليمن تمر بمنعطفات خطيرة.. وخطوات حاسمة.. مما ستنعكس تداعياتها السلبية مباشرةً على أمن واستقرار دول الخليج، وفي مقدمتها مملكة آل سعود، ودويلة آل زايد.. والأمر الثاني الذي يوجب إدراكه أن التدخل الخارجي في إيقاف الحرب لن يجدي في ظل استمرار العدوان السعودي على اليمن.. مالم تغادر القوات العسكرية الغازية السعودية والإماراتية وتحمل عصاها وترحل عن أرض اليمن.. وتترك حل الأزمة اليمنية لليمنيين.. علينا أن ندرك أن النظام السعودي منذ عقود طويلة وهو في صراعٍ مع اليمن أرضاً وإنساناً ووحدةً وهويةً.. دون استراتيجية واضحة تجاه اليمن.. لكننا نجد أن اليمن تقع دائماً في خانة الأجندة الطارئة والملحة مع الرياض ليس من باب الدعم والمساعدة بل لقلب الموازين وإدخالها في دوامة الأزمات والحروب من خلال ايقاظ النعرات المذهبية والجهوية والطائفية بين أبناء الوطن الواحد.. ما يقال عن وجود ضغوطات إقليمية ودولية تجاه وقف الحرب العدوانية على اليمن ليس بالأمر السهل.. فلم ولن يكون هناك سلام في اليمن إلا بوقف الحرب ورفع الحصار وفتح كافة الموانئ البحرية والبرية والجوية.. فالولايات المتحدةالأمريكية لكي تكون صادقة في نواياها تجاه إيقاف الحرب العدوانية في اليمن.. يتطلب منها حزمة من المنظومات والإجراءات والقرارات الحاسمة تجاه الدول الغازية.. مع توفير ضمانات دولية وأممية كافية حول برنامج الحوار ونتائجه وتعزيز نجاحه.. أما الأمر المهم تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتسريع عجلة المسار التنموي والإعماري والإنساني في شتى المجالات.. لا نبالغ إذا قلنا أن الحوار العقلاني والجاد سيكون لحظة تاريخية.. وفرصة ذهبية لا تعوض لرأب الصدع اليمني- اليمني بين أبناء الوطن الواحد.. شريطة رحيل كافة القوات المرتزقة والمحتلة والغازية عن أرض اليمن شمالاً وجنوباً.. شرقاً وغرباً.. لعل من أهم مظاهر الصراع القائم في اليمن اليوم تناطح النخب السياسية أيديولوجياً وفكرياً وعقائدياً.. وهذا ما أدى الى تأزيم الأزمة وانهيار مؤسسات الدولة.. فالأزمة في اليمن منشأها سياسي بمختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية.. لذا لابد من وضع أسس وخطوط رؤى متقاربة عن فكرة بناء الدولة المدنية المعاصرة.. فالأزمة سياسية مركبة.. ولذلك فبناء الدولة المدنية من الأهمية بمكان.. وهذا ما يحتاج الى فترة من الزمن.. فكل المؤشرات والدلالات تشير الى أن عجز الدولة المدنية المعاصرة يكمن في صراع النخب السياسية.. ورؤاها المتباينة.. كل فريق يريد أن يحكم على قاعدة الثقة والولاء.. وليس الكفاية والتخصص.. وهذا قد يؤدي الى المزيد من القمع والبطش.. وتأجيج الأزمة.. فالحرب طريقها طويل.. ومليء بالأخطار والعواقب الكارثية على الوطن أرضاً وإنساناً ووحدةً وهويةً.. ومخلفاتها مأساوية منها إفراز كيانات جهوية، وطائفية متنافرة، ومتناحرة.. فالمتأمل في تاريخ الأمم والشعوب عبر القرون، يجد أن معظم أزماتها وقضاياها تكمن في تجاربها السياسية، ونوعية الحكم القائم.. مع إفراط شعوبها في تقديس مفكريها ونخبها وقادتها.. وبالفعل استطاعت تلك الشعوب تسلق الجبال الشائكة والشاهقة.. لكن للأسف الشديد باتت اليوم غير قادرة على النزول منها.. في ظل هكذا معطيات تكون صورة الأنظمة السياسية في كثير من دول المنطقة أكثر قتامةً من ذي قبل، إذ انتشرت ثقافة التخوين.. وحملات التهويل.. وأساليب التهديد والوعيد.. وصولاً الى كبح الأصوات.. وقمع الحريات.. وتكميم الأفواه لفرض سياسة الأمر الواقع.. صفوة القول: إن الحرب العدوانية على اليمن غير عادلة، إلا أن الجيش واللجان الشعبية أثبتوا جدارة وكفاءة قتالية عالية ما أسفر عن وقوع خسائر كبيرة في صفوف جيش تحالف العدوان.. السؤال المطروح الآن: هل الجهود والمساعي الدولية والأممية سيكون لا نتائج ملموسة على أرض الميدان العسكري والسياسي؟!.. هذا ما قد تكشفه لنا قادم الأيام.. كلمات مضيئة: بعض الفاعلين السياسيين.. والمكونات الأيديولوجية الأخرى يمارسون لعبة البقاء على كرسي الحكم، قاتلاً أم مقتولاً.. وهي لعبة يمارسها معظم السياسيين في بلدان العالم العربي.. لذا من الصعوبة بمكان تحقيق تقدم ملموس في ظل استمرار هذه اللعبة.. والمصالح المتبادلة.. فلابد من تنازلات من كلا الطرفين لمصلحة الوطن العليا..!!.