القيادات الفذة دوماً تفرض وجودها بقوة المنطق والعقل والحكمة، وهكذا شاءت اليمن بين عشية وضحاها أن تحتل مركز اهتمام العالم أجمع بموقفها المشرف والإنساني والديني والأخلاقي تجاه ما يحدث في غزة من جرائم ومجازر شنعاء يندى لها جبين العالم من أقصاه إلى أقصاه.. بالرغم من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها اليمن بسبب الحرب العدوانية الجائرة عليها من قبل دول التحالف البربري.. فاليمن اليوم أصبح لاعباً إقليمياً ودولياً في المنطقة وله تأثيره المباشر فيما يدور من أحداث وصراعات في المنطقة، وهذا ما يستدعي من القوى الدولية صاحبة النفوذ العالمي التدخل السريع والتباحث والتفاوض بشأن ما يدور في جنوبالبحر الأحمر وباب المندب وإلاَّ فإن الأوضاع ستزداد تعقيداّ وسوءاً.. إن خطورة الأوضاع وتشابك الأحداث في المنطقة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً تحتم على كافة الدول المشاطئة للبحر الأحمر الوقوف بمصداقية عالية تجاه ما يحدث من اضطرابات وصراعات في البحر الأحمر، ومواجهة الغزو الصهيو أمريكي، وإلاَّ فإن الحرب قادمة ستحرق الجميع، ولذا على الجميع أن يدرك أنه ليس بناجٍ منها وكلنا يعلم أهمية جنوبالبحر الأحمر وباب المندب بأنه المنفذ الاستراتجي الهام الذي تمر عبره أكثر من ثلاثة ملايين برميل نفط خام، وغير خام وأطنان من السلع والبضائع والمواد الغذائية في طريقها إلى دول أوروبا والولايات المتحدة ودول شرق غرب أفريقيا، وفي حالة حدوث أية صراعات أو مناوشات عسكرية أو حروب فإن الملاحة العالمية تصبح غير آمنة، وقد تصاب بالشلل الكلي.. وهذا ما سينعكس سلبياً على الأوضاع الاقتصادية إقليمياً ودولياً، وقد ينذر بتفشي كوارث إنسانية كارثية.. لذا لابد من تحكيم المنطق والعقل والحكمة قبل اشتعال النيران، فحينها لا ينفع الندم.. علينا أن ندرك أن النفوذ الاستعماري العالمي الجديد الذي يلعب الآن بأوراق المذهبية والطائفية والجهوية لتمزيق الأمة العربية والإسلامية وجعلها أمماً وشعوباً غير قادرة على المضي نحو الرقي والتقدم والازدهار، وخير دليل وشاهد على ذلك ما هو حاصل اليوم في كثير من الدول العربية كالعراق وسوريا ولبنان والسودان وليبيا والقائمة قد تطول في المستقبل، لذا أصبح الأمر جد خطير في ظل صمت عربي وإقليمي ودولي، وفي غياب وتهميش الكثير من النخب السياسية المثقفة، وهذا يحدث في غياب الإرادة السياسية الموحدة، وفي ظل الصراعات المذهبية التي أصبحت حديث الساعة في تلك الدول فإن لم نستيقظ من سباتنا العميق قبل فوات الأوان فإن الأوضاع ستكون كارثية ومؤلمة وغايةً في الخطورة، وفي ضوء ذلك لابد من التضامن العربي والإسلامي لمواجهة العدوان الخارجي وإلاَّ سوف يدفع الجميع الثمن باهظاً. صفوة القول: ما يدور في جنوبالبحر الأحمر يمس كافة الدول العربية المشاطئة وأي صمت أو تجاهل سينذر بكارثة تعم الجميع، وقد يؤدي الصمت العربي إلى ترسيم خارطة طريق جديدة في المنطقة، وهذا ما سيكون مستقبلاً، لابد من تحرك عربي- عربي قبل فوات الأوان وأخشى ما أخشاه أن تباع ضمائر الزعماء والشعوب كما بيعت في غرف الموساد المغلقة. كلمات مضيئة: كلنا ندرك أن الاضطرابات السياسية والأزمات الاقتصادية التي تجتاح الكثير من دول العالم وراءها خطر خروج النفط كسلعة إستراتيجية فاعلة ومؤثرة قد يؤدي إلى عواقب اقتصادية عالمية في ظل الصراعات والحروب القائمة بين الدول اليوم، ولكن في نهاية المطاف الكل خاسر، وسيخرج الجميع بأصابع محترقة وقلوب دامية..وشعوب فقيرة لا تجد قوت يومها.. وهنا تصدق مقولة سيدنا علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- " لو كان الفقر رجلاً لقتلته بحد سيفي".