اليمن لم يرضى أهله أن يكون مشطر.. الاستعمار الأجنبي هو الذي شطره.. نعم الاستعمار العثماني الى حيث وصل قال هذا الشطر الشمالي من اليمن.. والاستعمار البريطاني الى حيث وصل قال هذا الشطر الجنوبي من اليمن وبعد فترة غير التسمية الى الجنوب العربي.. الاستعمار العثماني كان يحكم الشطر الشمالي من الوطن باسم الدين والاستعمار البريطاني كان يحكم الناس في الجنوب باسم التحديث والعصرنة الأثنين كذا بين الفارق أن البريطانيين كانوا أقل كذباً وأكثر فهماً وتطوراً والعثمانيين كانوا أكثر كذباً وأقل فهماً وتطوراً وفي كل الحالات الاستعمار هو الاستعمار لا يهمه غير مصالحه الاقتصادية والسياسية والعسكرية وقد اثبتت التجارب صحة مقاومة الاستعمار في بقاع العالم القديم والحديث.. في مطلع القرن العشرين وصل التواجد العثماني الى منطقة الضالع من الازارق غرباً الى الشعيب شرقاً.. وكانت بمثابة النقطة الأخيرة في جنوب شمال الوطن حينذاك.. والاستعمار البريطاني أزداد تمدده في المناطق الشرقية حضرموت وشبوة وكانت تسمى محميات وكان ينهب ثرواتها المتمثلة بالقطن طويل التيلة وبقية المحاصيل الزراعية والملح والسمك.. والاستعمار العثماني ينهب أموال المواطنين بفرض زكاة عالية أكثر مماهي مقررة شرعاً.. لكن الشعب اليمني شمالاً وجنوباً لم يقف مكتوف الأيدي فقد كان يقاتل بقوة الاستعمار العثماني والاستعمار البريطاني، من يقاتل الاستعمار العثماني هم مقاتلين يمنيين من شمال اليمنوجنوبه، ومن يقاتل الاستعمار البريطاني هم مقاتلين يمنيين من جنوب الوطن وشماله.. أي أن النضال اليمني ضد المستعمرين كان واحداً شمالاً وجنوباً والثورات التي اندلعت بعد منتصف القرن العشرين كانت واحدة- أي واحدية الثورة اليمنية شمالاً وجنوباً.. خلال الفترة من عام 1914م الى عام 1918م جرت الحرب العالمية الأولى.. والبريطانيين والعثمانيين كانوا أطراف رئيسية في الحرب والإمام يحيى أعلن حياده في الحرب، قالها بعظمة لسانه لن أقف مع العثمانيين ولن أقف مع البريطانيين، لكن الإمام يحيى في وقت لاحق سمح للمتطوعين المبندقين- يقصد الذين يمتلكون بنادق- ان يتطوعوا بالالتحاق في صفوف الجيش العثماني المسلم لمقاتلة الجيش البريطاني الكافر.. سيتم توضيح هذه النقطة في سطور لاحقة في سياق الموضوع- وكذا بدأت الاستعدادات على قدم وساق للمواجهة العثمانية البريطانية.. وبدأ إعلام العالم حينذاك يتحدث عن أهمية وحساسية الجبهة اليمنية في الحرب العالمية الأولى وجاهزية الطرفين البريطاني والعثماني لها. الجبهة اليمنية كان يعول عليها جداً وعند بداية رفض الجنود اليمنيين من أبناء المناطق الجنوبية المشاركة في القتال في صفوف البريطانيين قالوا: نرفض أن توجه بندق مسلم ضد مسلم، وقد أبتلعت بريطانيا هذه المستجدات واستقدمت تسع كتائب من الهند لتغطية نقص الجنود في الجبهات.. في بداية الحرب القوات العثمانية بدأت المناوشة ثم بدأت التقدم في المناطق الجنوبية.. لكن القوات البريطانية طردتها من المناطق المحتلة ثم دحرتها على مسافة من 10 كم الى 15كم شمالاً من الحد الأمامي للخطوط الدفاعية البريطانية، لكن بعد أن سمح الإمام يحيى للمتطوعين اليمنيين بالانضمام الى صفوف القوات العثمانية تغيرت الموازين لصالح العثمانيين.. قال الإمام يحيى: "نحن ندعو كل قادر على التطوع بين صفوف القوات العثمانية المسلمة التي تقاتل القوات البريطانية الكافرة".. هذا الموقف من الإمام هو ديني ولا هو سياسي ولا هو دبلوماسي.