الشهادة على مر الأزمان كانت وستظل هي ذروة الإقدام وقمة التضحية، وأرقى منازل الشرف وأرفع درجات التعبير عن الولاء والانتماء للوطن، فالشهادة امتياز، والتضحية في سبيل الله وفي سبيل الذود عن تراب الوطن واجب مقدس وصدق مع النفس، وهي أرقى مراتب التعبير عن الإيمان الراسخ بالله - سبحانه وتعالى- القائل عن الشهداء في كتابه الكريم:( ّمن الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ). إنهم أولئك الشهداء الذين صدقوا ونفذوا ما عاهدوا الله عليه، فاستحقوا ما نالوه من شرف إلهي رفيع، وبقدر ما تبرز هنا أهمية إحياء الذكرى السنوية لشهدائنا العظماء تبرز أهمية الفخر والاعتزاز بتضحيات أسر الشهداء وهم يضحون بفلذات أكبادهم في سبيل الله، وفي سبيل الذود والدفاع عن سيادة الوطن وعن عزة وكرامة الأمة. ورغم حقيقة الشعور بألم فقدان أبنائهم، كون ألم ووجع فقدان الإبن وجع من نوع خاص، لأنه مهجة القلب، رغم ذلك الألم الذي لم يبرح صدور أسر الشهداء، نجد فرحة الفوز بنيل أبنائهم وسام الشهادة في سبيل الله تغمرهم؛ فالشهيد هو الحي الدائم الذي يفسح لأفراد أسرته وأقاربه سبعون مكانًا في الجنان، نظير فوزه بمنحة الشهادة الإلهية التي لا ينالها إلاّ من يستحقها بجدارة وباختيار كريم من رب العالمين. وهنا تكون مناسبة الذكرى السنوية للشهيد هي المحطة المهمة لتسليط الضوء على عظمة الشهداء ومكانتهم وتضحياتهم ومآثرهم في الدفاع عن الوطن وسيادته واستقلاله، هذه الذكرى الجليلة شهادة على شجاعة وبسالة الشهداء الذين زرعوا بذور الحرية بدمائهم، وسقوا شجرة الاستقلال بتضحياتِهم، وما نالوه بإيمانِهم الراسخ وتفانيهم الذي لا مثيل له من مكانةَ متميزة عند الله تعالى، فصاروا أحياء في جنات النعيم. كما أن إحياء الذكرى السنوية للشهيد يعكس عظمة الشهادة ومكانة الشهداء، ويوصل رسالة تأكيد لأعداء الأمة على مضي اليمنيين في تقديم التضحيات وقوافل الشهداء حتى تحقيق النصر، وبفضل تضحيات الشهداء وصمود الشعب اليمني أصبح اليمن يمتلك قراره السياسي ويُعد هذا عرفاناً بما قدمه الشهداء من تضحيات دفاعاً عن الوطن وأمنه واستقلاله، وهذا أقل ما يمكننا القيام به تجاه أولئك العظماء، الذين مهما تحدثنا عنهم فإننا لن نوفيهم حقهم، وسيبقى شهداؤنا دوماً مبعث فخرنا واعتزازنا، بتأصيلهم قيم التفاني والإخلاص والولاء والانتماء المتجذرة في نفوس شعبنا. كيف لا ؟ وقد سطروا أروع الملاحم البطولية في مواجهة الأعداء في كل جبهات العزة والكرامة وضربوا أروع الأمثلة في البذل والعطاء والتضحية والفداء. وما ذكرى الشهيد من كل عام - إحياءً واحتفاءً بالذكرى السنوية للشهيد، حيث تقام الفعاليات والندوات والمهرجانات الخاصة بالمناسبة، وتفتتح معارض تضم صور الشهداء العظماء في مختلف المديريات والمحافظات، وتتم زيارة أسر وروضات الشهداء- سوى أقل القليل من أداء واجب الوفاء لمن أروت دماؤهم الطاهرة الزكية تراب الأرض اليمنية، ودافعوا بكل إيمان وعزيمة وإرادة عن العرض والهوية، ورسموا بعظيم تضحياتهم طريق النصر والحرية والعزة والكرامة لشعبنا. فسلام منا جميعًا إلى جميع الشهداء، صفوة المجتمع في البذل والعطاء، تحية تملؤها المحبة إلى أرواحهم الطاهرة العفيفة، سلام من وطن ينحني إجلالًا لأرواح أبطاله، وتغيب شمسه خجلاً لتلك الشموس، سلام على جميع شهدائنا العظماء أهل السبق في البذل والعطاء والتضحية والفداء.