مر عام ويزيد عن انطلاق معركة طوفان الاقصى المعركة التي غيرت وجهة المنطقة والتي أحدثت تغييرات جذرية خصوصاً الأنظمة العربية التي مع الأسف الشديد كانت الأسوأ على الاطلاق، في سقوطها الأخلاقي والديني والعروبي، لكن رغم ذلك شهدت المنطقة العربية موقف هو الأشرف والأقوى أخلاقياً وإنسانياً ودينياً بل وحتى عروبياً، إنه الموقف اليمني على الصعيد الشعبي والرسمي. إن الموقف اليمني مع القضية الفلسطينية عموماً ليس وليد اللحظة بل هو امتداد تاريخي مشرف منذ القدم الأول لصهيوني واستعماري على الرقعة الفلسطينية، ولكن ما يميز الموقف اليمني مع طوفان الاقصى حالياً هو القوة التي ظهر بها أولاً وقسوة الظروف الذي نبع منها ثانياً، رغم بُعد الجغرافيا وفارق الإمكانيات وميزان القوى بين ما تملكه القوات المسلحة اليمنية والعدو الإسرائيلي ومن خلفه الولاياتالمتحدةالأمريكية. عموماً، مع فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الامريكية فرح الكثير لاسيما الأطراف المعادية لحكومة صنعاء على المستوى المحلي والإقليمي وخصوصاً إسرائيل التي رأت بأن ترامب سيتعامل بمنطق أكثر جدية وحزم مع قيادة صنعاء خصوصاً وقد سبق له -لترامب- أن صنف جماعة أنصار الله كجماعة إرهابية خلال الفترة الرئاسية الأولى له، وهذا يعني فعلياً أنه سيكون أكثر تشدد وحزم تجاه حكومة صنعاء خصوصاً وأن عقلية الرجل القادم للبيت الأبيض تؤمن بمنطق القوة كأسلوب فعال -من وجهة نظره- لتحقيق السلام. مع ذلك فإن حكومة صنعاء وعلى لسان مسؤوليها بمختلف مستوياتهم السياسية والعسكرية أكدوا بالمطلق والجزم أن العمليات العسكرية اليمنية في دعم وإسناد غزةولبنان لن تتوقف أبداً الا بإيقاف العدوان على غزةولبنان وهذا يعني جملة وتفصيل أن الجبهة اليمنية سياسياً وعسكرياً وشعبياً هي جبهة وُحدة جهادية واحدة على مستوى الداخل اليمني وكذلك على المستوى الجهادي العربي والإسلامي. لقد تحدت اليمن وأرسلت رسالة لترامب قبل دخوله للبيت الأبيض في استهدافها للبوراج الحربية الأمريكية وحاملة الطائرات إبراهام في رسالة واضحة ودقيقة بأن أي عدوان على اليمن سيقابل برد وأي تصعيد سيقابل بتصعيد وأن المعاملة بالمثل هي استراتيجية ثابتة لدى القيادة السياسية والعسكرية في صنعاء بالإضافة الى أن أمر التصعيد ليس في يد العدو الأمريكي والبريطاني أو الاسرائيلي بل هو في يد الجمهورية اليمنية وقواتها المسلحة وأن استمرار العدوان على اليمن سيؤدي الى التصعيد ومزيد من الضربات العسكرية بالإضافة إلى أن استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنانوغزة سيؤدي هو الآخر إلى التصعيد في البحر وكذلك في العمق الاسرائيلي وكافة الأراضي المحتلة، لتتخلص بذلك القوات المسلحة اليمنية من تبعية اتخاذ القرار بطريقة مباشرة وغير مباشرة من خلال عدم ربط عملية التصعيد فقط بما سيأتي من العدو، وتحقق استراتيجية جديدة في استقلالية القرار السياسي والعسكري ويؤكد صحة هذا الرأي هو المراحل الخمس للقوات المسلحة اليمنية في دعم وإسناد غزةولبنان. مع دخول ترامب البيت الأبيض في يناير المقبل لا أستبعد أن يوجه بتكثيف العدوان على اليمن أو تفعيل سياسة الإغتيالات وتشديد الحصار وهذا حتماً وبالجزم المطلق سيجعل القوات المسلحة اليمنية تنتقل وتعلن عن المرحلة السادسة من الإسناد والتي لا شك بأنها ستكون مؤلمة بشكل غير مسبوق خصوصًا وأن المرحلة الخامسة كانت استهداف العمق الإسرائيلي وإعلان منطقة "يافا" والعمق الإسرائيلي مناطق غير آمنة. سيسعى ترامب مع دخوله البيت الأبيض نحو تفعيل الجبهات الداخلية في اليمن في محاولة لتخفيف الضغط على اسرائيل وذلك عبر الأيدي الإقليمية والمحلية وهو ما كشفت عن بوادر وشواهد منذ الان ليخرج بذلك الرد من صنعاء بأن العمليات لن تتوقف وأن ورقة الضغط هذه لا تنفع بل أنها ستؤدي لمزيد من التوتر في البحر والرقعة الجغرافية اليمنية والسعودية ان تورطت إذ أن تورط السعودية سيقابل برد بالعمق السعودية خصوصا مع وضوح القوة العسكرية التي وصلت لها صنعاء وتخوف السعودية من هذه القوة في حجم الدمار الذي قد يلحق بها فيما لو تورطت أكثر في هذا الظرف والتوقيت. إن تأكيد القوات المسلحة على استمرارها في الدعم والإسناد هو رسالة بأن اليمن لن يقف في وجه أمريكا /ترامب بل سيقف أمام العالم كله وهذه التأكيدات هي تؤكد صدق الثبات والموقف في الدعم والإسناد بل ويزيد عن ذلك بأن اليمن اليوم لم يعد يمن الأمس لا سياسياً ولا عسكرياً وكذلك بأن اليمن قد أصبحت قوى على الساحة الدولية والإقليمية لها من الأوراق ما تؤلم العالم فيما لو وقف أمامها وخصوصاً وهي تحكم شريان الحياة لهذا العالم.