ماذا بعد سقوط الأسد؟؟؟ في هذه السطور البسيطة سأكتب من منطلق المحب لسوريا أرضاً وإنساناً وسأناقش أبرز التحديات التي تنتظر السلطة الجديدة في سوريا في مرحلة ما بعد سقوط الأسد، وأنا هنا لست بصدد الحكم على من يملك الحق أو من لديها الحق، ولك عزيزي القارئ حرية الاختيار كيفما شئت بناءً على توجهك وانتمائك الحزبي والسياسي وغير ذلك، ولكني أُجزم بالمطلق بأن الوطن أغلى من كل شيء فهو الباقي حين يزول كل نظام، والشعوب لا تموت بموت نظام او صعود آخر. عزيزي القارئ، في قواعد السياسة ومنطلقات التغيير أن سقوط الأنظمة مشكلة، أما مرحلة ما بعد السقوط فهو الكارثة _ ليست قاعدة بالمطلق _ وهذا يعني أن إسقاط أي نظام يحتاج الى تدبير فسقوطه يعني تغيير القواعد (كُليا أو جزئياً) بالإضافة أو التعديل أو الحذف وهذا بالتبعية يعني ظهور مشاكل جديدة وتحديات جديدة تقع على عاتق السلطة الجديدة مواجهتها واليك أبرز هذه التحديات في واقع سوريا ما بعد الأسد عزيزي القارئ: 1. نشوء تحالفات جديدة: إن القارئ لأبجديات السياسة والفاهم البسيط لها يعلم يقيناً أن المصالح ليست ثابتة بل تتغير تباعاً لمستجدات الواقع فعدو الأمس ليس بالضرورة أن يكون عدو اليوم وصديق الامس قد يكون عدو اليوم وقس على ذلك، فسوريا مثلاً كان نظام بشار الأسد الحليف الاستراتيجي الأول لروسيا في الرقعة العربية والثاني على مستوى الشرق الأوسط بعد إيران، فروسيا كانت الداعم الأبرز مع حليفتها ايران، فقد ساعدتاه على تثبيت نظامه منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية ضده في العام 2011 وتحول ذلك الى معركة عسكرية، فبفضل الدعم الروسي والإيراني استمر حكم بشار الأسد لأربعة عشرة عام على عكس الأنظمة العربية الأخرى التي قامت ضدها احتجاجات شعبية أسقطتها في أشهر، ولكنك قد تتساءل عزيزي القارئ ما علاقة هذا بموضوعنا ؟ سأخبرك، يجب أن تعرف عزيزي القارئ بأن التكاليف الروسية إزاء تدخلها ودعمها للأسد يصل الى ملايين الدولارات وهي بلغة "المصالح" أضحية جيب تقديمها أم بلغة الأرقام فهي تضحية لابد من مقابل لها، وهنا يأتي السؤال − وأترك لك الإجابة للبحث عنها، ما هي التنازلات التي قدمها بشار الأسد لروسيا مقابل هذا الكم الهائل من الدعم؟ لنعد الى موضوعنا، إن الأطراف التي أسقطت نظام بشار الأسد هي متعددة الولاءات والانتماءات ومتعددة المسميات وهذا يعني أن عدم الدخول في قيادة واحدة حاكمة سيأخذ سوريا نحو مأزق الصراع الداخلي وصراع المصالح (لدى هذه الأطراف وداعميها) وهو ما قد يخلق في سوريا حالة من عدم الاستقرار الداخلي ناهيك عن الصراع المسلح الذي قد ينشب بين المكونات الأساسية والذي لن يحقق لسوريا سوى الدمار ويحول بوصلتها عن الهدف المنشود منذ 2011م. 1. ظهور الصراع الطائفي المذهبي: الجميع يعلم أن الطوائف في سوريا متعددة وخصوصًا الدينية منها وهذا بدوره سيقود الى كارثة ودوامة من الصراع وإراقة للدم، خاصة وأن العلويين قد سادوا في الحكم وتحولوا من طائفة هامشية الى طائفة حاكمة، وهو ما قد يخلق حالة من الانتقام لدى بعض الطوائف التي لربما عانت بشكل أو بآخر من الطائفة الحاكمة سابقًا (العلوية) خصوصًا التي تمكنت وبرزت قوتها وسلطتها في مرحلة ما بعد سقوط الأسد فيما لو لم يتم سرعة احتواء الموقف ونشر الوعي وثقافة التسامح وأن الوطن للجميع وأن الأخطاء السابقة ليست سوى أخطاء فردية. 1. غياب القيادة: دعني أعود بذهنك عزيزي القارئ الى 2011 ولكن هذه المرة الى اليمن، فمع قيام الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس علي عبدالله صالح، كانت المعارضة اليمنية لا تأخذ بعينها ضرورة وجود "البديل" بعد سقوط صالح، بل أتذكر ولعلك تتذكر أيضًا عندما قالت المعارضة في اللهجة الدارجة " يسقط عفاش والباقي سهل " وهذا كان الغباء بلفظه ومعناه، وهو أسوأ ما أخاف حدوثه وتكراره في سوريا من عدم الأخذ بالحسبان توفر بديل حقيقي لقيادة البلاد وصون الممتلكات والمال العام تحت هرمية واحدة في القرار والواقع وهو ما قد يعني حرب وصراع وحالة من عدم الاستقرار الداخلي والخارجي. 1. الوضع الاقتصادي: بداية لا يمكن القول أن الوضع الاقتصادي في عهد بشار الأسد كان يحمد عليه ويمكن فقدانه وهي حقبة أغلقت صفحاتها، ولكن بعد سقوط الأسد سيقع على عاتق الاطراف في السلطة الجديدة أخذ الوضع الاقتصادي بالحسبان بكون ذلك هو الهم الأول للمواطن بكل مشتقاته من استقرار للعملة وتقديم للخدمات وتحقيق تنمية وبناء الدمار الذي خلفته الحرب طوال الأعوام السابقة وغيرها الكثير وهذا بحد ذاته يكاد يكون التحدي الأبرز والأكبر خصوصًا وأن الثورة الشعبية في 2011 قامت ضد الوضع الاقتصادي السيء. 1. بسط نفوذ الدولة: في قواعد تغيير السلطة يكاد يكون الأمن هو الشغل الشاغل والتحدي الأول على السلطة الجديدة لا سيما وأن هذا السبب الى جانب الوضع الاقتصادي يكاد يكونا السبب في سقوط نظام وصعود آخر، وفي واقع سوريا فرض الأمن وبسط نفوذ الدولة هو تحدي مضاعف خصوصًا في ظل تعدد الفصائل المسلحة وانتشار الأسلحة بمختلف أنواعها ناهيك عن حالة الانتقام الفردي أو الجماعي التي قد تحدث إضافة الى تعدد الولاءات والداعمين لهذه الفصائل وهو ما يقد يخلق حالة من الصراع الظاهر أو الخفي بين تلك الفصائل تؤثر سلبًا في تحقيق هذا الاستقرار والمأمول لدى الشارع السوري. 1. التدخلات الخارجية (استقلالية القرار): في عالم اليوم لا يمكن أن تدار الدول بمعزل عن محيطها الإقليمي والدولي خصوصًا تلك الدول التي تتقاطع مصالحها مع الغير أو تتقاطع مصالح الغير فيها لا سيما في ظل موقع جغرافي استراتيجي كالموقع الجغرافي السوري، ولابد أن تكون هناك علاقة تأثير وتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر، لذا فإن امتلاك القرار سواءً السياسي والاقتصادي أو غير ذلك في بلد أنهكته الحرب هو تحدي بحد ذاته، لذا يجب على السلطة السورية الجديدة أن تكون ذات سلطة حقيقة فعلية في قرارها ومواقفها وأن تسعى بإرادة صلبة نحو تحقيق المصلحة السورية ومقاومة التدخلات الخارجية سواء تلك الحليفة أو الصديقة أو المضادة القديمة منها والجديدة أو المصالح الضيقة لبعض الأطراف الداخلية التي تقدم مصالحها على الصالح العام، أضف إلى ذلك أن خارطة التحالفات كما أشرنا آنفًا ستتغير وسيتم تحديثها وفقاً للمصالح أولاً ووفقاً للسلطة الجديدة القائمة ثانياً. 1. الفساد: ينشط الفساد في اي بلد تتوفر فيه البيئة الخصبة ولا يوجد بيئة أخصب للفساد من حالة العشوائية وحالة الحرب وما بعد الحرب في ظل تعدد الأطراف الداخلية والأقطاب الخارجية خصوصًا، ان العشوائية وحالة اللاستقرار هي مصالح قَيِّمة لتلك الدول المعادية وبالتالي يقع على عاتق السلطة الجديدة أن تخلق بيئة صارمة لمكافحة الفساد أيان كان نوعه ومصدره سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.