يستعد يمن الإيمان المحمدي بكل شوق بكل عزة وحرية وإباء محمدي ويختار من بين تلك التواريخ المتعددة يوم الثاني عشر من ربيع الأول للاحتفاء والاحتفال بذكرى مولد خير البرية، خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله. ويأتي احتفاء شعب الإيمان اليماني بهذه المناسبة العظيمة والذكرى الخالدة كمظهر من مظاهر التعبير عن الفرح والابتهاج، والتقدير لنعمة الله تعالى، والاعتراف بفضله وَمنته، كما قال تعالى" {لَٰكِنِ 0لرَّسُولُ وَ0لَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ جَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ 0لۡخَيۡرَٰتُۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ 0لۡمُفۡلِحُونَ} . وتبرز أهمية الإشارة هنا إلى أن ميلاد النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد مثل حدثا باهرا ونقطة تحول فاصلة بين زمنين هما زمن الباطل وزمن الحق وجاء مولده في العام الذي سمي عام الفيل نسبة إلى ذلك الجيش الضخم الذي ساقه أبرهة الحبشة مصحوبا بفيل كبير إلى مكة ليهدم كعبتها المشرفة، فرده الله بطير أبابيل التي أمطرته حجارة وموتا زؤاما، أنهى قصة ذلك الجيش الذي قاده الطغيان الأعمى إلى نهايته التي بدأت من القليس وانتهت بركام وأشلاء متناثرة. ولقد كانت مسيرة رسول الله الجهادية أعظم قصة نجاح في التاريخ، لأعظم قائدٍ وقدوة، ولأقدس راية، وبأقل التكاليف على مستوى الخسائر البشرية والمادية، ولصالح أعظم مشروع لخير الناس في الدنيا والآخرة .. ولذلك فإن الاتباع، والاقتداء والاهتداء، برسول الله محمد "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، بقدر ما هو التزام إيماني، هو طريق النجاة والفلاح، وصلةٌ برحمة الله تعالى وتأييده ورعايته لهذه الأمة وهو أتم النعمة وأكمل الحجة على عباده فإلى جانب التسخير المادي، والنعم العظيمة، والتمكين الكبير الذي بلغ فيه المجتمع البشري تقدما متصاعدا ومتسارعا، وإلى جانب واقع الحياة الذي اتسع كثيرا، وإلى جانب التحديات والمخاطر الأكبر؛ كان هدى الله- متمثلًا في كتابه ورسوله- أوسع وأعظم، وكفيلًا بتحقيق الرشد اللازم، والهداية الكافية للسير بالإنسان بشكلٍ صحيح، ولإدارة المجتمع الإنساني بشكلٍ سليم. وقد أثبتت تجربة حركة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالقرآن الكريم، وبعثته بالرسالة مصداقية ذلك، فقد تحرك في أوساط المجتمع الجاهلي، في البيئة العربية التي كانت تعاني من الجهل، والتخلف، والأمية، والعصبية العمياء، وتعيش حالة مأساوية من الفوضى والانفلات والضياع فتحرك -صلوات الله عليه وعلى آله- بالرسالة الإلهية وفق الطريقة التي رسمها الله له، وكانت أول نواة ومجموعة انضوت تحت راية الإسلام مكونة من ثلاثة أشخاص: رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله-، وزوجته الصدّيقة السابقة خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وواصل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حركته بالرسالة، مواجها كل التحديات، ومتصديًا لكل الصعوبات، برعاية الله ونصره، ووفق تعليماته وتوجيهاته، فاتسعت تلك الدائرة حتى عمَّ نور الإسلام أرجاء الجزيرة العربية، وكان له تأثيره الذي امتد إلى كافة أنحاء المعمورة بمستوياتٍ مختلفة، وأحدث نقلة نوعية كبيرة بالواقع العربي من حالة الأمية، والجهل، والخرافة، والكفر، والفجور، والفسق، والظلم إلى حالة الاهتداء بنور الإسلام ، والاعتصام بحبل الله تعالى، وإرساء مبادئ الحق، والخير، والنور، والعدل، ومكارم الأخلاق. وحبا وتوقيرا وتعظيما لهذا الرسول الكريم الأعظم يحتفي شعب اليمن العظيم بذكرى مولده الشريف كل عام بل ويتصدر كافة شعوب العالم في مظاهر تعبيره عن التقديس والتعظيم لهذه المناسبة وفي إيمانه الراسخ بالله وتمسكه بهدي كتابه الكريم القرآن العظيم وكذا في استمرار ثباته وتمسكه بموقفه الداعم والمساند للمستضعفين والمظلومين من إخواننا الفلسطينيين ونصرتهم من خلال الاستمرار في فرض الحصار الكامل على العدو الإسرائيلي بحرا وجوا الذي لن يتوقف إلا بوقف عدوان كيان الاحتلال على قطاع غزة ورفع حصاره المفروض على سكانها لأكثر من عامين .. وما النصر إلا من عندالله .