مأرب.. البدء والختام    صادق منصور الصوت المدوي بصمت !    وزارة العدل تواصل برنامج "اليوم المفتوح" لخدمة المواطنين    عودة غربان الظلام إلى عدن لإلتهام الوديعة السعودية    قبائل مقبنة بتعز تعلن الجهوزية لمواجهة اي تصعيد    تعز.. حادث مروري مروّع يخلف أكثر من 10 ضحايا    الذهب والنفط يخسران بسبب توقعات خفض الفائدة    وكالة: الرباعية تلوّح بفرض عقوبات على محافظي المحافظات المعرقلين برنامج الإصلاحات الاقتصادية والمالية    وفاة وإصابة 14 مواطنا إثر انقلاب حافلة ركاب في نقيل حيفان بتعز    جمعية حماية المستهلك تُكرّم وزير الاتصالات وتقنية المعلومات    رئيس مجلس النواب: اليمن يمتلك ما يكفي لمواجهة كافة المؤامرات والتحديات    الإعلان عن الفائزين بجوائز فلسطين للكتاب لعام 2025    ثالث يوم قتل في إب.. العثور على جثة شاب في منطقة جبلية شرق المدينة    غوارديولا يجدد دعمه للقضية الفلسطينية    فريق أثري بولندي يكتشف موقع أثري جديد في الكويت    الحاكم الفعلي لليمن    الدجّال الكاريبي.. ماكينة الأكاذيب التي تحاول تمزيق حضرموت    "مثلث الموت".. تمدد القاعدة على حدود اليمن والجنوب    الديمقراطية: قرار 2803 أمام الاختبار العملي لوقف الانتهاكات وانسحاب العدو من غزة    حكيمي ينافس صلاح وأوسيمين على جائزة أفضل لاعب أفريقي عام 2025    شباب القطن يجدد فوزه على الاتفاق بالحوطة في البطولة التنشيطية الثانية للكرة الطائرة لأندية حضرموت    مساء اليوم.. المنتخب الوطني الأول يواجه بوتان في التصفيات الآسيوية    اليوم.. أوروبا تكشف عن آخر المتأهلين إلى المونديال    كرواتيا تؤكد التأهل بالفوز السابع.. والتشيك تقسو على جبل طارق    صفقة إف 35 للسعودية .. التذكير بصفقة "أواكس معصوبة العينين"    العراق يواجه الإمارات بالأرض والجمهور    5 متهمين في واقعة القتل وإطلاق النار على منزل الحجاجي بصنعاء    حجز قضية سفاح الفليحي للنطق في الحكم    صحيفة دولية: التوتر في حضرموت ينعكس خلافا داخل مجلس القيادة الرئاسي اليمني    عاجل.. مقاوم يمني ضد الحوثي يعيش على بُعد 600 كيلومتر يتعرض لانفجار عبوة في تريم    مركز أبحاث الدم يحذر من كارثة    37وفاة و203 إصابات بحوادث سير خلال الأسبوعين الماضيين    ضبط قارب تهريب محمّل بكميات كبيرة من المخدرات قبالة سواحل لحج    نجاة قائد مقاومة الجوف من محاولة اغتيال في حضرموت    بلومبيرغ: تأخر مد كابلات الإنترنت عبر البحر الأحمر نتيجة التهديدات الأمنية والتوترات السياسية (ترجمة خاصة)    الهجرة الدولية: استمرار النزوح الداخلي في اليمن وأكثر من 50 أسرة نزحت خلال أسبوع من 4 محافظات    قراءة تحليلية لنص "عدول عن الانتحار" ل"أحمد سيف حاشد"    المقالح: بعض المؤمنين في صنعاء لم يستوعبوا بعد تغيّر السياسة الإيرانية تجاه محيطها العربي    بيان توضيحي صادر عن المحامي رالف شربل الوكيل القانوني للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشأن التسريب غير القانوني لمستندات محكمة التحكيم الرياضية (كاس)    إضراب شامل لتجار الملابس في صنعاء    وزارة الشؤون الاجتماعية تدشّن الخطة الوطنية لحماية الطفل 2026–2029    جبايات حوثية جديدة تشعل موجة غلاء واسعة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي    عودة العليمي وشلته إلى عدن.. لإنقاذ أرصدتهم مع وصول وديعة سعودية    إحصائية: الدفتيريا تنتشر في اليمن والوفيات تصل إلى 30 حالة    دائرة التوجيه المعنوي تكرم أسر شهدائها وتنظم زيارات لأضرحة الشهداء    نوهت بالإنجازات النوعية للأجهزة الأمنية... رئاسة مجلس الشورى تناقش المواضيع ذات الصلة بنشاط اللجان الدائمة    مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه ل " 26 سبتمبر " : التداعيات التي فرضها العدوان أثرت بشكل مباشر على خدمات المركز    الدكتور بشير بادة ل " 26 سبتمبر ": الاستخدام الخاطئ للمضاد الحيوي يُضعف المناعة ويسبب مقاومة بكتيرية    قراءة تحليلية لنص "محاولة انتحار" ل"أحمد سيف حاشد"    التأمل.. قراءة اللامرئي واقتراب من المعنى    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    نجوم الإرهاب في زمن الإعلام الرمادي    الأمير الذي يقود بصمت... ويقاتل بعظمة    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبهة الإسناد اليمنية.. حضور فاعل غيّر الواقع وأكدته الوقائع
نشر في 26 سبتمبر يوم 03 - 10 - 2025

تحليل / ماجد السياغي .. سجّلت اليمن حضوراً بارزاً في معركة طوفان الأقصى التي دشنتها فصائل المقاومة الفلسطينية في ال7 من أكتوبر من العام 2023م، حيث قرر الشعب اليمني الأبي الصامد في موقف متكامل قيادةً وجيشاً وشعباً، نيل شرف المشاركة في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس لتحرير فلسطين من دنس العدو الصهيوني.
منذ انطلاق معركة طوفان الأقصى، حمل الموقف اليمني المناصر للقضية والداعم للمقاومة الفلسطينية في طياته ثبات الحقائق، متجاوزًا حدود التوقعات، ليصدم أركان العدو الصهيوأمريكي، ويعيد رسم مسار المعركة.
وخاضت القوات المسلحة اليمنية منذ أكتوبر 2023م خمس مراحل من التصعيد دعماً وإسناداً للمقاومة والشعب الفلسطيني، وفق مسارين رئيسيين؛ الأول استهداف العمق الصهيوني بالصواريخ والطائرات المسيَّرة، والثاني استهداف الملاحة الإسرائيلية وتعطيل خطوط إمدادها.
المرحلة الأولى من التصعيد
منذ منتصف أكتوبر 2023م، بدأت اليمن تنفيذ المرحلة الأولى من التصعيد ضمن مسار تصعيدي متدرج، حيث شرعت بحصار بحري محكم استهدف حركة الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، إضافة إلى ضربات مركزة على ميناء أم الرشراش. أدى ذلك إلى إرباك شبكة إمداد العدو الصهيوني وتوجيه ضربات موجعة لاقتصاده.
وفي 9 ديسمبر 2023م، أعلنت القوات المسلحة اليمنية بدء استهداف السفن المتجهة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، في رسالة تأتي ضمن توسيع إطار العمليات في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن والبحر العربي، كقرار استراتيجي يفرض واقعاً جديداً.
وفي هذه المرحلة، نفذت القوات المسلحة اليمنية عدة عمليات عسكرية بالصواريخ والطائرات المسيَّرة، مستهدفة بدقة المنطقة الاستراتيجية شمال فلسطين المحتلة، ولم يقتصر الحصار اليمني على الملاحة فقط، بل بلغ ذروته بإغلاق ميناء أم الرشراش المسمى إيلات وهو ميناء حيوي للعدو الإسرائيلي.
المرحلة الثانية من التصعيد:
مع إعلان المرحلة الثانية من التصعيد، أدرجت القوات المسلحة اليمنية السفن الأمريكية والبريطانية ضمن قائمة أهدافها، فخلال ما بين أكتوبر 2023م ويناير 2024م، استهدفت القوات البحرية اليمنية السفن المرتبطة بدعم الكيان الإسرائيلي، وعلى رأسها سفينة جلاكسي ليدر، بالإضافة إلى سفن أخرى متجهة إلى موانئ العدو.
وأمام هذه الفداحة في الخسائر العسكرية والاقتصادية، فضلاً عن الأثر النفسي والمعنوي السلبي، قام العدو بتشكيل تحالف دولي يضم أكثر من 20 دولة بقيادة الولايات المتحدة تحت اسم «تحالف الازدهار»، بهدف تأمين الملاحة البحرية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن واحتواء الهجمات البحرية اليمنية الفاعلة والمؤثرة.
ومع مرور أيام قليلة على إعلان تشكيل تحالف «حارس الازدهار»، فشلت السفن الحربية التابعة له في حماية الملاحة الإسرائيلية أمام عمليات القوات المسلحة اليمنية المشروعة، التي كشفت عن عجز التحالف في تنفيذ مهمته البحرية.
وفشل التحالف في حماية السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية دفع الولايات المتحدة وبريطانيا إلى شن عدوان جوي على اليمن، في محاولة لاستعادة الردع وكسر القدرات اليمنية. إلا أن هذه الغارات أيضاً باءت بالفشل مع استمرار تكثيف القوات المسلحة اليمنية عملياتها البحرية، والتي بلغت ذروتها بإغراق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، ما عزز من فشل التحالف وألقى بظلاله على المصالح الأمريكية والبريطانية في المنطقة، بينما تواصل اليمن تحديها لهذا العجز بثبات وعزيمة لا تلين، مستندة إلى إرادة وطنية صلبة وجهود متواصلة في تطوير قدراتها التسليحية،
المرحلة الثالثة من التصعيد:
في 14 مارس 2024م، أعلنت القوات المسلحة اليمنية بدء المرحلة الثالثة من التصعيد العسكري، ردًا على الجرائم المستمرة التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ضد المدنيين في قطاع غزة.
وفي هذه المرحلة، وسعت اليمن عملياتها لتشمل سفنًا في المحيط الهندي، منها إسرائيلية وأمريكية وبريطانية، مما يعكس نهجًا استراتيجيًا وتكتيكيًا متقنًا دفع بالعدو نحو مزيد من الفشل.
وفي موازاة ذلك واجهت البحرية الأمريكية ضغوطًا متزايدة في المنطقة مع تمركز حاملتي الطائرات «روزفلت» و»إبراهام لينكولن»، إلى جانب وجود غواصات ومدمرات في شرق المتوسط، في حين يغيب تمامًا تواجدها في البحر الأحمر.
وقد أكدت تصريحات القادة العسكريين الأمريكيين تطور قدرات القوات البحرية اليمنية وصعوبة الردع العسكري التقليدي، مشيرين إلى أن الحسم العسكري أصبح غير ممكن، وأن الابتعاد عن المواجهة المباشرة كان الخيار الأكثر أمانًا وتكتيكيًا.
المرحلة الرابعة من التصعيد:
مع مطلع مايو 2024م، أعلنت اليمن المرحلة الرابعة من التصعيد، وهي مرحلة الحظر الشامل على الملاحة البحرية المتجهة إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة، معلنة قدرة عسكرية استثنائية لا تميّز بين جنسية السفن، فكل من يسعى لدعم العدو الإسرائيلي يصبح هدفًا ضمن دائرة الاستهداف.
وشرعت القوات المسلحة اليمنية في شن عمليات استباقية، حيث شكّل الهجوم على المدمرة الأمريكية «آيزنهاور» نقطة تحول تاريخية دوّى صداها على المستوى الدولي. امتدت هذه العمليات عبر البحر مستهدفة العديد من السفن في المناطق المائية الحيوية، التي تحولت إلى مسارح لمعركة الكرامة والتحدي اليمنية.
ونفّذت القوات المسلحة اليمنية ضربات دقيقة استهدفت 39 نقطة بحرية استراتيجية، تضمنت مدمرات أمريكية وبريطانية، بأسلوب يعكس تطور القدرات وإرادة لا تعرف الانكسار ولا تقبل الهزيمة. وخلال شهري يونيو ويوليو 2024م، تواصلت العمليات الصاروخية النوعية عبر تنسيق محكم مع المقاومة العراقية، حيث تحولت منطقتا أم الرشراش وميناء حيفا إلى جبهات مشتعلة.
وفي أغسطس 2024م، ارتفع نجم الطائرات المسيرة اليمنية التي أحدثت زلزالًا في أروقة الأساطيل الحربية، مستهدفة المدمرة «كول» بدقة متناهية، مما أدى إلى كسر هيبة الهيمنة الأمريكية وتسريع عملية انسحاب قواتها إلى مواقع أكثر أمانًا.
المرحلة الخامسة من التصعيد:
في فجر الجمعة 19 يوليو 2024م، كشفت القوات المسلحة اليمنية عن قدرتها الفائقة بالوصول إلى عمق الكيان الصهيوني، بهجوم مدروس استهدف قلب عاصمة العدو بطائرة مسيَّرة، من نوع يافا، مخلفًا قتيلًا وعشرة جرحى، وأضرارا مادية جسيمة، ليُحدث زلزالًا أمنيًا داخل الكيان.
واستمر الموقف اليمني الثابت وفق مساره الهادف إلى فعل ما هو أقوى بالعدو، وهو ما أكده قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي أن الرد على العدو الصهيوني، قرار استراتيجي وضرورة فعلية لردع العدو وإيقاف عدوانه على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وفي يناير 2025م، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حماس والعدو الإسرائيلي بوساطة أمريكية مصرية قطرية، بعد عدوان استمر 15 شهرًا ارتكب فيه العدو أبشع الجرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وأُعلن الاتفاق في 15 يناير ودخل حيز التنفيذ في 19 يناير، إلا أنه لم يدم طويلًا، حيث لم يلتزم العدو الإسرائيلي بالاتفاق وشن غارات إجرامية واسعة على قطاع غزة في مارس 2025م، وأطبق الحصار على القطاع وأوقف دخول المساعدات الإنسانية، منتهجاً سياسة القتل بالتجويع، في حين استخدمت الولايات المتحدة حق النقض لمنع قرارات دولية بوقف إطلاق نار دائم، وإطلاق العنان لارتكاب المزيد من جرائم الإبادة على يد آلة البطش الصهيوامريكية.
عمليات نوعية
وبعد انهيار الهدنة في غزة، عادت جبهة الإسناد اليمنية بقوة وتصعيد متواصل وتصدرت اليمن المواجهة مع كيان العدو الإسرائيلي من خلال سلسلة من العمليات النوعية التي توالت بزخم نوعي من الصواريخ الفرط صوتية والانشطارية متعددة الرؤوس والطائرات المسيّرة فائقة التطور التي استهدفت المناطق الحيوية للعدو ومنها مطاري اللد ورامون ويافا المحتلة متجاوزةً منظومات الدفاع الإسرائيلية، وهو ما استدعى فتح تحقيق إسرائيلي حول فشل منظومات الاعتراض، وذلك انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطينيّ ومجاهديه ورداً على جرائم الحصار والتجويع والإبادة الجماعية التي يقوم به العدوُّ الإسرائيليُّ بحقّ أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ورداً على العدوان الإسرائيليِّ على اليمن وجرائمه بحق الشعب اليمني الأبي الصامد.
وفي المقابل، استمر كيان العدو الإسرائيلي في شن غارات جوية فاشلة على اليمن استهدفت الأعيان المدنية والبنية التحتية التي تقدم خدماتها للمواطنين، وطالت المدنيين مخلفة شهداء وجرحى من بينهم رئيس حكومة التغيير والبناء وعدد من رفاقه الوزراء الذين ارتقوا شهداء على طريق القدس. هذه الجرائم قال عنها قائد الثورة إنها تمثل حلقة جديدة في سلسلة الإجرام الصهيوني ضد شعوب الأمة، مؤكداً أن التضحيات الكبيرة في سبيل الله لا تضعف موقف اليمن الرسمي أو الشعبي، بل تزيده ثباتاً وصموداً وعزماً. وقد وُطّن الشعب نفسه منذ البداية على التضحية، مدركاً أن مصلحته الحقيقية تكمن في الحفاظ على حريته وكرامته.
وهذه التضحيات أشعلت جذوة الصمود الرسمي والشعبي بقوة وعزيمة لا تلين في مواجهة العدو الصهيوأمريكي، في كل مسارات المواجهة، نراها أكثر تجلّياً في مسار تطوير القدرات العسكرية، كان آخرها تطوير منظومات الدفاع الجوي، التي نجحت في صد كثير من غارات العدو وإجبار طائراته على التراجع.
وسبق هذا الفشل فشل العدوان الأمريكي الذي حاول إخضاع اليمن للهيمنة الأمريكية وحماية أمن الكيان الصهيوني والذي انطلق سابقاً عبر أدوات سعودية وإماراتية لكنه تحول إلى هجوم أمريكي مباشر على جبهة الإسناد اليمنية بعد فشل هذه الأدوات في تحقيق أهداف واشنطن. استهدف العدوان مواقع مدنية وبنى تحتية حيوية، ما كشف هشاشة الخطط وضعف الاستراتيجيات الأمريكية.
كما أن تكتيكات القوات المسلحة اليمنية غير التقليدية، التي استخدمت أسلحة نوعية وقدرات عالية، إلى جانب طبيعة الأرض الوعرة، جعلت السيطرة الأمريكية مستحيلة. كما فشلت واشنطن في تأمين الملاحة في البحر الأحمر، مما عرضها لخسائر كبيرة، منها استهداف حاملات الطائرات خاصة حاملة الطائرات «ترومان» وإسقاط طائرات دون طيار من نوع MQ-9 وصلت إلى 24 طائرة منذ العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن، منها إسقاط 7 طائرات في الأسابيع الأخيرة من أبريل 2025م.
وساطة عمانية
سياسياً، تميز العدوان بغياب الاستراتيجية، اقتصادياً، رغم الحصار، نجحت اليمن في إحداث شلل جزئي في الاقتصاد الأمريكي والإسرائيلي عبر عمليات بحرية في بحر الأحمر وخليج عدن مع استمرار الصمود والتصعيد العسكري اليمني في إطار الموقف الثابت الداعم للشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية.
مما دفع الولايات المتحدة إلى إعلان وقف العدوان بوساطة عمانية بعد تكبدها خسائر فادحة دون أن تحقق أهدافها. هذا الفشل لم يقوّض فقط الحضور الأمريكي في اليمن، بل عزز من قوة اليمن الإقليمية وموقفه في المعادلة الدولية، حيث أصبح درعاً قويًا للمقاومة ومصدراً لهزائم استراتيجية غير مسبوقة لقوى الهيمنة في المنطقة، مؤكداً استقلال قراره العسكري وانتصاره رغم كل محاولات الحصار والعدوان المستمر.
(ملاحظة: يظهر هنا جرافيك بعدد العمليات التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية في المرحلة الخامسة وكذلك عدد حاملات الطائرات الأمريكية المستهدفة)
وتُشكل العمليات العسكرية اليمنية على العدو الإسرائيلي ضربة موجعة واضحة الأبعاد، تبدأ بالنتائج الفورية التي تترجم واقع المواجهة على الأرض. ففي كل مرة يُطلق فيها صاروخ من الأجواء اليمنية، تتعالى صافرات الإنذار في أكثر من نصف مساحة فلسطين المحتلة، مما يخلق حالة من الهلع والذعر بين المستوطنين. وما يزيد المشهد توتراً هو أن نصف المستوطنين يفرون إلى الملاجئ عند كل إنذار، وهذا يعكس القلق المزمن لدى الصهاينة ويعبر عن هشاشة أوضاعهم الأمنية.
نتائج استراتيجية
أما النتائج الاستراتيجية، فتُبرز فشلاً ذريعاً للمنظومات الدفاعية للكيان، بما فيها منظومة "ثاد" الأمريكية المتطورة، التي ثبت عجزها عن التصدي للصواريخ اليمنية ذات السرعة الفائقة.
ونتج عن هذا الواقع تآكل الثقة داخل المستوطنات في قدرة حكومة الكيان على حماية قطعان الصهاينة، وبرزت ظاهرة الهجرة العكسية بشكل غير مسبوق، حيث يفكر أكثر من ربع المستوطنين في مغادرة فلسطين المحتلة بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة، فيما غادر نحو نصف مليون مستوطن منذ بداية معركة طوفان الأقصى.
اقتصادياً، جعل الحصار البحري اليمني من ميناء "إيلات" نقطة ضعف قاتلة، فتم إغلاقه، مما ألحق خسائر جسيمة بالاقتصاد الإسرائيلي. وهذا الأثر امتد بشكل لم يتوقعه أحد، ليطال الشركات الأوروبية والأمريكية التي تقف خلف الدعم للكيان، كما تركت العمليات اليمنية أثراً سلبياً على الاستثمار، حيث تراجعت ثقة المستثمرين في كيان العدو الإسرائيلي، كما شهد قطاع السياحة، الذي يعد ركيزة مهمة من اقتصاد الكيان، تدهوراً ملحوظاً عكّر مزاج العدو الإسرائيلي، الذي كان يأمل في تحسين أوضاعه الاقتصادية، لكن العمليات العسكرية اليمنية أجهضت هذه الآمال، ملتهمة بذلك جزءاً أساسياً من قدرة العدو على الصمود والاستمرار.
وتشير التقديرات إلى أن خسائر الكيان بلغت أكثر من 67.3 مليار دولار، وفي ظل هذا الواقع المتأزم، قامت وكالة فيتش بتخفيض التصنيف الائتماني لكيان العدو، نظراً لتفاقم المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية التي قد تهدد استقراره في المستقبل القريب.
وشهد اليمن منذ انطلاق معركة طوفان الأقصى من خلال موقفه المشرِّف الذي تترجمه جبهة الإسناد اليمنية، تحولات جوهرية أثمرت عن مكاسب استراتيجية، فقد شهدت قدراته العسكرية تطوراً ملموساً كشف فيه عن منظومات أسلحة متقدمة تميزت بالتقنية العالية، إلى جانب مجموعة من الأسلحة البحرية المتطورة التي أثبتت فعالية مدهشة في ميادين القتال.
وهذا التقدم العسكري لم يكن مجرد إنجاز تكتيكي، بل رسخ دور اليمن على الساحة الإقليمية والدولية في دعم المقاومة، عزز هذا الدعم الرسمي والشعبي مكانة اليمن كقوة مؤثرة، يتوقف أمامها الجميع. أما التأثيرات العملية، فقد كانت أكثر بُعداً، إذ أسقطت نظرية الردع الإسرائيلية، وكبلت تأثير الهيمنة الأمريكية في المنطقة، وفرضت قواعد اشتباك ومعادلات جديدة غير مسبوقة.
جبهة اسناد متقدمة
كل ذلك جرى ويجري والشعب اليمني يسطّر ملحمة صمود فريدة لا مثيل لها، تعكس عمق انتمائه وهويته وحضارته العريقة. هنا، يتجسد الوفاء لغزة والقضية الفلسطينية والمقاومة الباسلة بإيمان ثابت ووعي ثاقب وقيادة حكيمة.
وفي ساحات العزة والكرامة، تصدح حناجر ملايين اليمنيين الأحرار بهتافات التحدي تملأ الفضاء، ترفض الخنوع للعدوان الأمريكي والصهيوني، وتؤكد أن اليمن عصي على الانكسار، وجبهة إسناد متقدمة لنصرة المظلومين، لا تهدأ حتى رفع الحصار وإيقاف العدوان على أبناء الشعب الفلسطيني. وفي عزيمة لا تلين، يواجه الشعب اليمني العدوان الهمجي بالإصرار، معتصماً بإيمانه وجهاده في كل مسيرة، مانحاً رسالة واضحة بأن عدوان أمريكا وإسرائيل لن يثنيه عن دعم غزة وفلسطين.
ووسط خذلان عربي وإسلامي وصمت دولي مدوٍّ، يثبت اليمن أنه السلاح الامضى في وجه الهيمنة والاستكبار والظلم قولاً وفعلاً تترجمه القوات المسلحة اليمنية إلى ضربات موجعة في البحر وعمق فلسطين المحتلة، لتكون رسالة لكل الأمة بأن وقت الصمت قد ولى، وأن الحق لا يُهزم، والحق رداء القوة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.