في سياق كلمته عن شخصية الشهيد الغماري ودوره في معركة الدفاع عن السيادة الوطنية وإسناد الشعب الفلسطيني، استعرض قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي العديد من الصفات والسجايا التي تميز بها الشهيد الفريق الركن محمد عبدالكريم الغماري. ومن أبرز السمات التي تطرق إليها السيد القائد: "الصبر والمبادرة"، وهاتان الصفتان تستحقان التوقف عندهما كثيرًا لما لهما من أهمية في شخصية القائد الغماري، وأيضًا في شخصية أي قائد يحذو حذو هذا الفارس المغوار الذي جسّد أروع صور البطولة والفداء في ميادين وجبهات القتال. 26 سبتمبر – خاص الصبر: من أهم ما يميز القائد هو الصبر وسعة الصدر وتحمل الصعاب في سبيل تحقيق الغاية والهدف الذي يسعى إليه من خلال قيادته للمعركة أو تنفيذ أي مهمة تتطلب قرارًا حاسمًا من القائد. الصبر فيه أجر عظيم، ولذلك نجد كثيرًا من الآيات تحثنا عليه، ومنها قول الله تعالى: "إن الله مع الصابرين"، "وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر"، وقوله سبحانه وتعالى: "والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس، أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون". ولأهمية الصبر، ذكره الله في القرآن الكريم في تسعين آية. فالقائد الذي لا يمتلك الصبر حتمًا سيقع في أخطاء فادحة، خاصة عند إصدار الأوامر أو اتخاذ القرارات بشكل سريع دون التأكد من صحة المعلومات الواردة إليه. وفي هذه الحالة، إذا لم يكن لدى القائد صبر ومعرفة كافية، فإنه قد يستعجل في الحكم أو إصدار القرار دون الإلمام الكامل بالقضية، مما ينعكس سلبًا على إدارته لأي مهمة تُسند إليه. المبادرة تمثل المبادرة أهمية كبيرة لا تقل عن سمة الصبر، فبها يستطيع القائد أن يصل إلى تحقيق غايات وأهداف قد يغفل عنها من هو أعلى منه في مصدر اتخاذ القرار تجاه أي قضية قد تبدو للقائد الميداني أكثر وضوحًا من القائد الذي يتابع سير تنفيذ المهام من غرفة العمليات مثلًا. من هاتين السمتين يمكننا استخلاص الكثير من الدروس والعبر لنستفيد منهما في واقع حياتنا، قادة وأفرادًا. وبالطبع، فإن السمات التي تطرق إليها السيد القائد عن الشهيد الغماري كثيرة، لكننا أفردنا الحديث عن الصبر والمبادرة لأهميتهما ودورهما في صقل شخصية القائد ليكون ناجحًا وبارعًا في قيادة مرؤوسيه. فكما كان الشهيد الغماري يمتاز بالصبر والمبادرة، فقد كان كما وصفه السيد القائد مبتكرًا وبارعًا، استطاع أن يضع بصمات في أهم مفاصل القوات المسلحة، ومنها مجال الارتقاء بتطوير القدرات العسكرية من خلال التصنيع الحربي والتحديث الذي شهدته مختلف صنوف القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية، في أشد المراحل وأخطرها على الإطلاق، والتي أشرف عليها الشهيد البطل الفريق الركن محمد عبدالكريم الغماري، رحمه الله. ملهم للأجيال المآثر الخالدة التي سطرها الشهيد الفريق الركن محمد الغماري ستظل مدرسة ومنارة تهتدي بها الأجيال المتعاقبة، ينهلون منها أسمى معاني التضحية والفداء في سبيل الله، دفاعًا عن الدين والوطن ونصرة المستضعفين من المسلمين أينما كانوا. مسيرة عطاء توجت بالشهادة، وهذه هي أمنية القادة الذين نذروا حياتهم لله وللوطن، واضعين أمامهم هدفًا وغاية هي مواجهة أعداء الله، وعلى رأسهم الصهاينة الغاصبون لأرض فلسطين وداعموهم الأمريكان. على نهج الشهيد الفريق الغماري سنواصل المضي قدمًا في مواجهة الأعداء، مستلهمين منه روح المبادرة وصبره على الشدائد وبسالته التي دوّخت الأعداء وكبّدتهم خسائر كبيرة في ميادين اليمن الإقليمية والدولية، في البحرين العربي والأحمر، وفي عمق المناطق الفلسطينيةالمحتلة. قائد استثنائي ترجّل القائد الغماري، تاركًا خلفه نجاحات وإنجازات كبيرة للقوات المسلحة، وتاريخًا مفعمًا بالانتصارات والبطولات التي تجسد دور هذا القائد الاستثنائي الذي خدم شعبه وأمته العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، في مرحلة بالغة الخطورة والتعقيد. رحم الله الشهيد الغماري، وكل شهداء اليمنوفلسطين الذين ارتقوا خالدين على طريق القدس، في أقدس معركة بين الحق والباطل، برز فيها قادة وجنود أوفياء ضحّوا بدمائهم الزكية في سبيل الله، دفاعًا عن فلسطين والمسجد الأقصى المبارك.