الحراك الجنوبي يثمن إنجاز الأجهزة الأمنية في إحباط أنشطة معادية    المال العام بين النهب والصمت    العودة إلى منطق الدولتين.. المخرج الأخلاقي والعملي لاستقرار الجنوب واليمن    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    حزام الأسد: بلاد الحرمين تحولت إلى منصة صهيونية لاستهداف كل من يناصر فلسطين    ليفركوزن يكتسح هايدنهايم بسداسية.. ولايبزيج يرفض هدية البافاري    تركتمونا نموت لوحدنا    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    عملية ومكر اولئك هو يبور ضربة استخباراتية نوعية لانجاز امني    البخيتي :حربنا مع السعودية لم تعد حدودية بل وجودية    المهرة.. جمرك شحن يعلن تعرض موظفيه للتهديد على ذمة الإيرادات والسلطة المحلية تنفي وتؤكد التزامها بالإصلاحات    "مفاجأة مدوية".. ألونسو مهدد بالرحيل عن ريال مدريد وبيريز يبحث عن البديل    الإصلاح الإخواني ينهب إيرادات تعز لتمويل الإرهاب والتكفير    قيادة وزارة الشباب والرياضة تزور أضرحة الشهداء الصماد والرهوي والغماري    الجواسيس يكشفون أساليب التدريب والتقنيات المستخدمة واستغلال "المنظمات" للتجسس والإجرام    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    نائب وزير الشباب يؤكد المضي في توسيع قاعدة الأنشطة وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية    الشعب ينهي مبارياته بتأكيد العلامة الكاملة وأهلي الغيل يحسم الصراع مع الأخضر لصالحه في بطولة البرنامج السعودي للكرة الطائرة    فرع القدم بوادي حضرموت يعقد أجتماعا موسعا باللجان .. ويناقش المرحلة المقبلة و اعداد الخطط الخاصة بذلك ..    عين الوطن الساهرة (1)    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    الدوري الانكليزي الممتاز: تشيلسي يعمق جراحات وولفرهامبتون ويبقيه بدون اي فوز    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    الوزير البكري يحث بعثة اليمن المشاركة في العاب التضامن الإسلامي في الرياض على تقديم افضل أداء    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة السفير فكري السقّاف    نقابة المعلمين تستنكر تأخير الرواتب وتلوّح بالتصعيد    المستشفى العسكري يدشن مخيم لاسر الشهداء بميدان السبعين    وفاة جيمس واتسون.. العالم الذي فكّ شيفرة الحمض النووي    بحضور رسمي وشعبي واسع.. تشييع مهيب للداعية ممدوح الحميري في تعز    وصول أولى قوافل التجهيزات الطبية الإمارات لمشافي شبوة    الهجرة الدولية ترصد نزوح 69 أسرة من مختلف المحافظات خلال الأسبوع الماضي    تغاريد حرة .. قل ما تريد ونحن نقطقط ما نريد    القبض على مطلوب أمني خطير في اب    لاعبة عربية تدخل قوائم المرشحين لجوائز "فيفا"    المحاسبة: من أين لك هذا؟    مدير ميناء المخا: الميناء، اصبح جاهز لاستقبال سفن الحاويات    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    الذهب يصعد مدعوما بالإغلاق الحكومي الأمريكي    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الصحفي مطر الفتيح يطمئن على صحة الإعلامي القدير عبدالسلام فارع بعد رحلة علاجية في مصر    قياسي جديد.. 443 ألفا انتظار حفل مجيد    بنحب مصر وبلا حراسات.. زعماء أوروبا يمددون إقامتهم ويندمجون في الحياة المصرية    ضيوف الحضرة الإلهية    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حينما تُصبح التفاهة.. نظامًا عالميًا..نظرة إيمانية عميقة

في زمن ضجَّت فيه الأبصار ببريق السطحية، يأتي مقالنا ليأخذنا في رحلة تأمل، مستنيرًا بأبهى نور، نور القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ليُعرّفنا على أخطر "نظام" يهدد جودة الحياة: نظام التفاهة.
لقد أحدث كتاب الفيلسوف الكندي (آلان دونو) "نظام التفاهة" ضجة عالمية، كاشفًا كيف أن التفاهة لم تعد مجرد سلوك عابر، بل أضحت "عملة رائجة" تقتحم كل ميدان: الاقتصاد، السياسة، الفن، والإعلام، وتُغني التافهين على مرأى ومسمع من المنبهرين.
لكن ما أروع أن نعرض هذا المفهوم على الميزان الذي لا يخطئ: الوحي الإلهي!
التفاهة في ميزان اللغة والقرآن
في اللغة العربية، التفاهة تعني الانحدار والتردي من الكمال إلى النقص، ومن الجد إلى العبث. فالرجل التافه هو غير المتزن، والعمل التافه لا قيمة له. هي ببساطة: التقهقر من المعالي إلى السفاسف.
ولكن، متى وُلد هذا النظام الخبيث؟
القرآن الكريم يكشف لنا الجذور
إن زعيم التفاهة الأول في الوجود، هو إبليس اللعين، الذي بدأ ممارسته بتزيين الوهم لآدم وزوجه ليأكلا من الشجرة، مغريًا إياهما بالخلد والتحول الملائكي. التفاهة، بهذا المعنى، هي تسويق إبليس للأوهام والغرور الباطل.
يؤكد القرآن أن هذا التسويق الشيطاني مستمر إلى قيام الساعة:
* ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ... وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ (النساء: 119-120).
* التفاهة هي "الباطل" الذي يُقابل "الحق"، وهي "اللهو" و"العبث" الذي يتنزه عنه الخالق سبحانه: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾ (الأنبياء: 16).
نماذج التفاهة التاريخية
فرعون: مثال لم يكن فرعون مجرد طاغية، بل كان تجسيدًا تاريخيًا ل "نظام التفاهة" الذي يحل محل الحق!
لقد تجلى نظام تفاهته في التعالي والتمييز الباطل بين خلق الله، فاستضعف طائفة وقوّى أخرى. وعندما جاءه موسى عليه السلام بنظام الحق والجد، أصر فرعون على باطله وأوهامه، حتى لم يفق من غفلته إلا عندما أدركه الغرق ورأى الموت رأي العين: ﴿حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ الآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ (يونس: 90-91).
فسبحان الله! ما أسهل أن يغرق الإنسان في بحر التفاهة حتى يصبح موته هو صحوته!
نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم: "الرويبضة" على عرش العامة
وإذا عدنا إلى سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وجدنا إشارات صريحة لهذه الظاهرة، وكأنها نبوءة تتحقق في عصرنا. فقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف:
"سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ... وَيَنطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ. قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ"
يا للهول! يصف الحديث بوضوح زمنًا تختلط فيه الأوراق: يُصدَّق الكاذب، ويُخوَّن الأمين، وتتقدم "الرويبضة" (وهو تصغير للتحقير) أي التافه، ليُقعد الناس عن الجهاد ومعالي الأمور ويجعلهم يطلبون سفاسفها.
خلاصة القول: إنذار المتنبي
لقد عرف المسلمون خطر التفاهة من الوحي قبل أن تُصنف فيها المؤلفات. وهي حرب مستمرة يقودها إبليس اللعين، يغرق فيها من انجرف مع تيار الانبهار بالتافهين.
وختامًا، يختصر الشاعر الحكيم المتنبي كل ما قيل في سطرين، وكأنه يصف الإنسان التافه:
تعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم.
فالإنسان "الصغير" -أي التافه- هو من يرى التفاهة بكل أشكالها وألوانها عظيمةً ومطلبًا. ومن التفاهة غياب الإرادة، حيث يبدو أن قيادة هذه الأمة قد قررت أن تبقى بمستوى الدون لا تهش ولا تنش خوفًا على مصالحها، وتنتج الكثير من الشعارات الرنانة، والتثبيط لتبقي الأمة في فراغ الشعارات والأحلام، مرتهنة ومركونة في زاوية الإهمال التاريخي، بعيدًا عن الفعل والتأثير والتحرر من الصغائر والتوافه. إن هذه القيادات مالت عن طريق الرشاد والعزة والكرامة واتبعت الهوى: ﴿وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ [الكهف: 28]. ويقول الله سبحانه في سورة النساء: ﴿فَلاَ تَتَّبِعُوا الهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ [النساء: 135].
النداء الأخير:
إن الوعي بخطورة التفاهة هو أول خطوة لإنقاذ الذات والمجتمع من مستنقع العبث والغرور الشيطاني. فالصراع مستمر: إما أن نختار نظام الحق والجد والمعالي، وإما أن نغرق في نظام التفاهة والباطل والأوهام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.