قالت منظمة "أطباء العالم" الفرنسية إن اليمن أصبح حالياً ثالث بلد متضرر من نقص الغذاء في العالم، حيث يعاني ما يقرب من نصف السكان من الجوع، ويعاني ما يقرب من نصف الأطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية المزمن. ويشهد اليمن أزمة إنسانية غير مسبوقة، إذ يستمر عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص الغذاء في الارتفاع، وتعاني واحدة من كل ثلاث أسر من مجاعة شديدة أو متوسطة. وأكدت المنظمة أن الوضع في اليمن يتدهور بسرعة، وأنه بحلول بداية العام المقبل، من المرجح أن يواجه أكثر من 18 مليون شخص في اليمن مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، وسيواجه ما يقرب من 41 ألفًا منهم خطر المجاعة. ففي جميع أنحاء البلاد، تواجه العائلات الآن خيارات مستحيلة: إذ يضطر الآباء إلى التخلي عن وجبات الطعام لإطعام أطفالهم، أو بيع أراضيهم ومواشيهم، أو حتى القليل مما يملكون لمجرد البقاء على قيد الحياة. وذكرت المنظمة أن الأزمة الإنسانية الحالية تؤثر على جميع الأجيال، ويُعتبر الأطفال من بين الأكثر تضرراً، حيث يُهدد الجوع نموهم البدني والمعرفي، ما يزيد من المخاطر الصحية على المدى الطويل، ويفقدهم كل أمل في المستقبل. إذ تُكافح الأسر من أجل البقاء، واضطر الكثيرون إلى إخراج أطفالهم من المدارس، أو تشغيلهم، أو تزويجهم في سن مبكرة، مما يُعرضهم لمخاطر جديدة. وأفادت المنظمة الفرنسية أن الحرب والانهيار الاقتصادي والتقلبات المناخية ونقص المياه النظيفة تُغرق اليمن في المجاعة. فقد أدت سنوات الحرب والنزوح إلى تدمير سبل العيش، ما حدَّ من الوصول إلى خدمات الصحة والتغذية الأساسية. وكما هو ملاحظٌ، تتأثر النساء والفتيات بشكل غير متناسب. أما اليوم، فتعثرت جهود التعافي، إذ يدفع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض قيمة العملة والتشرذم الاقتصادي ملايين الناس إلى أزمة أعمق. وتُظهر الفيضانات الأخيرة في أغسطس بوضوح تأثير تغير المناخ على توافر الغذاء، إذ دمرت الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية وغيرها من مصادر الدخل الأساسية. ورأت المنظمة أن المجاعة وسوء التغذية وصلا لدى الأطفال إلى مستويات كارثية، ما أدى إلى وفيات بينهم، وذلك بسبب التخفيضات الهائلة في ميزانية المساعدات الدولية. كما أدت هذه التخفيضات إلى إغلاق أكثر من 2800 مركز صحي منقذ للحياة. وتتعرَّض معظم سلاسل التوريد، التي تُغذي ملايين الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، وكذلك النساء الحوامل والمرضعات، لضغوط شديدة. ووصلت تدابير الأمن الغذائي والتغذية في اليمن إلى أدنى مستوياتها منذ عشر سنوات، حيث يُلبَّى بالكاد 10% من الاحتياجات المالية، على الرغم من تزايد المتطلبات. وأشارت المنظمة إلى أن البيانات التي جُمعت من مسوحات أُجريت في تعز والضالع وأبين والحديدة وحجة، كشفت أن نصف الأسر التي لديها أطفال دون سن الخامسة كان لديها طفل واحد على الأقل يعاني من سوء التغذية خلال الأشهر الثلاثة الماضية. علاوة على ذلك، كان لدى أسرة من كل أربع أسر امرأة حامل أو مرضعة واحدة على الأقل تعاني من سوء التغذية خلال الفترة نفسها. وأوضحت المنظمة أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية أكثر عرضة للوفاة بسبب الأمراض الشائعة بعشر مرات من الأطفال الذين يتمتعون بتغذية جيدة. ما يُعرضهم لتأخر نمو ومشاكل صحية طويلة الأمد. فبدون علاج، تدخل أجسامهم في حالة جوع تام، فتتحلل البروتينات الضرورية للبقاء على قيد الحياة، ما يؤدي إلى موت بطيء ومؤلم. ومع ذلك، فإن جيل اليمن القادم في خطر، ويجب مساعدته دون تأخير.