المرحلة التي يمر بها اليمن والمنطقة والعالم جديدة في تعقيدات صعوباتها وتحدّياتها وأخطارها وأبعادها؛ وتتوقف مسارات نتائجها المحتمَلة على مراجعة ودراسة المواجهة التي عاشت أحداثها فلسطينوغزةولبنانوسورياواليمن والعراق وإيران من جهة، وكيان العدو الصهيوني وأمريكا والغرب وأتباعهم وأدواتهم في المنطقة العربية من جهة أخرى، وفهم ذلك واستيعابه الواعي والعميق لوضع رؤية استراتيجية لكيفية المواجهة مبنية على معرفة الإيجابيات والسلبيات والأخطاء التي جعلت الأعداء من قوى الهيمنة الشيطانية تنظر إلى ما حدث أنه نصر تكتيكي يمكن تحويله بالسياسة إلى استراتيجي.. في هذا المنحى يمكن اعتبار خطة ترامب لوقْف الإبادة وتحقيق "السلام" في غزة، هي البداية في اتجاه فرض الاستسلام على بقية جبهة المقاومة بعد أن أصبحت سوريا جزءاً من المحور الأمريكي الصهيوني التركي العربي المتصهين.. ولا يهم هنا كيف تم تسليم سوريا للقوى الإرهابية التكفيرية سواءً باتفاق دولي أو بمؤامرة تركية أعرابية صهيونية أمريكية، فالنتيجة واحدة، وسلطة تنظيم القاعدة في دمشق جاءت لتحقق ما عجز عنه الأمريكي والصهيوني وأدواتهم طوال عقود في المنطقة.. التهديدات الصهيونية مستمرة بالتنسيق مع النظام السعودي والإماراتي ومَنْ يدور في فلك واشنطن وتل أبيب، لكل مَنْ ساند الشعب الفلسطيني لوقْف الإبادة ورفْع الحصار في غزة؛ والسيناريوهات واضحة باجتياح لبنان، وتحويل سوريا إلى ملحق لكيان العدو الصهيوني بعد تثبيت الاحتلال في أجزاء واسعة من جنوب هذا البلد العربي وتمتد عبْر ما يُسمى بممر داوود حتى الحدود العراقية، وهذا يتطلب تقسيمه إلى كانتونات دروزية وعلوية وسُنية وكردية.. العُقدة بالنسبة للأمريكي والصهيوني والبريطاني وحلفائهم وأدواتهم في المنطقة، اليمن بعد أن فشلوا في عدوانهم بقيادة النظام السعودي طوال عشر سنوات، وفشلوا في معركة الإسناد والنصرة في غزة، وعجزت أمريكا وأساطيلها والصهاينة وتحالفاتهم في فَكّ الحصار عن إسرائيل في البحر الأحمر ووقْف ضربات الصواريخ والطيران المُسيَّر في عُمق هذا الكيان، وحاولوا -وما زالوا- أن يُوجِدوا حلاً لما يسمّونه بالمعضلة اليمنية عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وأمنياً؛ لكن الهزيمة تلاحقهم، وتفشل كل مؤامرات مخططاتهم. والإنجاز في كشْف الخلايا التجسُّسية السعودية الأمريكية الصهيونية يضاعف العجز ويصيبهم بالإحباط، لكننا نعرف أن أعداءنا لن يتوقفوا عن مساعيهم ومحاولاتهم في استهداف اليمن باعتبارها الجبهة الأصعب، وكذلك بقية محور المقاومة والإسناد لغزةوفلسطين الذين عليهم بدلاً من البحث عن مخارج في المفاوضات والتفاهمات والتعويل على السعودي والأنظمة المرتمية في أحضان الصهاينة والأمريكان، أن يعتمدوا على الله وقُواهم الذاتية، وتعميق التنسيق في مواجهة أعدائهم الذين هم في الحقيقة تحالف متماسك وكل ما يقوم به من وساطة ومحاولة تهدئة وإيهام بإمكانية الحيلولة دون تنفيذ المخطط الأمريكي عبر تلك المساعي ليست إلا مناورات مخادعة لا بأس من مسايرتها، مع الإدراك أنها تأتي في سياق ما تريده أمريكا وإسرائيل، وفي النهاية لن يكون هناك إلا المواجهة أو الاستسلام، وهذا يعتمد على حِكمة وشجاعة وإقدام المستهدَفين الذين أسقطوا في المراحل السابقة الكثير من المؤامرات والرهانات.. ونحن الآن في المعركة الفاصلة والتي لا مجال فيها إلا أن ننتصر.