لا يمكن تفسير الإساءات المتعمدة والمتكررة للقرآن الكريم، سواء في أمريكا أو الدول الأوروبية وغيرها، بوصفها مجرد حالات فردية معزولة عن واقع الحرب الشاملة التي تتعرض لها الأمة الإسلامية، بل هي تعبير عن سياق أوسع ضمن حرب ممنهجة تستهدف الهوية الإيمانية للأمة، من قبل قوى الاستكبار العالمي، لأهداف متعددة منها قياس ردة فعل الرأي العام المسلم ومدى تمسكه بالقرآن الكريم، الذي يظل المرجعية الروحية والتشريعية لأكثر من ملياري مسلم. ولذلك إن ظهور تلك التصرفات المسيئة بين الحين والآخر، يأتي في سياق عدائي متكامل تمتد جذوره إلى بدايات الدعوة الإسلامية، فقد ظل اليهود على امتداد الحقب التاريخية المختلفة يمارسون الحرب الدينية المعلنة على الإسلام والمسلمين ويعملون في الوقت الراهن على تحويل المقدسات إلى حرب نفسية وعقائدية تستهدف أبناء الأمة لإبعادهم عن هويتهم، تكشف طبيعة الصراع الأبدي معهم. وتعد الحادثة الأخيرة التي أقدم عليها مرشح أمريكي، بالإساءة للقرآن الكريم بعد سنتين من المجازر الصهيونية بحق أبناء غزة، مؤشرا بالغ الخطورة في تحويل الاستفزاز إلى مادة دعائية، حيث تكشف الحادثة حقيقة الكراهية الدينية التي تروج لها الأجندات اليهودية بطرق ووسائل مختلفة، سواء في أمريكا أو هولندا أو الدنمارك وغيرها من الدول. وبالمقابل يعد تراجع الغضب الإسلامي العالمي عما كان عليه في فترات سابقة أمرا مؤسفا يدل على تغلغل الماسونية الصهيونية المخابرات الأمريكية في الأنظمة العربية والإسلامية بهدف كسر إرادة الأمة في مختلف المجالات بما في ذلك عدم التعبير عن الغضب جراء الإساءة للقرآن الكريم. وفيما لا تزال الأمة تواجه حملات تشويه ممنهجة من قبل الصهيونية، بإنتاج جماعات إرهابية متطرفة بمسميات تتخذ الطابع الإسلامي ظاهريا لإسقاط جرائمها وأفعالها الشنيعة المعادية للقيم الإنسانية على الإسلام والمسلمين في الوعي الغربي.. يظل الإسلام الحقيقي، بما يحمله من قيم سامية وأخلاق رفيقة جاء بها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، محط إعجاب وإشادة لكل من يتعرف عليه بموضوعية وإنصاف. وفي رد فعلٍ جامع، رفع أبناء الشعب اليمني المصحف الشريف الجمعة الماضية، كرمز للكرامة والهوية في كافة الساحات، تلبية لدعوة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، يحفظه الله، رفضا للإساءة الامريكية الصهيونية لمقدسات الأمة، ليكون هذا التعبير دليلا حيا على مركزية القرآن الكريم في الوعي الشعبي اليمني المتجذر في اوساطه منذ فجر الإسلام كمرجعية ومنهج حياة ومصدر قوة في معركة المواجهة مع الأعداء، بما يؤكد أن النصر مرتبط بمدى التمسك بالقرآن الكريم. لذلك، الإساءات المتكررة الممنهجة ضد القرآن الكريم، ما كانت لتحدث أبدا لولا حالة الضعف والارتهان التي تعيشها معظم الشعوب والأنظمة التي تسعى لتنفيذ أجندات تخدم أعداء الأمة بكل إخلاص عبر المشاريع التدميرية لوحدة الأمة لأنه وبكل بساطة فقدت البوصلة الحقيقية للدين الإسلامي، فيما يستمر العدو الصهيوني في جرائمه اليومية في غزة وفلسطين، ويعتدي على لبنان، ويستبيح سوريا وتهديد اليمن، والمؤامرة على سيادة دول عربية، نجد تخاذلا وتواطؤ عربيا وإسلاميا مخزيا، وصمتا عالميا يشجع على الاستمرار في الحرب على الهوية الإيمانية والدين الإسلامي، مع انحطاط بعض الأنظمة الإسلامية في مستنقع ما يسمى ب"الحياد" في قضايا الاعتداء والإساءة للمقدسات. المعركة المختلفة التي تقودها الماسونية الصهيونية واليهود على مستقبل الأمة تنطلق من الحرب على المقدسات والقرآن الكريم خلال الفترة الراهنة، وخلال المراحل الماضية، وما علينا في هذه المرحلة المصيرية إلا بناء الاصطفاف الشعبي الواعي الدائم التي لخصتها هتافات الملايين من أبناء الشعب اليمني في كل الساحات لتكون إعلانا للاستعداد الكامل للمواجهة مع العدو الإسرائيلي وأدواته خلال الجولة القادمة، للدفاع عن المقدسات تحت قيادة السيد القائد الذي انبرى وحيدا في الساحة العربية والإسلامية ليعلن التعبئة العامة من الغضب لله ولرسوله، انطلاقا من المسؤولية الدينية والتاريخية التي تقع على عاتق هذا القائد في حماية دين الإسلام الذي يستهدف في عقر داره، لأننا في اليمن بقلب معركة وجودية مع الأعداء لا مناص منها إلا بالنصر المؤزر.