شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الخميس هجوما لاذعا على ما وصفه بالتدخل الخارجي في شؤون بلاده بحجة دعم انتشار الديمقراطية في روسيا وشبهه بالحقبة الاستعمارية وهدد بالانسحاب من المعاهدة الأوروبية للحد من انتشار الأسلحة. وقال بوتين في خطابه الأخير حول حالة الاتحاد أمام البرلمان بمجلسيه "لا ينظر الجميع بعين الرضا إلى بلادنا وهي تنمو بشكل مستقر وتدريجي. البعض يستخدمون السياسة الديمقراطية للتدخل في شؤوننا الداخلية". وأضاف "إن تدفق الأموال من الخارج للاستخدام في التدخل المباشر في شؤوننا يتزايد". ومن المقرر ان يتنحى بوتين عن منصبه عام 2008 نهاية فترة ولايته الثانية. وقد بدأ بوتين خطابه الذي بثه التلفزيون بتكريم بوريس يلتسين, اول رئيس روسي منتخب ديمقراطيا, والذي توفي هذا الاسبوع. وأشاد بوتين كذلك باقتصاد روسيا المزدهر الذي يحركه قطاع النفط, وأعاد التأكيد على انه سيتخلى عن الرئاسة العام المقبل كما هو منصوص عليه في الدستور. إلا أن هجوم بوتين على ما وصفه بالتدخل الاجنبي في السياسة الروسية بدا موجها للمنتقدين الغربيين الذين يقولون ان الديمقراطية تراجعت في روسيا خلال سنوات حكمه التي امتدت سبع سنوات. واضاف "في العهد الاستعماري, كانوا يتحدثون عن ما يسمى دور الدول المستعمرة في إدخال الحضارة الى الشعوب". واشار الى ان "ثمة جهات تستخدم بخبث عبارات الديمقراطية الزائفة وترغب في العودة إلى الماضي: بعضها ترغب في تقويض ثروتنا الوطنية المشتركة وسرقة الشعب والدولة, وغيرها تسعى الى حرمان البلاد من الاستقلال الاقتصادي والسياسي". وحذر بوتين من ان موسكو قد تتوقف عن الالتزام بمعاهدة القوات التقليدية في أوروبا, والتي أبرمت عام 1990 بين حلف الأطلسي ودول حلف وارسو السابق. وقال بوتين ان القوى الغربية لم تصادق على المعاهدة. الا انه يبدو ان هذا التهديد مرتبط بالتوترات المتزايدة بين موسكو وواشنطن بشان الخطط الأمريكية بنشر درع صاروخية مضادة للصواريخ في شرق أوروبا. وزادت التوترات بين الشرق والغرب بعد الانتقادات الدولية للسياسة الداخلية الروسية خاصة فيما يتعلق بسيطرة الدولة المتزايدة على الأعلام والاتهامات بان الكرملين يضطهد المعارضين. واستغل بوتين هجومه على ما وصفه بالتدخل الخارجي لمواجهة المعارضين, حيث أشار بشكل مبطن الى التعاطف الغربي مع القوى المعارضة الليبرالية الصغيرة ومن بينها تحالف "روسيا الاخرى". وكان التحالف الذي يتزعمه بطل الشطرنج السابق غاري كاسباروف قاد احتجاجات مطلع الشهر الجاري تعرضت لقمع من رجال شرطة مكافحة الشغب في مدينتي موسكو وسان بطرسبرغ. وفي مواجهة التكهنات المستمرة بشان احتمال إقدام بوتين على تغيير الدستور بشكل يسمح له بالبقاء في الكرملين بعد عام 2008, أكد بوتين على انه لن يحمل لقب الرئيس العام المقبل. وقال بوتين "في ربيع العام المقبل, ستنتهي واجباتي, وسيقوم الرئيس المقبل بإلقاء خطاب حالة الاتحاد". وأظهرت الاستطلاعات ان العديد من الروس يرغبون في بقاء بوتين على رأس السلطة, ويزعم منتقدوه انه سيقدم على التلاعب بالدستور او تغييره من اجل تحقيق ذلك. الا ان بوتين نفى مثل هذه الخطط. وكان رئيس مجلس الشيوخ في البرلمان سيرغي ميرونوف اثار هذا الاحتمال الشهر الماضي واقترح ان تناقش المجالس الإقليمية رفع الحظر على تمديد فترة الرئاسة. وهذا ثامن خطاب حالة اتحاد يلقيه الرئيس. وكان مقررا الأربعاء, إلا انه تم تأجيله إلى الخميس بسبب جنازة يلتسين.