أكد وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي على أهمية تعزيز الشراكة مع منظمات المجتمع المدني لتكون قوة فاعلة تدعم توجهات الحكومات في الإصلاح والتنمية وتحقيق العدالة في إطار الشرعية القانونية. ودعا الدكتور القربي في افتتاح منتدى منظمات المجتمع المدني الموازي لمنتدى المستقبل الرابع الذي بدأ أعماله اليوم بصنعاء الحكومات إلى التخلص من مخاوفها من تنامي دور منظمات المجتمع المدني في عملية التطوير والتحديث. وقال القربي في المتندى الذي حضره عدد من أعضاء مجلسي النواب والشورى وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد بصنعاء :" أن منظمات المجتمع المدني ليست بالشيء الجديد على مجتمعاتنا فقد عرفناها بأشكال متعددة وأن لم تكن تحت هذا المسمي الحديث وكانت أنشطتها تشمل جوانبه الثقافية والاجتماعية وحل الخلافات وفي مجال التكافل الاجتماعي". وأكد وزير الخارجية على أهمية أن يكون القانون وسيلة للحد من الممارسات الحكومية الخاطئة تجاه المنظمات وفي نفس الوقت لحماية المنظمات حتى لا تجنح إلى الممارسات الخاطئة في تحقيق أهدافها. وطالب منظمات المجتمع المدني بالتفريق بين ما هو قضية خاصة وما هو مطلب عام، وعدم الخلط بين السعي نحو تحقيق الحكم الرشيد وبين تصفية الحسابات السياسية. اعتبر القربي أن السعي نحو تحقيق الحكم الرشيد يمثل العمق الحقيقي لتحقيق شراكة فاعلة بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني. ودعا إلى نبذ ظاهرة الاستقواء بالخارج التي يعمد إليها قلة قليلة من الناشطين والمنظمات نظرا لما تسببه من ضرر لجهد ونجاح الأغلبية من المنظمات التي تنطلق بنشاطها نحو أهداف نبيلة تخدم مجتمعاتها، بل وتعزز من جهود حكوماتها في تحقيق الإصلاح وتقوية أدائها في مسيرة الحكم الرشيد. وأعرب عن أمله في أن يكون منتدى المجتمع المدني الناقوس الذي يدق لينبه بالقصور أو التجاوز، وأن يسهم بدور فاعل في تقديم المقترحات التي تدعم جهود الحكومات لتحقيق المزيد من التقدم في مجال الحريات والحكم الرشيد وبناء الدولة الحديثة واضعة المصالح الوطنية العليا فوق كل الاعتبار. وقال "هذا هو هدفنا معا في كل عمل نعمله أو خطوة نخطوها من أجل البناء والتطوير". وأضاف وزير الخارجية:" إننا في اليمن ندرك التحديات التي تواجه منظمات المجتمع المدني وهي تسعي لإحداث التغيير وتواجه في محاولاتها تحديات لا تنحصر فقط في مخاوف الحكومات وإنما في إشكالية فهم منظمات المجتمع المدني لدورها وآليات عملها وبناء قدراتها". وأشار إلى أن هذا يحتم على الحكومات بذل كل جهد لوضع منظمات المجتمع المدني على الطريق الصحيح الذي يخدم المجتمعات في بلدانها، وفي شراكة معها وثقة بها. وقال :" فكما أن المعارضة القوية تقوي من أداء الحكومات فهكذا هو الحال أيضا بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني". وأضاف:" لذلك حرصنا أن ينعقد الاجتماع الموازي دون أي تدخل في الإعداد له أو في مجرياته ومنحنا لمنظمات المجتمع المدني هامشا حقيقيا لتقديم رؤاها إلى الاجتماع الوزاري كما أن نتائجه ستقدم دون شك عربية وبتحضير عربي وبمشاركة يمنية فاعلة". ولفت إلى أن انعقاد المنتدي اليوم يأتي تهيئة لاجتماع منتدي المستقبل الذي يعزز من التزام اليمن بدورها في رعاية كل حوار بناء بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني ويهدف إلى التغيير والتطوير الذي يخدم مصلحة شعوبنا، ويمكنها من المشاركة بفعالية في إدارة شؤونها دونما ارتهان لطرف أو أخر أو تقليد لتجارب تناقض عقيدتنا أو السير في طريق لا ينسجم مع تراثنا وتقاليدنا بل ويهدد قيمنا ومكونات حضارتنا، مباركا للوحدة اليمنية التي كانت منبرا للقاءات العديدة على مستوي الحكومات ومنظمات المجتمع المدني، والتي تعززت فيها مسيرة الإصلاحات في الوطن العربي، وتحققت فيها الموائمة بين نظم الحكم وحراك المجتمع المدني. وتمنى الدكتور للمشاركين في منتدى منظمات المجتمع المدني الموازي لمنتدي المستقبل الرابع الخروج بروئ وتقييم للإصلاحات في الوطن العربي والتحديات التي تواجهها بعيدا عن الشطط أو الغلو في الطرح، مرجعا تأجيل انعقاد منتدي المستقبل الرابع إلى انشغال وزراء الخارجية الأوروبيين والأفارقة بلقاءات شرم الشيخ واجتماع أخر بأديس أبابا وأخر في أوروبا، الأمر الذي تعذر معه حضورهم المنتدي مع تأكيد حرصهم على المشاركة ودعوتهم لتأجيل المنتدي. إلى ذلك قال مدير مركز المعلومات للتأهيل والتدريب عز الدين الأصبحي:" نحن بحاجة إلى وقفة جادة لنعطي المجتمع المدني حقه في الشراكة مستفيدين من سنوات طوال بقينا نمارس هذا النوع من الإقصاء الغريب لندرك أن السير بقدم واحدة هو ضرب من المستحيل ". وأضاف:" إننا نلتقي اليوم لنعزز خطوة جديدة نحو فاعلية المجتمع المدني لنمد جسر جديد للشراكة المتكافئة القائمة على أساس الاحترام والمساواة و الحاجة إلى التعاضد "، مشيرا إلى أن المجتمع المدني بكل ألوان طيفه قادر على تقديم رؤية متقدمة في صنع المستقبل وقادرا على أن يكون شريكا فاعلا في الحياة العامة ونموذج للعملية الديمقراطية ولفتح أفاق مع الأخر بكل صدق ومسؤولية. وأعرب الأصبحي عن أمله في أن يكون لقاء صنعاء خطوة جديدة لمنتدي الحوار الديمقراطي الذي يصنع فضاء جديدا مع الشركاء الأساسيين في البناء من مؤسسات رسمية وبرلمان وقطاع خاص ومجتمع مدني. من جانبه قال نائب رئيس اتحاد الصحفيين العرب محبوب علي "أن تحقيق الديمقراطية وتمتينها لا يتأتى بلا ركائز، كما أن الخطر على الديمقراطية ليس من حرية الصحافة وتعددية وسائل الإعلام المستقلة بل بتجاهلها وعدم الآخذ بها لتسيير عجلة الديمقراطية ". وأشار إلى أن سائل الإعلام تظل قاصرة عن أداء دورها إذا لم تتمكن من الارتقاء بمهنتها وإذا لم يتم تحريرها من قبضة الحكومات باعتبارها وسائل إعلام جماهيرية عامة يتعين أن تبقي بمنأي عن التجاذبات والاحتواءات لضمان ممارستها دور الرقابة والتنوير كسلطة رابعة. وأضاف:" سيتيح إقرار هذه الدعامة من دعائم الديمقراطية المجال واسعا أمام نشاط ودور مؤسسات المجتمع المدني التي ستسهم بإيجابية في تسيير عجلة الديمقراطية باكتساب هذه الحقوق التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان". وأكد ممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور سالم القواطين على أهمية دور منظمات المجتمع المدني في التنمية والتغيير والإصلاح، مشيرا إلى أن هناك صعوبات تعترض الطريق وتحد من الطموحات المرجوة، ومنها نقص وغموض التشريعات المنظمة لعمل المجتمع المدني ومساحة الرأي والتعبير التي تتفاوت من مكان إلى أخر،ومجالات الحرية والديمقراطية المتاحة، ومكانة المرأة والبطالة ومستوي التعليم. وقال:" كل هذه المعيقات تحتاج منا جمعيا التعاون والتنسيق وبناء الثقة بين جميع الأطراف وخاصة الدولة والمجتمع لأن بناء الثقة هو السبيل إلى قبول الأخر ومن ثم التعاون والتنسيق معه". وأشار إلى أن الجامعة العربية تسعي إلى تذليل الصعوبات بالتعاون والتنسيق مع الدول من جهة ومع مؤسسات المجتمع المدني من جهة أخري وصولا إلى الشراكة المرجوة والتي تخلق التوازن والانسجام والتعاون بين الدول العربية ومؤسسات المجتمع المدني. واعتبر ممثل الجامعة العربية هذا المنتدي خطوة هامة على الطريق ويعزز مفهوم المجتمع المدني الوطني والقومي وكذلك الدولي الذي يقوم على مبادئ العدل والمساواة والرفاهية للمجتمع. ونوه بأن مشاركة دول الجوار تركيا وإيران وأفغانستان وباكستان والدول الصناعية الثماني، واشتراك ألمانيا مع اليمن في رئاسة هذا المنتدي أسوة بما تم في المنتديات الثلاث السابقة يعزز التوجه نحو مجتمع مدني دولي يخدم الجميع، ويحقق الأمن والسلام والازدهار. وأكد على أهمية أن يكون المجتمع المدني القلب النابض بالحيوية والحياة والقدرة المستمرة والمتجددة على البناء والتطور والنمو في شتي الميادين بما يحقق غايات أربع هي دعم مسيرة البناء والتطور والنمو والإصلاح في العالم العربي في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ، وتعزيز مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان من خلال الممارسة والتطبيق في إطار مؤسسات المجتمع المدني ، بالإضافة إلي زيادة التعاون والتنسيق والتكامل بين مؤسسات المجتمع المدني العربية من خلال الجامعة العربية وبما يحقق الطموحات المشتركة، وأخيرا إقامة شبكات وخطوط تواصل وتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني الإقليمية والدولية لبناء مجتمع مدني يقوم على مبادئ العدل والمساواة والرفاهية. وأكد السفير الهولندي هاري باوكما على أن العملية الديمقراطية تنبع من خلال البيئة والقيم الثقافية الخاصة بالبلد، وأن العملية الديمقراطية ليست مجانية للجميع وإنما ترتكز على مبادئ أساسية تشمل العملية السياسية والأحزاب بحيث يكونوا حاضرين ومتنبهين لاستقلالية السلطة القانونية والتشريعية والتنفيذية التي لابد أن تكفل في آي ديمقراطية، إضافة إلى مشاركة المجتمع المدني. وقال:" يجب أن نكون متحمسبن للمنتدى الموازي ونشجع ونشارك في مجال النقاش بطريقة منظمة نسعي من خلالها لتحقيق النتائج لتكون في غاية الأهمية على المدى البعيد"، ودعا المانحين للإسهام في دعم قدرات المنتدي لتعزيز دوره. وأعرب عن أمله في أن تكون المناقشات مفيدة ومثمرة. ورأى السفير الهولندي أن تأجيل انعقاد منتدي المستقبل الرابع سيتيح المجال للمنتدي الموازي العمل بدون ضغوط لمناقشة القضايا الأساسية التي تهم مستقبل المنطقة. * سبأ: