سيناريو مكرر لممارسات القوات الأمريكية في العراق ضد الأسرى والمعتقلين العراقيين كشفت عنه صور تسربت حديثا بطريقة أو بأخرى لوسائل الإعلام وأكدت شيوع التعذيب الأميركي للعراقيين وليس مجرد ممارسات فردية لجنود كما يؤكد البنتاغون. فقد وجدت قيادة البحرية الأميركية نفسها مضطرة لفتح تحقيق رسمي في صور عمليات تعذيب بدا أنها التقطت قبل ملابسات فضيحة سجن أبو غريب. الصور يظهر فيها أربعون من جنود القوات الخاصة في البحرية الأميركية يبتسمون وهم جالسون فوق سجناء مكبلين وغطيت رؤوسهم بأكياس, وفي صور أخرى يظهر أحدهم وهو يسدد سلاحا رشاشا لرأس معتقل جرد من ملابسه. الصور بثتها على شبكة الإنترنت سيدة قالت إن زوجها جلبها معه من العراق ويظهر من التاريخ المطبوع على بعضها أنها التقطات في مايو/ أيار 2003. جاء ذلك بعدما كشفت الصحف الأميركية عن أن أحد قادة الجيش الأميركي بالعراق وهو العقيد ستيوارت هيرينغتون حذر قبل تفجر فضيحة أبو غريب نهاية العام الماضي من أن بعض جنود القوات الخاصة وعناصر الاستخبارات يرتكبون "انتهاكات" أثناء عمليات الاستجواب في عدد من أماكن الاحتجاز السرية. وحسب المصادر الصحفية الأميركية لا يرى كبار القادة الميدانيين حتى الآن في تقاريرهم المقدمة إلى هيئة الأركان المشتركة أن هناك مشكلة في أساليب الاستجواب طالما أنهم لم يتلقوا أي شكاوى. ليس هذا وحسب، فأحدث تقرير أعده محقق البحرية الأميركية ألبرت شارش يؤكد عدم وجود أي أدلة تثبت تورط أي مسؤول كبير بالبنتاغون أو البيت الأبيض في إصدار توصيات بهذه الممارسات مع المعتقلين. ويرى هذا التقرير أنه حتى ما حدث في العراق لا يعدو أن يكون ممارسات فردية لجنود خرجوا عن قواعد النظام العسكري. وفي هذا الاتجاه أيضا تحدث الجنرال مارك كيميت أحد قادة القيادة المركزية الأميركية في تصريح للجزيرة أن مثل هذه الصور تهدف لتشويه صورة الجيش الأميركي في العراق وأن هذه ممارسات قلة على حد قوله. ويتناقض هذا بشكل كبير مع إصرار الجنود الذين يحاكمون في فضيحة أبوغريب في أقوالهم بجلسات المحاكمة العسكرية على أنهم قاموا بهذه الممارسات تنفيذا لأوامر صدرت إليهم بإعداد المعتقلين للاستجواب بصورة "تسهل" الحصول على معلومات منهم. الجندية ليندي إنغلند تعد حتى الآن رمزا لهذه الفضيحة لأنها تظهر في إحدى الصور وهي تجر معتقلا عراقيا عاريا كما تجر الكلاب وستمثل أمام محكمة عسكرية الشهر المقبل. كما وجهت التهمة إلى ستة حراس آخرين من الشرطة العسكرية في سجن أبو غريب اعترف أحدهم وهو العريف غافال ديفيس أنها كان يدوس على الأسرى العراقيين وهم عرايا تنفيذا لأوامر "التجهيز للاستجواب". التضارب الواضح في تصريحات القيادات والجنود المتورطين في هذه الفضائح كشف أيضا أنها تعدت حدود سجن أبو غريب قرب بغداد إلى عدة أماكن في العراق كما أكد تقرير العقيد هيرينغتون. كما لفت هذا الأنظار مجددا إلى ما يتعرض له معتقلو غوانتنامو الذي وصفه أحدث تقرير للجنة الدولية للصليب الأحمر بأنه مرادف للتعذيب. وفي انتظار نتائج التحقيقات والإجراءات التي يتخذها الجيش الأميركي ضد جنوده المتورطين في هذه الفضائح يواصل الأميركيون عملياتهم العسكرية في العراق بما تشمله من قصف للمدنيين واعتقالات. وتتناقض في هذا المشهد التصريحات الوردية لقادة البنتاغون مع ما يجري على أرض الواقع ما تكشفه صور الصحف ووكالات الأنباء بل والجنود الأميركيين أنفسهم التي برز منها منذ أسابيع قتل جريح عراقي داخل مسجد في الفلوجة بدم بارد. من جهة ثانية وعلى صعيد العمليات العسكرية بين المقاومة وقوات الاحتلال اسفرت سلسلة جديدة من المواجهات صباح الأحد عن سقوط ما لا يقل عن عشرين قتيلا في شمال بغداد في حين ارتفعت حصيلة القتلى السبت اثر اعتداءات انتحارية مدمرة في الموصل (شما ل) وبغداد الى حوالى اربعين قتيلا مع الاعلان عن مقتل اثنين من الجنود الاميركيين. ويتفاقم ال وضع قبل اقل من شهرين من موعد الانتخابات المقررة في الثلاثين من كانون الثاني/يناير حتى ان المبعوث الخاص للامم المتحدة الى العراق الاخضر الابراهيمي اكد السبت في تصريح صحافي انه يستحيل تنظيم انتخابات في العراق في الظروف الحالية. وصرح الناطق العسكري الأمريكي السرجنت روبرت باول الاحد ان "17 مدنيا عراقيا يعملون في شركة متعاقدة مع الجيش الامريكي قتلوا وأصيب 13 آخرون في كمين نصب شمال غرب تكريت" (180 كلم شمال بغداد). وكان الجيش الامريكي قد اعلن في وقت سابق الاحد ان ثلاثة من عناصر الحرس الوطني العراقي بينهم نقيب قتلوا واصيب 17 اخرون في انفجار سيارة مفخخة قرب مدينة بيجي (200 كلم شمال بغداد). من جهة اخرى اعلن الجيش الامريكي الاحد مقتل اثنين من جنوده وجرح اربعة اخرين في هجوم على دوريتهم السبت في الموصل (370 كلم شمال بغداد)..وقال اللواء انور احمد امين قائد الحرس الوطني العراقي في كركوك (250 كلم شمال بغداد) انه نجا من محاولة اغتيال بتفجير عبوة ناسفة استهدفت موكبه السبت بدون ان تسفر عن وقوع اصابات. وكان محافظ دهوك نيجيرفان احمد قد نجا السبت من محاولة جديدة لاغتياله تبنتها مجموعة انصار السنة الاسلامية المسلحة.. وفي المجموع قتل نحو اربعين شخصا السبت في العراق. واعلن سعد بيرا المسؤول في الاتحاد الوطني الكردستاني في الموصل السبت ان 17 من عناصر البشمركة قتلوا وجرح اربعون اخرون في عملية تفجير سيارة مفخخة نفذها انتحاري واستهدفت مجموعة من ثمانين مقاتلا في هذا الحزب الكردي. ويعارض السكان العرب السنة في الموصل التواجد الكردي الذي ازداد خصوصا بعد سقوط نظام صدام حسين في نيسان/ابريل 2003. وتبنت مجموعة الاسلامي الاردني المتطرف ابو مصعب الزرقاوي مساء السبت في موقع على شبكة الانترنت اعتداءين بسيارتين مفخختين استهدف احدهما مركزا للشرطة في بغداد والاخر عناصر البشمركة الاكراد في الموصل. واستهدف اعتداء بغداد الذي اسفر عن سقوط اربعة من رجال الشرطة واصابة 49 اخرين من بينهم 42 شرطيا حسب مصادر استشفائية مركزا للشرطة في حي الصالحية القريب من "المنطقة الخضراء" التي تحظى بحماية مشددة في وسط العاصمة العراقية ويقع فيها مقر الحكومة الموقتة العراقية وسفارتا الولاياتالمتحدة وبريطانيا. كذلك في بغداد قتل جندي امرركي وجرح خمسة اخرون في انفجار عبوة بينما قتل جندي ثان وجرح اخر في هجوم قرب بعقوبة شمال العاصمة السبت.. وقتل 13 شخصا آخرين السبت في اعمال عنف. من جهة اخرى عثر على جثث تسعة عناصر من قوات الامن السبت في منطقة الموصل ليرتفع عدد جثث رجال الشرطة او عناصر الحرس الوطني الذين عثر عليهم منذ التاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر في هذه المنطقة الى 66.. كما عثر على جثة مسؤول في محافظة صلاح الدين الذي خطف الخميس في بيجي قرب هذه المدينة. وجنوب العاصمة فيما يسمى ب"مثلث الموت" هاجم مسلحون عصر السبت دورية مشتركة من الحرس الوطني والجيش الامرركي بينما عاد المسلحون للظهور في شوارع اللطيفية غداة نهاية عملية "بلايموث روك" التي كانت تهدف الى اخلاء المدينة منهم على ما افاد شهود عيان. وفي الولاياتالمتحدة اعلنت البحرية الامرركية مساء السبت انها بدات تحقيقا بشان صور لمعتقلين في العراق التقطت قبل تلك التي ظهر فيها جنود امرركيون يقومون بتعذيب المعتقلين في سجن ابو غريب واثارت فضيحة. المصدر:ق. الجزيرة/فرانس برس: