بعد الأزمة التي تسبب فيها الارتفاع الحاد في أسعار القمح على مستوى العالم اتجهت معظم الدول نحو التوسع في زراعته ونحو استصلاح مزيدا من الأراضي الزراعية والإكثار من زراعة حبوب أخرى كالأرز والذرة وغيرها من المحاصيل الغذائية لتخفيف من هول المشكلة الغذائية التي كشفتها ازمة الغذاء وخصوصا في الدول النامية التي كانت اكثر تاثرا . و لعل تلك الأزمة قد جعلت البعض يطلق على عامنا الحالي "عام القمح "فقد دقت ناقوس الخطر ونبهت كثير من دول العالم من غفلتها فسارعت في اتخاذ إجراءات عملية وملموسة لمواجهته عساها تؤتي ثمارها قبل فوات الأوان ولا شك أن مثل هذه الإجراءات يعول عليها كثيرا في الحد من ارتفاع أسعار القمح بشكل مخيف. فقد كشف تقرير دولي صادر عن المجلس العالمي للحبوبI.G.C"" عن أن أسعار القمح ستشهد انحسارا بعد شهر أيار المقبل وقال التقرير إن العام 2008م سيكون عام وفرة المحاصيل الزراعية وتوقع التقريران هناك زيادة ستحصل في كميات محاصيل القمح لدى الكثير من منتجي القمح في العالم متوقعا بان تصل كمية إنتاج القمح عالميا إلى 646 مليون طن خلال العام 2008م بفارق 50 مليون طن عن توقعات للمجلس نشرت في شباط الماضي مرجعا انخفاض أسعار القمح الى تأثرها بوفرة المحاصيل خصوصا بعد أزمة تضاعف الأسعار التي نبهت الكثير من الدول إلى التوسع في زراعته حيث أصبح من المتوقع أن تبلغ المساحة الكلية المزروعة بالقمح خلال العام الحالي في الدول كافة حوالي 221 مليون هكتار مقابل 215 مليون هكتار كانت قد زرعت الموسم الماضي أي زيادة نسبتها 3%, مما يعد المساحة المزروعة العام الحالي من اكبر المساحات على الإطلاق منذ عام 1988 كانت قد زرعت بالقمح. حيث أن أزمة القمح التي برزت في العام الماضي وضاعفت الأسعار دفعت العديد من الدول الى تقنين تصدير القمح من خلال فرض رسوم إضافية على كل طن يصدر للخارج بهدف الحد من التصدير وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية التي أبدت تخوفات من الجفاف على إنتاج القمح الربيعي وارتفاع في كميات المحاصيل. وبين التقرير أن هذا العام سيكون عام وفرة في المحاصيل في جميع الدول, ولكنه أوضح في الوقت ذاته أن الرياح والجفاف في السهول الجنوبية في أمريكا سببت شيئا من القلق بشأن القمح الشتوي الأحمر الصلب, كما أن استمرار ظروف الجفاف في العديد من الولايات الشمالية الرئيسية ربما تؤثر في المساحات التي ستزرع بالقمح الربيعي التي تؤثر بالبذار بشكل كبير. ويتوقع أن تصل كمية محاصيل القمح في أمريكا الى 61.5 مليون طن بدلا من 56.2 مليون في الموسم الماضي 2007-.2008 م وأشار التقرير الى إن المساحات المزروعة بالقمح في أمريكا تزايدت بواقع 3% تقريبا وبما يصل الى حوالي 25.2 مليون هكتار في مقابل 24.5 مليون للموسم السابق, ويعود السبب الرئيسي الى تزايد مساحة القمح الشتوي بوجه أساسي على حساب الذرة, ناهيك عن أن المساحة المزروعة بالقمح الربيعي ربما ستصل لحوالي 5.3 مليون هكتار. وكذلك توقع التقرير أن كندا هي الأخرى ستشهد زيادة المساحة المزروعة بالقمح بنسبة 11% حيث من المنتظران تزيد كندا من المساحة المزروعة لتصل الى 9.8 مليون هكتار بدلا من 8.8 مليون في الموسم السابق أي زيادة نسبتها 11%, وستكون هذه الزيادة على حساب محصولي الذرة ويشير التقرير أن الولايات الغربية تعاني في الفترة الحالية من بعض الجفاف مما يتطلب هطول كمية مناسبة من الأمطار لمساعدة الرطوبة في التربة قبل البذر في الموسم الربيعي اعتبارا من نصف الشهر الحالي وحتى نهاية أيار. ويتوقع أن تصل الكميات الكلية للمحصول الكندي من القمح ما يقارب ال 24 مليون طن مقابل 20.1 مليون طن خلال موسم العام الماضي. الاتحاد الأوروبي كذلك اتجه نحو زراعة القمح بدلا من زراعة بذور اللفت. على الرغم من الغطاء الثلجي الذي يغطي معظم الدول الأوروبية في المناطق الشمالية والشرقية إلا انه من المتوقع أن تصل مساحة الأراضي المزروعة بالقمح حوالي 26.2 مليون هكتار, عدا عن أن المزارعين يتحولون من زراعة بذور اللفت الى زراعة القمح الطري. متوقعا أن تزداد محاصيل القمح لتصل الى حوالي 138.5 مليون طن مقابل 120.1 مليون طن في المواسم السابقة. حيث ستكون فرنسا من الدول الأكثر وفرة في المحصول بما يصل الى 39 مليون طن مقابل 33 مليون طن في الموسم السابق, فيما تأتي ألمانيا في المرتبة الثانية ب 24 مليون طن مقابل 20.9 مليون طن في الموسم السابق, تليها انجلترا بكمية محاصيل تصل الى 16 مليون طن مقابل 13.1 مليون طن في العام الماضي, أما أسبانيا فستنخفض كمية المحصول فيها بما يصل الى 5.6 مليون طن مقابل 6.3 مليون طن الموسم الماضي. استراليا: عودة الإنتاج الى مستواه الطبيعي بعد جفاف موسمين وبعد جفاف أدى الى تدني المحاصيل في الموسمين الماضيين تعكف استراليا على زيادة المساحات المزروعة للتعويض عن مواسم الأعوام السابقة. وتصل المساحة المزروعة بالقمح في استراليا الى 13.5 مليون هكتار مقارنة ب 12.3 مليون للموسم السابق, حيث ينتظر أن يصل المحصول الى 22.5 مليون طن مقابل 13.1 مليون طن في العام الماضي. حتى روسيا وما للبرد القارس من آثار تؤدي إلى انخفاض إنتاجها المحاصيل ولو بشكل طفيف ورغم ارتفاع درجات الحرارة في المناطق الغربية في روسيا أثناء شهر شباط وما ينتج عنه من ذوبان للثلوج مما يزيد احتمالات أضرار الصقيع على المحاصيل إلى حد ما إلا انه تم زيادة المساحة المزروعة من القمح الشتوي بنسبة 7 % عن الموسم الماضي بوصولها الى مساحة 11.2 مليون هكتار بدلا من 10.5 مليون بما يدفع بالمساحة الكلية الى 24.5 مليون هكتار بدلا من 23.8 مليون هكتار. وبعد الأخذ بعين الاعتبار نسبة الأضرار الناجمة عن تعرض النباتات في بداية حياتها للبرد القارس يتوقع أن تصل كميات المحاصيل الى 48 مليون طن بدلا من 49.4 مليون طن في العام الماضي, ولكن التقرير أشار إلى أن قيام المسؤولين الروس بفرض ضريبة تصدر على صادرات القمح سوف يؤثر سلبا على كميات التصدير, وعلى النقيض من ذلك فإن الصادرات الروسية من الدقيق آخذة في التزايد نظرا لعدم وجود ضرائب على الدقيق المصدر . وأشار التقرير أن الأردن كانت قد اشترت 115 ألف طن من القمح بسعر 477 دولارا ينتظر شحنها جميعها من كازاخستان التي توقع التقرير انخفاض المحاصيل فيها بمعدل 3 ملايين طن عن الموسم الماضي وتوقع التقرير أن تتراجع كميات محاصيل كازاخستان من القمح 13.5 مليون طن بتراجع قدره 3.5 مليون حيث وصلت المحاصيل في الموسم الماضي الى 16 مليون طن. وكانت الحكومة الكازاخستانية قد أعلنت في نهاية الشهر الماضي عن معايير جديدة بدأت الحكومة في تطبيقها بغرض الحد من الصادرات ليتسنى تأمين مخزون استراتيجي كاف للدولة داخل البلاد. كذلك أوكرانيا أصدرت سياسة للحد من التصدير على الرغم من ارتفاع المحاصيل ويتوقع أن ترتفع كميات محاصيل القمح في أوكرانيا لتصل الى 18 مليون طن مقابل 13.9 مليون في الموسم السابق. وكانت قد عملت الحكومة على فرض سياسة تصديرية تقضي بإمكانية التصدير وفق حصص معينة بكمية إجمالية قدرها 200 ألف طن. ويتوقع أن ترتفع صادرات الهند في العام الحالي لمادة القمح بسبب ارتفاع أسعار الشراء ومن المتوقع إن تصل جملتها الى 20 مليون طن مقابل 12 مليون طن بيعت من موسم العام الماضي. وتوقع التقرير بان سوريا ستشهد ارتفاعا في كميات محاصيل الموسم الجديد في حال هطول الأمطار فإذا ما هطلت أمطار أكثر وبدرجة توزيع جيدة على سورية خلال الموسم الحالي ربما يصل المحصول الجديد الى 4.6 مليون طن مقابل 4 ملايين طن في العام الماضي.