أفتى العلامة د. يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بجواز "اقامة كنيسة للمواطنين والمقيمين المسيحيين وغيرهم في الدول الاسلامية اذا كانت لهم حاجة حقيقية اليها, وأذن لهم ولي الأمر الشرعي بذلك". وأوضح موقع "اسلام أون لاين" ان القرضاوي أيد "السماح للنصارى باقامة كنيسة في قطر", مشيرا الى أنه "من حقِ ولي الأمر السماح بذلك, بناء على فقه السياسة الشرعية التي تقوم على رعاية مقاصد الشرع, ومصالح الخلق", داعيا ولي الأمر في الوقت نفسه الى الرجوع الى فتوى العلماء الراسخين في هذا الشأن "حتى لا يقع فيما لا يحبُه الله ولا يرضاه". وأجاز القرضاوي للمسلمين أيضا المشاركة في بناء واقامة الكنائس, مشيرا في الوقت نفسه, الى أن "كثيرا من علماء المسلمين يكرهون ذلك للمسلم, لأنه يعين على أمر يعتقده في دينه باطلا وضلالا", مستندا في تأييده لاقامة كنائس ودور عبادة لغير المسلمين في الدول الاسلامية الى رأي الامام أبي حنيفة النعمان, مخالفا آراء علماء المالكية, والحنابلة, وجمهور الشافعية, وأبي يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة الذين أفتوا بتحريم بناء الكنائس والعمل على تشييدها واقامتها. وشهدت قطر في مارس الماضي افتتاح أول كنيسة كاثوليكية تحمل اسم "سيدة الوردية", وسمحت ببناء أربع كنائس لباقي أتباع الطوائف المسيحية,وشهد افتتاح الكنيسة جدلا بين علماء قطر ما بين مؤيد ومعارض, فقد أيد د. عبد الحميد الأنصاري عميد كلية الشريعة السابق في جامعة قطر انشاء كنائس في الدول الاسلامية; استنادا لمبدأ المعاملة بالمثل ولأن الاسلام يعترف بالمسيحية كديانة سماوية, فيما عارض من جهته د. نجيب النعيمي انشاء الكنيسة, بحجة عدم وجود مواطنين قطريين مسيحيين ولعدم وجود اجماع شعبي من مسلمي قطر على انشاء كنائس. وجاءت فتوى القرضاوي ردا على سؤال تلقاه من أحد المقيمين في قطر يستفسر فيه عن حكم المشاركة في مناقصة بناء احدى دور العبادة غير الاسلامية (كنيسة) مثل عمل شبابيك.. وفي حالة المشاركة فما حكم الربح الذي عاد على الشركة?", حيث استهل القرضاوي اجابته على السائل بالاشارة الى اختلاف أقوال الفقهاء حول مشاركة المسلم في بناء احدى دور العبادة لغير المسلمين, مثل: معبد للهندوس أو كنيسة للنصارى. واستعرض القرضاوي أولا رؤى الفقهاء القائلين بالتحريم, مبينا أنه ذهب الى تحريم بناء الكنائس والعمل على تشييدها واقامتها: المالكية, والحنابلة, وجمهور الشافعية, وأبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة. وخلص القرضاوي في ضوء هذه الرؤى الى أن "اقامة الكنيسة لغير المسلمين من أهل الذمة, أو بعبارة أخرى: للمواطنين من المسيحيين وغيرهم, ممَن يعتبرهم الفقهاء من (أهل دار الاسلام) لا حرج فيه اذا كان لهم حاجة حقيقية اليها, بأن تكاثر عددهم, وافتقروا الى مكان للتعبُد, وأذن لهم ولي الأمر الشرعي بذلك, وهو من لوازم اقرارهم على دينهم". ورأى أن ذلك ينطبق أيضا على "غير المسلمين من غير المواطنين الذين دخلوا دار الاسلام بأمان, أي بتأشيرات دخول واقامة, للعمل في بلاد المسلمين, وتكاثرت أعدادهم, واستمر وجودهم, بحيث أصبحوا في حاجة الى كنائس يعبدون ربهم فيها, فأجاز لهم ولي الأمر ذلك في حدود الحاجة, معاملة بالمثل, أي كما يسمحون هم للمسلمين في ديارهم بانشاء المساجد لاقامة الصلوات". وأعرب عن اعتقاده بأن "السماح للنصارى باقامة كنيسة في قطر يدخل في هذا الباب, وهو من حقِ ولي أمر, بناء على فقه السياسة الشرعية التي تقوم على رعاية مقاصد الشرع, ومصالح الخلق, وتوازن بين المصالح بعضها وبعض, والمفاسد بعضها وبعض, والمصالح والمفاسد اذا تعارضتا", مشددا على أنه "يجب على وليِ الأمر الرجوع الى فتوى العلماء الراسخين, حتى لا يقع فيما لا يحبُه الله ولا يرضاه". وأوضح القرضاوي في فتواه أنه "اذا أجزنا لهم اقامة هذه الكنائس في دار الاسلام, فما سُمِح لهم به, وأجازه علماء الشرع, يجوز المشاركة في بنائه واقامته, وان كان كثير من العلماء يكرهون ذلك للمسلم, لأنه يعين على أمر يعتقده في دينه باطلا وضلالا, فالمعاونة فيه داخله بوجه في قوله تعالى: }وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الاِثْمِ وَالْعُدْوَانِ{المائدة:2[. وعلم "اسلام أون لاين", أن الشيخ القرضاوي سيكتب في وقت لاحق مقالا مفصلا يتناول فيه معنى ودلالة الحديث النبوي الشريف: »لا يجتمع دينان في جزيرة العرب«, وسيوضح فيه بشكل خاص المراد بجزيرة العرب: هل هي شبه الجزيرة العربية كلها, أم أرض الحجاز فقط (مكة والمدينة وما حولهما?); باعتبار أن شبه الجزيرة العربية مسمى يراد به أرض الحجاز مجازا; حيث يطلق اللفظ في لغة العرب أحيانا على الكل ويراد به الجزء.