وفقا للموقع الإلكتروني الإسرائيلي "كورسور"، يسعى الجانب الإسرائيلي خلال مباحثاته في موسكو إلى تشديد العقوبات الدولية على طهران في حال رفض الأخيرة إيقاف تخصيب اليورانيوم. كما ترغب تل أبيب في الإعراب عن قلقها للمعلومات التي تشير الى احتمال عقد صفقة روسية إيرانية لتزويد إيران بمنظومات صاروخية للدفاع الجوي من طراز "س-300" و "تور-إم1" بقيمة مليار و400 مليون دولار. وأشارت وكالة "انترفاكس" الروسية إلى لقاء أرديتي نائب وزير الخارجية الروسي السفير الجديد المعين لدى الولاياتالمتحدة سيرغي كيسلياك، حيث "جرى تبادل الآراء حول المسائل الراهنة، التي تهم الجانبين، بما في ذلك منع انتشار أسلحة الدمار الشامل والأمن المشترك..." في حين أكدت مصادر مطلعة أن هذه الزيارة تحمل طابعا استطلاعيا لجس نبض موسكو ولتقدير مدى إمكانية تغاضيها عن قيام إسرائيل بتوجيه ضربة إلى الجمهورية الإسلامية. وتأتي هذه الزيارة على أثر مباحثات وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك الاثنين الماضي ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي غابي أشكينازي الخميس الماضي في واشنطن، للحصول على "ضوء أخضر" لمهاجمة إيران. يجب القول إن توقيت الزيارة ليس ملائما تماما للجانب الإسرائيلي، إذ لم تحل حتى الآن قضية المقدم الإسرائيلي المتقاعد يائير كلاين، الذي اعتقل في موسكو قبل تسعة أشهر بموجب مذكرة من الانتربول وبطلب من كولومبيا، التي تتهمه بمساعدة مافيا المخدرات، حيث تطالب الخارجية الإسرائيلية بترحيله إلى إسرائيل بدلا من كولومبيا بينما ترفض موسكو ذلك. وتأتي هذه الزيارة أيضا في ظل برودة تشوب العلاقات الروسية الأميركية بعد تصريحات المرشح الرئاسي الأميركي جون ماكين، التي دعا فيها إلى فصل روسيا من مجموعة "الدول الثماني الكبرى" إذا "لم تحسن سلوكها" على الصعيد الدولي، وكذلك بعد تأكيد ماكين أن روسيا تحت قيادة رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين تتصرف كدولة أوتوقراطية في السياسة الخارجية، وتقوم مثلا بتقليص حجم التوريدات النفطية إلى تشيكيا ردا على توقيع براغ اتفاقية حول منظومة الدرع الصاروخية الأميركية، وتمارس الضغوط على جورجيا وأوكرانيا وغيرهما. من ناحيته، رد مصدر في الخارجية الروسية رفض ذكر اسمه الثلاثاء على تصريحات ماكين بتوجيه انتقادات شديدة اللهجة إلى الإدارة الأميركية. وقال الدبلوماسي الروسي في حديث للصحفيين الروس والأجانب إن أساس العلاقات مع الولاياتالمتحدة على وشك الانهيار، وهدد بإيقاف الحوار مع الولاياتالمتحدة إذا كان الجانب الأمريكي يريد "تعليمنا كيف نتصرف؟ ومن يجب أن نصادق؟ وأمام من نغلق الأبواب؟ ومع من ننام؟!". وأضاف المسؤول الروسي أن "عواطفنا حيال أمريكا آخذة في التلاشي". وأكد أن المسألة الإيرانية هي مشكلة واشنطن. ومن ناحية أخرى، يبدو تعيين نائب لوزير الخارجية سفيرا لموسكو في واشنطن تأكيدا لتأزم العلاقات بين البلدين ولاستعداد موسكو لمواجهة ظروف القطيعة المحتملة بينهما، وهو أيضا إشارة روسية إلى واشنطن بأن موسكو مستعدة لانتهاج سياسة جديدة مغايرة مع الإدارة الأميركية المقبلة. ومن المعلوم أن سيرغي كيسلياك دبلوماسي متمرس، كان يشرف على قضايا الاستقرار الإستراتيجي مع الولاياتالمتحدة، والعلاقات مع " G-8 " الدول الثماني الكبرى"، والاتصالات مع الجانب الأميركي حول الملف النووي الإيراني. وهو ينتمي إلى مدرسة المحافظين في الخارجية الروسية. وربما بحكم تعليمه الهندسي فهو نادرا ما يلجأ إلى تدوير الزوايا عند إيصال وجهات نظر موسكو في مباحثاته مع نظرائه الغربيين. وقد أظهر كيسلياك تشدده في الدفاع عن مواقف بلاده خلال ترؤسه للوفد الروسي في مفاوضات مجموعة "5+1" الخاصة بالملف النووي الإيراني. جدير بالذكر أن رئيس شركة "غازبروم" الروسية الكسي ميلير قام بزيارة مفاجئة في منتصف الشهر الجاري إلى طهران، حيث بحث من جديد مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد آفاق إنشاء منظمة لمصدري الغاز على غرار "أوبك". وفي ختام الزيارة، التي سماها المراقبون بالإستراتيجية، تم توقيع اتفاقية حول تطوير واستغلال الشركات الروسية لحقول النفط والغاز الإيرانية، وكذلك حول المشاركة الروسية في نقل النفط، الذي تستخرجه إيران في بحر قزوين إلى خليج عُمان، وحول التعاون في تطوير حقل "آزادكان" الشمالي النفطي، وأخيرا حول إمكان مشاركة "غازبروم" في مد خط أنابيب الغاز المرتقب من إيران إلى باكستان والهند. وفي ضوء كل ذلك، يبدو من المستبعد حصول المسؤول الإسرائيلي على "كارت بلانش" روسي لمهاجمة إيران. /نوفستي