تعهد زعماء مجموعة العشرين بالتحرك بسرعة لإنقاذ الاقتصاد العالمي الضعيف من أسوأ أزمة مالية يمر بها منذ أكثر من 70 عاما واتفقوا على منح القوى الاقتصادية الصاعدة دورا أكبر في إدارة الأزمة المالية. وقد رسمت مجموعة العشرين التي تضم دولا صناعية متقدمة ودولا ناشئة خططا لتشديد الرقابة على البنوك العالمية الكبرى ودراسة فرض حدود على أجور المصرفيين والسعي لتحقيق انفراجة في محادثات التجارة العالمية بنهاية العام الجاري وكل ذلك في إطار خريطة طريق لإعادة بناء النظام المالي العالمي الذي عرقلته الأزمة الائتمانية. وقال الزعماء في بيان صدر عقب أول قمة تعقدها المجموعة يوم السبت "علينا أن نضع أساس الإصلاح للمساعدة في ضمان عدم تكرار مثل هذه الأزمة العالمية." وتعهد الزعماء بإحراز تقدم قبل عقد قمة ثانية قبل نهاية أبريل نيسان المقبل. وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد وصف القمة التي ربما تكون آخر حدث اقتصادي كبير يشارك فيه قبل أن يترك منصبه في يناير كانون الثاني بأنها ناجحة وقال إن الزعماء اتفقوا على سياسات تقوم على السوق الحرة وتعزيز النمو. وقال بوش "من المعقول أن نخرج من هنا بخطة عمل واضحة وهو ما لدينا. ومن المعقول أيضا أن نقول للناس أنه مازال هناك عمل أكثر يجب انجازه." ودعت مجموعة العشرين لاتخاذ تدابير لحفز الانفاق سواء من خلال تخفيضات ضريبية أو من خلال الانفاق الحكومي حتى تحدث "أثرا سريعا" وحثت أيضا على تخفيضات أخرى في أسعار الفائدة. لكن المجموعة لم تصل إلى حد إعلان أي إجراءات جديدة أو تعديلات كبرى في النواحي التنظيمية وتركت الأمر لكل دولة على حدة لكي تتخذ ما تراه مناسبا. إلا أن دعم مجموعة العشرين قد يعزز الجهود في الكونجرس الأمريكي للعمل من أجل خطة ثانية لتحفيز الاقتصاد يعارضها بوش ويؤيدها باراك أوباما الذي سيتولى الرئاسة بعده كما أن بريطانيا التي تنزلق بسرعة إلى الركود قد تكشف عن تخفيضات ضريبية هذا الشهر. وكانت تحذيرات مجموعة العشرين من أخطار التراخي شديدة. فقد قال البيان "إن الزخم الاقتصادي يتباطأ بدرجة كبيرة في الاقتصادات الكبرى." وبدأت دول ناشئة تسقط في الدوامة وهو ما اتضح في حصول باكستان على قرض قيمته 7.6 مليار دولار من صندوق النقدي في يوم انعقاد القمة. وقال رئيس الوزراء الياباني تارو اسو "هذه أسوأ أزمة منذ 100 عام. لكن الأزمة قد تكون فرصة سانحة في الوقت نفسه. فالتاريخ يقول لنا انه عندما نتغلب على أزمة يخلق نظام جديد. يجب ألا تربكنا الأزمة." وفيما يوحي بتحول كبير في الميزان العالمي للقوة الاقتصادية اتفقت مجموعة العشرين على إشراك قوى اقتصادية صاعدة في منتدى الاستقرار المالي الذي تعمل من خلاله هيئات تنظيم العمل المصرفي في الدول الصناعية على تقييم المخاطر التي تواجه البنوك والأسواق. كما حصل المنتدى على دور أكبر في وضع السياسات والمعايير المالية العالمية التي ستتبعها هيئات الرقابة على مستوى الدول. وفي الأجل المتوسط فتحت مجموعة العشرين أيضا الباب أمام زيادة عدد المقاعد التي تشغلها الدول النامية في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ومع تزايد اعتماد الغرب على أمواله في إنقاذ البنوك والدول مارس رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ضغوطا على الصين ذات القوة التصديرية الهائلة والسعودية الغنية بالنفط من أجل مد يد العون وتزعم الدعوة من أجل إصلاح النظام العالمي القائم منذ 60 عاما على اتفاقيات بريتون وودز التي أدت إلى تأسيس صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لكن وزير المالية السعودي إبراهيم العساف قال لرويترز إن المملكة لا تنوي تقديم المزيد من الأموال لصندوق النقد. وقال العساف "انتشرت شائعات كثير عن أننا أتون لسداد الفاتورة. وما من شيء من هذا القبيل." وقالت اليابان إنها تأمل أن توفر الصين مزيدا من الأموال للصندوق الذي يقوم بدور الشرطي المالي في العالم ولكنه ظل حتى ألان خاضعا لهيمنة الولاياتالمتحدة والأعضاء الآخرين في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى. وكلف الزعماء وزراء ماليتهم بجدول أعمال حافل يتمثل في مراجعة المعايير المحاسبية العالمية وتكوين هيئات من المشرفين للرقابة على البنوك العالمية الكبرى ووضع معايير جديدة لوكالات التصنيف الائتماني والبحث عن سبل لتقليص مرتبات المصرفيين وذلك من خلال ربطها بحجم المخاطر التي يتعرض لها البنك. لكن العمل بدأ بالفعل في جانب كبير من بنود هذه القائمة. وقال ادوين ترومان المحلل بمعهد باترسون للاقتصاد الدولي إنها لم تأت بجديد.ويبدو أن صناديق التحوط وشركات الاستثمار الخاص حصلت على اعفاء من القواعد الرقابية المشددة الجديدة إذ قالت مجموعة العشرين أن عليها أن تستخدم أفضل الممارسات الطوعية لكن بوتيرة أسرع. وقال مستشارون كلفهم الرئيس الأمريكي المنتخب أوباما بمقابلة كبار الشخصيات على هامش قمة العشرين انه يؤيد تحركا منسقا لحل الأزمة المالية العالمية ومستعد للعمل مع الدول الأعضاء فيها لتحسين النظام المالي عندما يتولى الرئاسة. وقالت وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت وعضو الكونجرس السابق جيم ليتش في بيان "يعتقد الرئيس المنتخب أن قمة مجموعة العشرين لزعماء أكبر اقتصادات في العالم فرصة مهمة للسعي إلى تحرك عالمي بشأن الأزمة المالية العالمية."