شارك فخامة الأخ الرئيس علي الله صالح رئيس الجمهورية في مراسم تشيع فقيد الأمة العربية والإسلامية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز والتي جرت في مدينة الرياض بمشاركة عدد من ملوك ورؤساء وأمراء 36 دولة عربية وإسلامية. وبعد أداء الصلاة على الفقيد في جامع تركي بن عبدالله بالرياض ومواراة جثمانه الثرى في مقبرة العود .. قدم فخامة الأخ الرئيس والوفد المرافق له التعازي باسم الجمهورية اليمنية قيادة وحكومة وشعبا إلى القيادة والحكومة والشعب بالمملكة العربية السعودية وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك / عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية وأخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام وأبناء الفقيد وكل أفراد الأسرة الحاكمة سائلا العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع الرحمة والمغفرة وان يسكنه فسيح جناته ، انه سميع مجيب. وكان رئيس الجمهورية أدلى بتصريح لوسائل الإعلام لدى وصوله أكد فيه ان الأمة العربية والإسلامية فقدت بوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز / رحمه الله / قائدا مقداما كان مثالا للقائد الحكيم ورجل الدولة المحنك الشجاع المدافع عن حقوق امته وقضاياها. وقال:" وصلنا الى أرض المملكة العربية السعودية الشقيقة للمشاركة في مراسم تشييع جنازة المغفور له بإذن الله تعالى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز طيب الله ثراه على رأس وفد رفيع المستوى يمثل علماء اليمن والحكومة ومجلسي النواب والشورى والأحزاب والتنظيمات السياسية والشخصيات الاجتماعية.. ولتقديم العزاء بأسمي شخصيا ونيابة عن الشعب اليمني لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وكل الأمراء وأفراد الأسرة الكريمة والشعب السعودي الشقيق في وفاة فقيد الأمة العربية والإسلامية المغفور له بإذن الله تعالى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود الذي برحيله فقدت الأمة العربية والإسلامية قائدا مقداما". وأضاف فخامته قائلا " لقد عرفت الملك الراحل مثالا للقائد الحكيم ورجل الدولة المحنك الشجاع المدافع عن حقوق الأمة العربية والإسلامية وقضاياها عبر مسيرته الحافلة بالعطاء والبذل ، كما سخر كل جهده لخدمة وطنه وشعبه, وشهدت المملكة في ظل قيادته نهضة كبيرة ومنجزات عملاقة في كل المجالات التي ستظل شاهدا على عظمة إنجازاته ومآثره في خدمة الإسلام والمسلمين". وقال فخامة الأخ الرئيس " إن رحيل الملك فهد مثل خسارة فادحة وكبيرة لشعب المملكة العربية السعودية, وللجمهورية اليمنية وذلك لما لمسناه من حرصه الشديد على توطيد وتدعيم العلاقات الثنائية بين بلدينا وشعبينا الشقيقين". واضاف :" برغم الألم والأسى الذي يعتصر قلوبنا فإننا على ثقة بأن القيادة الجديدة المتمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ستمضي على نفس الأسس التي أرساها الفقيد الراحل بما يضمن استمرار النهضة التنموية الشاملة للمملكة, والحفاظ على المكانة الرائدة لها في تحقيق التضامن العربي المشترك خاصة في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها امتنا".. سائلا المولى عز وجل ان ينزل على روح فقيد الأمة شآبيب رحمته وعظيم غفرانه وأن يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. هذا وولد العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود عام في 1923 من أم تنتمي إلى قبيلة السديري التي تتمتع بنفوذ كبير في المملكة وكان الابن الثامن لعبد العزيز آل سعود, مؤسس الأسرة والمملكة العربية السعودية. في عام 1975 أصبح فهد وليا للعهد إثر اغتيال الملك فيصل، وتولي الملك خالد الحكم ولعب فهد وقتها دورا مؤثرا في السياسة السعودية حتى وفاة شقيقه. تولى الملك فهد الحكم في بلاده في يونيو/ حزيران عام 1982 خلفا لشقيقه ليصبح خامس ملك للدولة التي تأسست عام 1932 وأصبحت واحدة من دول العالم الغنية في ذروة انتعاش أسعار النفط في السبعينات من القرن الماضي. وبدأ العاهل السعودي فترة حكمه وسط ظروف إقليمية مضطربة حيث كانت الحرب العراقية الإيرانية على أشدها في وقت كانت تعاني فيه المنطقة العربية من تبعات المقاطعة مع مصر وتطورات الغزو الإسرائيلي للبنان. اختارت السعودية مع بقية دول المنطقة وقتها الوقوف إلى الجانب العراق بقيادة صدام حسين في الحرب التي انتهت عام 1988. في هذه الفترة واجهت المملكة، التي تملك اكبر احتياطي عالمي من النفط كما أنها المنتج والمصدر الأول، مشكلة انهيار أسعار النفط عالميا مما جعلها ابتداء من 1986 تقلص المساعدات التي تقدمها للعراق. في عام 1986 أيضا اتخذ فهد لنفسه لقب "خادم الحرمين الشريفين" وخلال أكثر من عشرين عاما شهد الحرمان المكي والنبوي عمليات تطوير هائلة وغير مسبوقة في تاريخهما بهدف توفير أكبر قدر من الراحة والأمان للحجاج والمعتمرين والزوار وامتدت هذه العمليات إلى بقية المشاعر المقدسة التي يفد إليها الملايين في موسم الحج. تزامن ذلك مع نهضة عمرانية وصناعية ضخمة في السعودية من خلال مشروعات الصناعات البتروكيميائية والغذائية، وتحولت المملكة إلى مركز جذب للاستثمارات الأجنبية وارتبط ذلك بإقامة مناطق صناعية كبرى وشبكات طرق سريعة تكلفت ملايين الدولارات. في أغسطس/ آب عام 1990 تعرضت المنطقة العربية لحدث جلل بغزو العراق للكويت ليتخذ الملك فهد قراره التاريخي بالسماح بنشر قوات أميركية في بلاده وتوجيه نداء لجميع الدول العربية والأجنبية الصديقة لإرسال قوات للدفاع عن السعودية التي أصبحت مهددة بالخطر العراقي. وبعد نهاية حرب الخليج الثانية عام 1991 كان على المملكة أن تواجه تبعاتها على النظام السياسي والاقتصادي الإقليمي بينما استمر تدهور أسعار النفط وارتفعت فاتورة تكاليف الحرب وبقاء القوات الأجنبية في المنطقة. في 1992, اتخذ فهد مبادرة بدء أول إصلاحات سياسية في المملكة في مسعى لتحييد المعارضة الإسلامية التي كانت تنتقد خصوصا وجود قوات أميركية على أراضي المملكة، وبرز من هذه المعارضة أسامة بن لادن الذي جرد من جنسيته وأصبح فيما بعد زعيما لتنظيم القاعدة. قرر الملك فهد عام 1993 إنشاء مجلس للشورى يضم ستين عضوا وأصبح في 2005 يضم 150 عضوا كلهم معينون، كما اصدر قانونا أساسيا هو نوع من الدستور المستمد من الشريعة الإسلامية. وفي 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1995, أصيب العاهل السعودي فهد بجلطة في المخ ومنعه وضعه الصحي من المشاركة في تشييع جثمان ابنه البكر الأمير فيصل الذي توفي إثر إزمة قلبية. ومنذ ذلك الحين عهد بتصريف شؤون المملكة إلى أخيه غير الشقيق ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز الذي يواجه تحديات ما بعد هجمات سبتمبر/ أيلول 2001 ضد الولاياتالمتحدة وما تلاها من ضغوط أميركية على الرياض للإصلاح السياسي، إلى جانب تصاعد العنف الداخلي في سلسلة هجمات طالت الأجانب. وسبق أن أجريت عملية جراحية في عين الملك فهد لإزالة مياه زرقاء عام 2003 في الرياض وذلك بعد عام من إجراء عملية مماثلة في عينه الأخرى في جنيف.