قراءة قانونية في خطاب المجلس الانتقالي الجنوبي من منظور القانون الدولي شبوة برس – خاص قدّم أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالمغرب، الدكتور توفيق جزوليت، قراءة قانونية معمّقة لمفهوم «بناء الدولة أولًا» في سياق استعادة دولة الجنوب العربي، مؤكدًا أن هذا المسار يشكل المدخل الواقعي والشرعي للاعتراف الدولي، وليس مجرد خيار سياسي أو شعار مرحلي.
وأوضح جزوليت، في منشور على صفحته بمنصة فيسبوك رصده محرر شبوة برس، أن الانهيار الشامل للدولة اليمنية فرض إعادة التفكير في مسار استعادة الدولة الجنوبية من زاوية الواقعية السياسية، عبر بناء مؤسسات حكم فعلية، بدل الارتهان للإعلانات السياسية المجردة التي لا يُقيم لها القانون الدولي وزنًا.
وأشار إلى أن القانون الدولي لا يعترف بالإعلانات الانفصالية في ذاتها، بل يتعامل مع الوقائع القانونية الناتجة عن السيطرة الفعلية والإدارة المستقرة، لافتًا إلى أن أي كيان يثبت قدرته على إدارة الأمن، وتقديم الخدمات العامة، وتمثيل السكان، يراكم تدريجيًا وضعًا قانونيًا يؤسس للاعتراف المستقبلي.
وبيّن أن المجتمع الدولي يميل للاعتراف بالكيانات التي تُظهر قدرة على الحكم الرشيد، وتسيطر فعليًا على إقليمها، ولا تشكل تهديدًا للسلم الإقليمي والدولي، معتبرًا أن بناء الدولة أولًا في الجنوب شرط أساسي لتفعيل مسار استعادة الدولة وليس عائقًا أمامه.
وأكد جزوليت أن استعادة الدولة مسار قانوني بقدر ما هو سياسي، وأن الواقعية السياسية وبناء الدولة يشكلان معًا علاقة تكامل تفرضها قواعد القانون الدولي وممارساته، مشددًا على أن الدولة لا تُستعاد بإعلان رمزي، بل بإنشاء سلطة فعالة تستوفي شروط الدولة وتحوّل الحق التاريخي إلى واقع قانوني معترف به.
وأضاف أن التجارب الدولية تؤكد أن ممارسة حق تقرير المصير تمر عبر كيان سياسي منظم يمتلك سلطة تنظيمية وأجهزة تنفيذية وأمنية، وقدرة على بسط النظام العام وإدارة الموارد العامة، وهو ما يجعل بناء مؤسسات الحكم شرطًا قانونيًا سابقًا للاستقلال لا بديلًا عنه.
وختم أستاذ القانون الدولي بالتأكيد على أن الهياكل السياسية الجنوبية القائمة يمكن النظر إليها كسلطات انتقالية بحكم الواقع، قادرة على اكتساب شرعية وظيفية عبر الأداء المؤسسي، مشددًا على أن الشرعية في القانون الدولي المعاصر تُبنى بالأداء بقدر ما تُبنى بالتمثيل الشعبي، وأن الاعتراف الدولي سيكون نتيجة حتمية عندما يصبح الحكم واقعًا مستقرًا لا مجرد خطاب.