رصد محرر "شبوة برس" تحليلاً أعده الدكتور "توفيق جزوليت"، أستاذ القانون الدولي في جامعة محمد الخامس بالمملكة الغربية، تناول فيه الأبعاد القانونية والتاريخية لتحرير وادي حضرموت وعلاقته بخيارات الجنوب السياسيّة المستقبلية. يشير التحليل إلى أن التاريخ المعاصر عرف عدداً من الحركات التحررية التي انتقلت من مرحلة "الحركة التحررية" إلى "سلطة الأمر الواقع" ثم إلى دولة معترف بها دولياً، مثل إريتريا التي سيطرت على كامل أراضيها عام 1991 ثم أجرت استفتاء عام 1993، وجنوب السودان الذي أفضت سيطرة الجيش الشعبي على أراضي الجنوب إلى اتفاق نيفاشا عام 2000 واعتراف الأممالمتحدة بدولته عام 2011، وكوسوفو التي شهدت استقلالها بعد تدخل دولي لتثبيت سلطتها على الأرض عام 2008.
ويؤكد التحليل الذي تابعه محرر "شبوة برس" أن تحرير وادي حضرموت يمثل تحوّلاً جوهرياً في موازين القوى داخل الجنوب، ويمهّد لمرحلة جديدة يمكن من خلالها صياغة مشروع سياسي جنوبي على أسس واقعية. فسيطرة الجنوبيين على وادي حضرموت تمثل تكريساً لسلطة فعلية (De Facto Authority)، وهو ما يشكل حجر الأساس لأي استعادة شرعية سياسية وقانونية لاحقاً.
من منظور القانون الدولي، يُبرز التحليل أن الحالة الجنوبية أقرب إلى "عودة الدولة" (State Reversion) وليس "الانفصال" (Secession)، لأن الجنوب كان دولة مستقلة قبل الوحدة الاندماجية التي تمّت بالقوة، كما حصل في حرب 1994، وعليه فإن القانون الدولي يتيح استعادة الدولة السابقة عندما تتوفر شروطها. ويشير الدكتور جزوليت إلى نماذج مشابهة مثل سنغافورة بعد خروجها من الاتحاد الماليزي وجمهوريات البلطيق بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وإريتريا التي استعادة وضعها القانوني بعد انتهاء العلاقة الاندماجية مع إثيوبيا.
ويخلص التحليل إلى أن الجنوب أمام لحظة مفصلية تجمع بين التراكم القانوني والتقدم الميداني، وأن استكمال بناء المؤسسات الجنوبية وحصانة الجبهة الداخلية سيحوّل استعادة الدولة من مطلب سياسي إلى مسار واقعي يتوافق مع مبادئ القانون الدولي وتجارب التاريخ المعاصر.