#الاستقلال_الثاني ليس قطيعة مع التاريخ، بل استخلاص قاسٍ لدروسه. والجنوب تعلّم، بثمنٍ باهظ، أن الدولة التي لا تملك فتواها تظلّ مستباحة في دينها وأرضها وإنسانها.
في 1994 كُفِّر الجنوبي لأنه «ماركسي وملحد»، وفي 2015 كُفِّر لأنه «داعشي»، وفي الحالتين كانت الفتوى المستوردة هي رأس الحربة في الغزو، وكان الدم الجنوبي مباحًا بنصٍّ ديني مُهرَّب من خارج الجغرافيا والوجدان.
لهذا فإن قرار توطين الفتوى ليس تسييسًا للدين بل تحريرٌ للوطن من فوضى التكفير وتأكيدٌ أن بناء الدولة يبدأ من مرجعيتها الدينية الوطنية لا من غرف تنظيمية عابرة للحدود.
الجنوب لا يرفض الدين بل يرفض اختطافه ولا يحارب الفتوى بل يمنع تحويلها إلى أداة حرب.
لا أمن لوطنٍ تُدار عقيدته من الخارج ولا استقرار لدولة تُستورد لها الفتاوى كما تُستورد الأسلحة.
الدولة تُبنى بجيشها، وقضائها، وبفتوى منسجمة مع مجتمعها وتاريخها وعدن اليوم تقول بوضوح: يكفي... لن تُغزى البلاد مرة أخرى بفتوى