اذا صح ما نقل عن المهندس حيدر ابوبكر العطاس قوله انه اخطأ في إضاعة فرصة المشاركة في الحوار ، فأني سأكون واضحا وأقول ليس الحوار والمشاركة فيه هي الفرصة الوحيدة التي اضعتموها على شعب الجنوب .. قل أنكم اضعتم فرصا كثيرة للتوحد منذ لقاءاتنا في ابوظبي عام 2008 ولقاءاتنا بالنمسا عام 2009 وفرصة التوقيع مع الائتلاف الوطني مع القوى في الشمال للإطاحة بنظام صالح والموقع في 13 يونيو 2010 وغادرت القاهرة للهروب من المسؤولية عشية التوقيع على الوثيقة والتي وقعناها بحضور قيادات المشترك والرئيس علي ناصر محمد ومحمد علي احمد وعدد من القيادات الجنوبية المقيمة في القاهرة . تم اندلعت الثورة في الشمال بعد أشهر من ذلك الاتفاق وبدلا من تصحيح الأخطاء التي اضعتموها على شعب الجنوب والبقاء في المجلس الوطني للثورة والمكون من 140 شخصية يمنية كانت حصة الجنوب منها 65 عضوا ، أصريت من جدة على كل القيادات الاخرى على الانسحاب من هذا المجلس بحجج لا يقولها ولا يتذرع بها سياسي مخضرم بمكانتك ورفضت انا ان يضع اسمي في بيان الانسحاب والذي للأسف لم يوقع عليه سوا 25 شخص جنوبي من أصل 65 . فماذا جنيت من الانسحاب الا زيادة لهيب الشارع في الجنوب في الوقت الذي لم يكن لديكم بديل سياسي لهذا الانسحاب او مشروع يدفع بالقضية الجنوبية يبرر انسحابكم والذي أضر كثيراً بالقضية الجنوبية في تلك الفترة التي كان كل العالم يدفع بالجنوبيين ان يكونوا جزء من الثورة وجزء من الحل السياسي القادم حينذاك . انسحابكم أضاع الفرصة التالية : ان يكون الجنوبيين جزء من الفريق السياسي الذي تبنى الثورة وطاف العالم لإجبار علي صالح على التنحي برئاسة الاستاذ محمد سالم باسندوة والدكتور ياسين سعيد نعمان وعبد الوهاب الأنسي ولولا انسحابكم واتخاذكم القرار الغلط في الوقت الصح لكانت القضية الجنوبية جزء من المبادرة الخليجية التي قلتم ان الجنوب لم يشارك في صياغتها وأنتم تعلمون أنكم أنتم من استبعدتم أنفسكم ، في ذلك الوقت لم يقصينا احد ، بل أتذكر لقائي بالدكتور ياسين سعيد نعمان ومحمد علي احمد اثناء الثورة في مدينة نيوكاسل البريطانية والذي كان يحث الجنوبيين في الحراك بالالتحام بالثورة حتى يكون الدور في الحل السياسي قويا للجنوب . اضعتم تلك الفرص ويا ريت كان البديل لديكم جاهزا سواء بتوحدكم او بمشروع بديل وتحالفات سياسية إقليمية ودولية تعوض كل تلك الفرص التي اهدرتموها وبقيتم تحت رحمة الشارع المنتفض والباحث عن قيادة تسير به وبقضيته الى بر الأمان ، فأصبح الشارع هو من يسيركم ، وتبين من تصريحاتكم كقيادة في ما بينكم والزيارات المكوكية الى بيروتوالقاهرة غير مجدية ، بل وزادت الصف الجنوبي تشققا . في مطلع 2010 جاءت فرصة اخرى لتكونوا بحجم القضية الجنوبية ومعاناة شعبه وتم اللقاء في القاهرة بالسفير البريطاني في اليمن حينذاك نيكولاس هيبتن والمستشار السياسي البريطاني روبرت ويلسن ومساعد السفير الروسي بالقاهرة ونائب سفير الاتحاد الأوربي بصنعاء جون ماري وتعذرتم عن المشاركة بانه لم توجه لكم الدعوة مع اننا جميعنا حضرنا بدعوة ، تم أرسلت اعتذارا من جدة لانشغالك بحفل تخرج حفيدتك ، فتدارك الامر الرئيس علي ناصر محمد والتقى بالسفير البريطاني في احد فنادق القاهرة قبل مغادرته مصر الى صنعاء . كان اللقاء واضحا والرسالة التي نقلوها اكثر وضوحا بان الحوار فرصة تاريخية لحل القضية الجنوبية ، وأضاف مؤكدا انه لا سقف ولا شروط في الحوار والمشاركة في الحوار لا يعني الموافقة او الالتزام المسبق بنتائج الحوار اذا لم ترتقي الى مطالب شعب الجنوب ، وأكد بما لا يدع مجالا للشك بعبارة قوية لم يفهمها قادة الجنوب هؤلاء عندما قال السفير البريطاني عبارته الشهيرة " قطار الحوار في اليمن سيسير ومن لم يركب القطار فسيبقى وحيدا بالمحطة " . هذا ما صار فسار القطار وتخلف من تخلف وبقوا وحيدين اليوم يتأسفون انهم أضاعوا فرصة المشاركة في الحوار . لا يجدي هذا الاعتراف نفعاً يا ابا معتز بعد ان حطمتم إرادة شعب الجنوب وتطلعاته بحساباتكم السياسية القديمة ولم تقرأوا الرسائل السياسية الواضحة من العالم الذي نحن بحاجته لمساعدتنا في إيجاد لحل قضيتنا .. جاء العالم لمساعدتنا في حل القضية الجنوبية والإمسك بأيدينا لنتحسس مخرجا عبر الحوار ويكون سندا لنا ، ولكنكم خذلتوه وخذلتم شعب بكامله لأن حساباتكم كانت ضيقة وغير سياسية وغلط وقائمة على اجترار الصراعات السابقة في ما بينكم كقادة للجنوب . نفس الفرصة التي اضعتموها أضاعتها قيادات جنوبية في الداخل ورفضت الحوار أيضاً معتقدة ان رفضكم في الخارج مبني على حسابات سياسية وعلاقات دولية سرية .. فلا هذا ولا ذاك فرفض النوبة الحوار آنذاك في اللقاء مع الوزير البريطاني الذي زار عدن أليستر بيرث مع سفراء الدول العظمى الخمس وكنت الجنوبي الوحيد المرافق للوزير بحكم موقعي في اللجنة الفنية للحوار وقبل النوبة بنتائج الحوار اليوم ، وقد حاول الوزير البريطاني إقناع تلك القيادات ورفضت دون ان يطرحوا بدائل للحوار ، بل ان احد تلك القيادات قالت للوزير البريطاني ما هي الضمانة بنتائج الحوار والالتزام بها .. فرد الوزير بوضوح بعد ان اخرج قلمه من جيبه وقال هذا هو الضمانة الوحيدة اذا وقعت على شيء خارج قناعاتك السياسية وحقوق شعبك فلست مجبرا على التوقيع ، وهذا ما علمناه عندما رفضنا التوقيع على اكثر من إقليمين .. باختصار شديد القيادات الجنوبية في الداخل والخارج لا علاقة لها بالسياسة وليست بحجم المسؤولية التي توقع الكثير منها لإخراج شعب هم من ورطوه بهذه القضية بسبب قصر نظرتهم السياسية وخلافاتهم التي عكسوها باستمرار في اي فرصة تلوح للحل .. اليوم لم يعد ينفع الندم والتحدث عن إضاعة الفرصة ، بل اليوم عليكم ان تتركوا الساحة لجيل جديد من السياسيين الذي لولا نزاعاتكم وإحباطكم لهم وتصدركم للمشهد السياسي الجنوبي لكنا في موقع اكثر قوة وصلابة سياسيا وعلى الارض أيضاً.