اسْتوقفَ البعض صورة الرئيس هادي الأخيرة ، وبجانبه مدير مكتبه بن مبارك بعد الافراج عنه، بسبب ما قالوا انه ارهاق جليٌ على وجه الرئيس ، وكأنهم لا يتذكرون انه فقد للتو اكثر من ثلاثين شهيدا، حوالي نصفهم من اسرته، سقطوا في عقر داره، وعتبات مهجعه، وهم يدافعون عنه، وعلى ايدي من ظنّ يوماً انهم سيكونون حلفاءه ، وشركاءه في انجاز مشروع عمره وحلمَ حياته ، الدولة المدنية الديمقراطية العادلة، دولة المواطنة المتساوية، وسيادة القانون، والمشاركة الفعلية في السلطة والثروة والمسؤولية، وهو ظنٌ اكدته له دول قريبةٌ وبعيدة، ربما كان لها حساباتها الخاصة ولم تكشفها له صراحةً، وربما ان بعض هذه الدول خُدعت وخُذلت هي الاخرى، او اخطأت التقدير، لكنّ المهم هنا هو التاكيد على انّ الرئيس هادي كان صاحب مشروع وطني وحدوي، ولا يضيره ان يكون قد اجتهد فأخطأ، خصوصاً ان حلفاءه السّابقين من ( الاخوان ) وآل الاحمر ، لم يكونوا حريصين على نجاح مشروعه الوطني، كحرصهم على استمرار نفوذهم وتمدد مصالحهم، ما دفعه للتخلي عنهم، والتخلص من وصايتهم . •• ولعلّ ما ضاعفَ حزن الرئيس هادي واوهن عزيمته، وهدًّ كيانه، ان يرى حُلمَه الوطني وثمرة جهاده وصبره ، على امتداد السنوات الماضية، يتبخر ويتبدد، ويُذبح في حرم بيته، على يد من احسنَ اليهم وساندهم ، وأخذ عليهم العهود والمواثيق، وظل الى آخر لحظةٍ يداريهم ويسترضيهم، مضحيا بكرامته الشخصية،وبرصيده الشعبي، وسمعته التي مرغها القاصي والداني، في اوحال اطماعهم واحقادهم وانانياتهم ، وهو مصروفا عنهم، بانتظار اللحظة التي يتوّج بها كفاحه الدؤوب، حين يقبل فيها الشعب الدستور الجديد، وتبدأ الانتخابات لمؤسسات الدولة الاتحادية، المتوافق عليها، كمخرج نهائي من الازمات والصراعات المدمرة. •• والعجيب العجيب ان جماعة الحوثي ، الذين اكملوا انقلابهم على كل نتائج ثورة فبراير 2011، يومي 19- 20 يناير الجاري 2015م ، لم يستوعبوا بعد حجم الكارثة التي اقدموا عليها، وخطورة التداعيات النفسية والمجتمعية والسياسية المترتبة على ذلك، كيفَ غاب عنهم ادراك معاني اقتحام قدسية الرئاسة، ورمزية الدولة ، والعقد الاجتماعي الجامع، ومعْلَم الشرعية الدستورية والشعبية والدولية، كما قال خالد بحاح في الحديث الذي نقله عنه جمال عامر . •• والادهى والامر انّ الجماعة ما يزالون يعتمدون خطابا يبشرون به بالعدل والمساواة والتشارك، ومعالجة مظالم الماضي، في الوقت الذي هم عاكفون على ترتيب اوضاع منتسبيهم، وجُلّهم من المحافظات التي استأثر اكابرها بالسلطة والثروة والنفوذ لقرون مضت، في قطاعات الدولة العسكرية والامنية والمدنية ..؟ •• وهل توالت الثورات والانتفاضات والاحتجاجات في الماضي الا بسبب الاقصاء والتهميش والاستئثار والاذلال، وهو ما يؤسسون الآن لتكريسه ..؟ كيف يفكّر هؤلاء يا ترى، هل يعتقدون ان الناس يصدقون الخطابات والتصريحات، ويتجاهلون الممارسات والحقائق على الارض ..؟ وهل لو كان لهذه البلاد جيشاً وطنياً، أكان يلزم مواقعه ويتناسى شرفه العسكري، وهو يرى مليشيات لا شرعية لها تقتحم حرم الرئاسة وحرمة رمز الشرعية الدستورية والشعبية ..؟ ما زلنا نأمل العودة الى الحق، فالحق احقّ ان يُتّبع . •• أمّا الرئيس هادي، الذي خذله الجميع، وكشفوا الأقنعة، عن وجوههم المسْودَّة، وآخرهم الأمريكان الذين كشفت الانباء مؤخرا انهم على تواصل وتنسيق مستمر مع الحوثة ،، فلعلّ لسان حاله يقول متأسيًا : اللهم اغفرْ لقومي فانهم لا يعلمون .