مع توافد الحجاج، صباح اليوم الثامن من ذي الحجة، إلى مشعر منى لأداء فريضة الحج تتجدد في الذاكرة قصيدة "يا راحلين إلى منى" التي قالها شوقآ وحنينآ قبل 634 عاماً الشاعر اليمني عبدالرحيم البرعي أحد شعراء القرن الثامن الهجري، بعد أن داهمه المرض وأعياه الجهد والتعب، وهو في طريقه إلى مكةالمكرمة؛ إلا أن الأجل سبق الأمل، وتوفي دون أن يلحق بالركب ويحجّ. و"البرعي" وُلِد وعاش في "الحديدة"، وذُكر أنه من أهل التراجم، وكان مفتياً، وعلى قدر رفيع في الأدب واللغة والسيرة النبوية، وأنه في آخر رحلاته للحرمين الشريفين، أحسّ بدنو أجله لما صار على بُعْد 50 ميلاً من مكة، وتوفاه الله، ودُفِن -رحمه الله- ب"خيف البرعي" جهة "وادي الصفراء" بمحافظة بدر؛ ذلك عام 803ه. وجاءت أشهر قصائد "البرعي" التي قالها وأصابته في مقتل الشوق إلى الحج "يا راحلين إلى منى"، وقال فيها: يا راحلين إلى منىً بقيادي هيجتموُ يوم الرحيل فؤادي حرَّمتمو جفني المنام لبُعدكم يا ساكنين المنحنى والوادي سرتم وسار دليلكم يا وحشتي العِيسُ أطربني وصوت الحادي فإذا وصلتم سالمين فبلغوا مني السلامَ أُهَيْلَ ذاك الوادي وتذكروا عند الطواف متيماً صبّاً براه الشوقُ والإبعاد لي في ربى ظلال مكة مرهمٌ فعسى الإلهُ يجود لي بمرادي ويلوح لي ما بين زمزم والصفا عند المقامِ سمعت صوت منادي يَقُولُ لِي يَا نَائِماً جدّ السُّرَى عَرَفَاتُ تجلو كل قلب صَادِي من نال من عرفات نظرة ساعة نال السرور ونال كل مراد يا رب أنت وصلتهم ومنعتني فبحقهم يا رب حُلّ قيادي بالله يا زوار قبر محمد من كان منكم رائحاً أو غادي فليبلغ المختار ألف تحية من عاشق متقطع الأكباد عبد الرحيم بن أحمد بن علي البرعي اليماني. شاعر متصوف، من سكان (النيابتين) في اليمن. أفتى ودرس. له (ديوان شعر - ط) أكثره في المدائح النبوية . نسبته إلى برع من أجود قصائده في مدح سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام قصيدة "سمعت سويجع الأصلات غنى" نقتطف منها الأبيات التالية : سمعت سويجع الاثلاث غنى عَلى مَطلولة العذبات غنا * أَجابته مغردة بنجد وَثنت بالاجابة حين ثنى * وَبرق الابرقين أطار نَومي واحرمني طروق الطيف وَهنا * ذكرت احبتي وَديار أنسي وَراجعت الزَمان بهم فضنا * وَكادَ القَلب أَن يَسلو فَلما تذكر أبرق الحنان حنّا * ترفق بي فديتك يا رَفيقي فَما عين سويهرة كوسنا * وَمدح محمد غرضي وَغيري اذا غنى حَكى الرشأ الأغنا * رَعى اللَه الحِجاز وَساكنيه وامطره العَريض المرجحنا * وأخصب روضة ملئت وَفاء وَمرحمة واحسانا وَحسنا * وَقبرا فيه من ملأ النَواحي هدى وَندى وايمانا وَيمنا * امام المرسلين وَمتقاهم وأكثر غيمهم طلا وَمزنا * وَخير مغارس الاكوان أَصلا وأَطيب منشأ وأتم غصنا * وَكَم لِلهاشمي محمد من فَضائِل عمت الاقصى والادنى وَلَو وزنت به عرب وَعجَم جعلت فداه ما بلغوه وزنا * متي ذكر الحَبيب فذا حبيب عليه اللَه في التَوراة أَثنى وَبشرنا المَسيح به رَسولا وَحقق وَصفه سمّا وكنّى وان ذكر وانجىّ الطور فاذكر نجيّ العرش مفتَقرا لتغنى فان اللَه كلم ذاك وَحيا وَكلم ذا مشافهة وأدنى واهلك قومه في الارض نوح بدعوة لا تذر أَحَدا فافني وَدعوة أحمد رَبِ اِهدي قَومي فهم لا يَعلَمون كما علمنا وَقَد دروع داود لبوس تَقيه من التباس البأس حصنا شَفيع المذنبين تول أمري اذا ما الدهر لي قَلب المجنا وَيَوم العرض ان سألوك عَني فقل عدوه منا فَهو منا وكل الانبياء بدور هدى وَأَنتَ الشَمس أَشرقهم وأسنى وَهم شخص الكمال وأَنتَ روح وَهم يسرى يديك وَأَنتَ يمنى عَليك صَلاة ربك ما تَناغَت حمام الايك أَو غصن تثنى اللهم صلي عليه وعلى آله . * للإستماع للقصيدة بصوت المنشد السيد أحمد الجفري على الرابط التالي : أضغط هنا