آن للذين ووريت أجسادهم الثرى وبقيت أرواحهم في السماء أن تقر أعينهم بعد مقتل الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح .. ويشار اليه بالبنان باليد الطولى في تعريض حياتهم للخطر والموت بوسائل مختلفة . إنها سطور من حياة رموز وطنية وحقائق لا تقبل التشكيك لانها رويت في حقبة عهد صالح لهذا فإن مقتل صالح بتلك الصورة التي نفذها الحوثيون لا تختلف كثيرا عن ما مارسه بحق المئات من خصومه أو من يعتقد أنهم منافسون له من الرموز الوطنية التي وقفت الى جواره ليتسنم كرسي السلطة. ومن أوائل من حاك ضدهم المؤامرة ودس له تهمة الخيانة العظمى بالتآمر للانقلاب وتغيير النظام وقدمه للمحاكمة والسجن القائد الوطني والنقابي البارز في عدن الراحل عبدالله عبدالمجيد الاصنج الذي لولا تدخل السعودية والامارات اللتان انقذت حياة الرجل في آخر لحظة من حكم بالاعدام رغم أن الاصنج أسهم في تعليمه أبجديات السياسة وإدارة شئون الحكم . وظل صالح في معظم خطاباته واصفا الاصنج بالخائن البائع لوطنه وغيرها من الأوصاف النابية التي كانت محط استهجان عام في الاوساط السياسية داخل اليمن وخارجه. ومع كل مقال يكتبه الاصنج في فترات مختلفة عن الاوضاع ينتقد فيها إدارة شئون الحكم في عهد صالح تتقدم وزارة الخارجية اليمنية إلى المملكة العربية السعودية تارة، وأحيانا عبر الإنتربول الدولي بطلب تسليمه .. وعلق الاصنج في حوار اجرته معه صحيفة " الناس" في العام 2007 بالقول : وزارة الداخلية والخارجية وجهان لعملة واحدة. ومع احترامي للدكاترة القربي والعليمي ومن سبقاهما في تولي الحقيبتين على امتداد ثلاثين عاماً من فترة حكم علي عبدالله صالح.. فالوزير هو العبد المأمور.. والرغبة والقرار والأمر يأتي من خارج الوزارتين.. ومعروف أن للجمالي الآنسي وللشاطر علي حسن وللبورجي عبده مساهمات في الذهاب إلى حد أبعد بكثير مما يوحي به الرئيس.. وهكذا يعم الفساد والاحتلال مفاصل الدولة ومؤسساتها. ويبدو أن جهلاً مؤسفاً أو مطبقاً يسوء الفهم السويَّ لمهام البوليس الدولي - الانتربول - وهي مهام ذات طبيعة جنائية بحتة.. مثل جرائم قتل وسلب ونهب ممتلكات وأموال عامة وتلقي رشاوي وعمولات وغسيل أموال في ماليزيا مثلاً أو الخليج ونهب إيرادات نفط وغاز وإشعال حرائق الحروب في الصومال والسودان والإخلال بأمن دول الجوار.. هذه جرائم جسيمة بإمكان محاكمة المتهمين بإرتكابها داخل اليمن أو خارجه وتجميد أرصدتهم وممتلكاتهم في اليمن وألمانيا وما وراء البحار. وبرغم خروج الاصنج من اليمن، ضَل صالح متربصاً به وكثير التشنج عند الاطلاع على مقالات الاصنج في الصحف و المقابلات التليفزيونية مما دفع صالح للمطالبة بإعادة الاصنج ومحاكمته. وليس هناك من تعبير أبلغ مما كتب الذي كتبه المحلل والاكاديمي د. "حسين بن لقور بن عيدان" في صالح : تسابقوا على تبييض صفحة المخلوع متناسيين الخراب الذي أسس له منذ عقود و الدماء التي سفكها في سبيل فانتازيا مرضية حكمت 33 عاما . ما ذكر أعلاه ليس سوى النذر اليسير من ملف أسود ناهيك عن قافلة الشهداء في عهد صالح في عموم مناطق الجنوب الذين سقطوا الواحد تلو الآخر بأيدي جنده وآليته العسكرية في الفترة 1994 -2015.. إنها حقائق لا تسقط بالتقادم ومثلما تَقتل تُقتل .