مسير عسكري لوحدة التدخل السريع من ذمار إلى العاصمة صنعاء    اختتام الجولة الخامسة من المفاوضات الإيرانية- الأمريكية    الخطوط الجوية اليمنية تعلن البدء بتفويج الحجاج من مطار صنعاء اعتبارا من الغد    مانشستر يونايتد يعرض فريقه بالكامل للبيع .. والسبب    مطاوعة وزارة الأوقاف يحتكرون "منح الحج المجانية" لأنفسهم    نداء شعب الجنوب العربي إلى العالم لإغاثته من الكارثة الإنسانية    غرفة تجارة أمانة العاصمة ترحب بقرار إعفاء المشاريع الصغيرة والأصغر من الرسوم    اكثر من (8000)الف حاج وحاجه تم عبورهم عبر منفذ ميناء الوديعه البري مديرية العبر بحضرموت    سريع يعلن قصف اللد وجيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخ واحرنوت تتحدث عن حركة الملاحة الجوية    الأرصاد يحذر قاطني الصحاري والسهول الساحلية    صنعاء.. ثلاثة قتلى وجريح في هجوم مسلح على محل    رسميًا.. ريال مدريد يعلن رحيل أنشيلوتي    وزير الخدمة المدنية يعتقد أن الجنوبيين يعانون فقدان الذاكرة    مدير حقوق الإنسان بعمران يكشف عن جرائم بالجملة ارتكبتها المليشيا بحق سكان المحافظة    بعد الثلاثية.. برشلونة يمدد عقد رافينيا    السعودية:محمد عبده يعتذر.. ورابح بديلا في العلا    رابطة الكتّاب.. صلاح الأفضل بنسبة 90%    وفاة 6 أشخاص بوباء غامض في عدن    انخفاض أسعار النفط بفعل ارتفاع الدولار    ألمانيا تعتقل شابًا يمنيًا بتهمة الانتماء للحوثيين والقتال في مأرب    جذر الأزمة اليمنية وآفاق التسوية السياسية    الجولاني باع الارشيف الأمني السوري لإسرائيل    جوائز قياسية لكأس العرب "قطر 2025"    الذهب يرتفع ويتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر    دراسة صادمة تكشف ما قد يفعله الهاتف الذكي بعقول الأطفال!    موت الوحدة اليمنية وولادة رؤية دولتين تتعانقان بسلام    هل ما جرى في عام 1990م وحدة اليمن والجنوب أم كان اعلانا سياسيا؟    مدرب طليعة تعز الكاتب يؤكد ... مهمتي مع الفريق صعبة ولكنها ليست مستحيلة !    تحذير هام صادر عن أعضاء الجمعية العامة في بنك اليمن والكويت بصنعاء    قيادي في الانتقالي ينتقد اداء المجلس ويتحدث عن التلسط والتمييز والخلل البنيوي وغياب التخطيط    العراسي: صغار المودعين يواجهون اشكاليات وحلول الودائع لم تنفذ ووقف التعيين والتكليف مبرر لابقاء الفاسدين    البيض في ذكرى الوحدة: إما انهاء الانقسام وإعادة الاستقرار والتنمية او يظل الوطن رهينة صراعات لا رابح فيها    ناشيونال إنترست: نتنياهو يخاطر بانهيار الاقتصاد الإسرائيلي على يد اليمنيين    هذا هو ( ترامب)..؟!    إعلان هام للمتقدمين لاختبار المفاضلة بكلية الهندسة جامعة صنعاء    تصاعد موجات التفشي الوبائي بتعز .. تسجيل الصحة آلاف الإصابات بخمسة امراض خلال اقل من نصف عام    المركزي المصري يخفض سعر الفائدة للمرة الثانية خلال شهرين    تحرير بلا احتفال: عيد الوحدة في ميدان الغبار    عواقب الوحدة الاندماجية    جامعة سيئون تمنح ثلاث درجات دكتوراه بامتياز في اللغة والأدب    حكومة التغيير تقيم حفلا خطابيا بمناسبة عيد الوحدة 35    بريطانيا : التوصل إلى تقنية جديدة لتشخيص أورام الدماغ    عدن .. البنك المركزي يوضح حول طباعة نقد جديد لتمويل عجز الموازنة    توتنهام بطلا للدوري الأوروبي 2025    تكتل قبائل بكيل ينعي الشيخ ناجي جمعان    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة غرقًا في ساحل صيرة بعدن    في الذكرى ال35 : الوحدة اليمنية ... بين التدخلات الخارجية وحروب الثلاثمئة عام!    زيارة ملك الاردن لمصانع الكبوس تعيد إلى الواجهة اقتحام غرفة صنعاء وتحذيرات السامعي من تطفيش الرساميل الوطنية    رسالة أستاذ جامعي!!    دراسة تكشف عن مفاجأة غير متوقعة عن "داء الملوك"    صنعاء .. التربية والتعليم تحدد موعد بدء العام الدراسي القادم    الفساد الحوثي ينهش القطاع الصحي بريمة.. مستشفيات بلا دواء ومساعدات منهوبة    مئات الحجاج عالقون بمنفذ الوديعة مع وقف التفويج عبر مطار صنعاء    تقييم هندسي: "شجرة الغريب" في تعز مهددة بالانهيار الكامل وسط تجاهل رسمي    بين هوية الغربة واسرار الفنتازيا في الجني وران ل"حميد عقبي"    باب الحارة يفقد أحد أبطاله.. وفاة آخر فرد بعائلة "أبو إبراهيم"    جراء الإهمال المتعمد.. انهيار قلعة تاريخية في مدينة يريم بمحافظة إب    دشن مهرجان عروض الفنون الشعبية احتفاءً بالعيد الوطني 22مايو.. الوزير اليافعي: سيدافع عن الوحدة الشرفاء الأحرار على امتداد الوطن الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جذر الأزمة اليمنية وآفاق التسوية السياسية


جذر الأزمة
مأساة اليمن تكمن في نخبها السياسية، والقبلية، والدينية، والعسكرية، والتجارية، والحزبية، التي حوّلت اليمن إلى عالم لا يشبه أي عالم آخر. هذه النخب ضخت في الشعب ممارسات وقيمًا ووعيًا لا يتماشى مع التطور الطبيعي للمجتمعات، ولا مع قيم العدل والإنصاف والنظام والقانون. لقد خلطت بين المفاهيم العصرية وممارسات العصور الوسطى؛ فهي مع الداخل تستخدم مفاهيم العصور الوسطى، ومع الخارج تتحدث بلغة العصر الحديث لإرضاء العالم، بينما تفرض على الداخل أدوات الحكم القبلي، وتشجعها، وتضخ إليه مفاهيم دينية متناقضة ومتضاربة لتبقي الشعب متخلفًا وجاهلًا، فتسهل السيطرة عليه.

لذا، لا غرابة في أن يظل اليمن يعيش حالة "اللادولة"، وفي دوامة من الحروب والصراعات والفتن، وهذا الإرث ينتقل من جيل إلى جيل.

لقد أضاعوا الزمن في ترهات الماضي، وصنعوا لهم تاريخًا مزيفًا، وسجنوا أنفسهم فيه، وحولوه إلى شيء مقدّس، واستخدموا الدين كوسيلة لإقناع العامة من الناس وتحويلهم إلى قطيع تابع، وسلاح يفتكون به بالآخرين لإجبارهم على السير حسب هواهم.

وما حدث عند التعامل مع دولة الجنوب عند الوحدة، أنه بمجرد إلغاء الصفة الشرعية الدولية لدولة الجنوب، بدأ العمل على تصفية كل ما له علاقة بالدولة الجنوبية: بشرًا، ومؤسسات، ومصالح عامة وخاصة، ليتماشى مع ما اعتادوا عليه في إطار حكم "الجمهورية العربية اليمنية".

فلا نفع معهم الاتفاقات التي وُقّعت بشأن الديمقراطية، والتعددية الحزبية والسياسية، ولا مبدأ المواطنة المتساوية؛ فهذه الأمور بالنسبة لهم طلاسم وخرافات قادمة من الجنوب. وقد أُشهِر الدين في وجوه الجنوبيين واعتُبِروا كأنهم كفّار قريش، وتُوّج ذلك بفتوى دينية تُبيح قتل أي جنوبي يقف أمامهم، ومصادرة ممتلكاتهم، وتجريدهم من حقهم في العمل والعيش. وتم احتلال الجنوب عسكريًا، ومُسِحَ أي أثر لتاريخه، وتم اعتماد تاريخهم المزيف.

ولأنه من المستحيل بناء دولة في صنعاء على أساس العدل والإنصاف والحريات والمواطنة المتساوية، انفجر الصراع الدموي بين تلك النخب. وكادت السلطة أن تفلت من "المركز المقدّس"، فما كان منهم إلا أن سلّموا السلطة لطرف ثالث من نفس طائفتهم، وهم يعرفون جيدًا أن هذا الطرف مرتبط بقوى إقليمية أسقطت ثلاث عواصم عربية، وبذلك أصبحت صنعاء العاصمة الرابعة التي استولت عليها إيران عبر الحوثيين.

وقد أُدخِلَت البلاد في صراع إقليمي أدّى إلى خلط الأوراق، وتحوّل مسار الأزمة من صراع بين الجنوب والشمال إلى صراع دولي، بعد إدخال البحر الأحمر والتجارة الدولية في صلب الأزمة، لجذب اهتمام العالم إلى منطقة باب المندب.

ومعلوم أن عفاش كان طرفًا رئيسيًا في الوحدة بين الجنوب والشمال، وهو نفسه الذي تحوّل إلى طرف رئيسي في الانقلاب على الشرعية، وسلّم الدولة للحوثيين، وهو يعلم جيدًا ارتباطهم الوثيق بإيران، وطموحها الإقليمي. وبهذا الفعل، أطلق عفاش "رصاصة الرحمة" الأخيرة على الوحدة، عندما وجه الجيش اليمني ومليشيا الحوثي نحو الجنوب للاستيلاء عليه.

أما اليوم، فما تبقّى من الشرعية لا يزال يستخفّ بتضحيات الجنوبيين، ويتهرّب من استحقاق حلّ القضية الجنوبية، ليضعها في آخر سلم الأولويات بعد عودة الشرعية إلى صنعاء. ومع الأسف، تساوق البعض مع هذا الهدف، وهو ما يُعدّ أكبر احتيال سياسي يُهدّد بضياع قضية الجنوب.

لسنا بصدد الحديث عن العواقب السلبية لهذه السياسة، التي أجّلت حلّ القضية الجنوبية إلى ما بعد استعادة الشرعية المستحيلة في صنعاء، ولا عن العقوبات التي يتعرّض لها الجنوب، وتأثيرها السلبي من تجويع، وتعطيل الكهرباء، وغيرها من الخدمات الأساسية، ولا عن استحالة موافقة الحوثي على الخضوع لتسوية سياسية، وإصراره على تضخيم معركته باتجاه البحر الأحمر وإسرائيل للهروب من أية استحقاقات تفرض عليه.

ومع ذلك، يعمل الحوثي جاهدًا للحصول على اعتراف بشرعيته وب"حقه الإلهي" في حكم اليمن. وإن تم ذلك، فمن المستحيل أن يوافق الجنوب، لأن ذلك يتعارض مع التاريخ والجغرافيا. ومن يشك في ذلك، فعليه العودة إلى قراءة التاريخ من جديد.

التسوية السياسية المنصفة

بعد حربٍ دامت عشر سنوات، وما آلت إليه الأوضاع جنوبًا وشمالًا، من المستحيل العودة إلى شكل النظام السابق. لذا، فإن الواقعية تفرض نفسها عند الانخراط في تسوية سياسية عادلة ومستدامة، من خلال إنصاف التاريخ والجغرافيا، وإعادة صياغة الأولويات السياسية عبر حلول واقعية تعترف بالمصالح المشتركة لكل من الجنوب والشمال.

أولًا: عبر الاعتراف بحق كل منهما في الوجود كدولتين متجاورتين، بعد فشل تجربة الوحدة.

ثانيًا: عبر السماح لكل طرف بوضع مشروعه السياسي لبناء دولته التي تعبّر عن تطلعاته، على طاولة الحوار مع القوى السياسية في كل من الشمال والجنوب، كلٌّ على حدة، للوصول إلى توافق حول شكل الدولة ونظامها السياسي.

وكما هو معلوم، فإن الجنوب لديه مشروعه السياسي، يحمله "المجلس الانتقالي الجنوبي"، ولم يتبقَّ سوى طرحه للنقاش مع القوى الجنوبية غير المنخرطة فيه، ليُتوَّج بصياغة دستور يُمثّل المرجعية القانونية للدولة الجديدة.

أما في الجانب الآخر، فإن القوى السياسية اليمنية – سواء ضمن الشرعية، أو في سلطة الأمر الواقع في صنعاء، أو في قوى أخرى – لا تمتلك أي مشروع سياسي لبناء الدولة. فإن أرادوا الخروج من هذا الوضع الضبابي، فعليهم إعداد مشروع سياسي يُتفق عليه مع بقية القوى السياسية الشمالية، ومناقشته وإقراره. أما التمسّك بطلاسم مشروع الوحدة أو بأي نظام سابق، فسيكون تكرارًا للفشل والحروب، ويتعارض مع توجّه الجنوب لبناء دولته الاتحادية.

الخلاصة
بعد كل هذا الدمار والمعاناة التي يعيشها الشعب في الجنوب والشمال، أثبتت التجربة استحالة الاستمرار بمخرجات النظام السابق، وحان الوقت للتغيير على أساس واقعي، والابتعاد عن الأوهام والادعاءات الزائفة، والاعتراف بفصل المسارات السياسية بين الجنوب والشمال. وهذه هي البوابة الأساسية لضمان استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة.

للجنوب إشكاليات معروفة، وهي كثيرة: تاريخية، وجغرافية، واقتصادية، وحقوقية، ولن يحلّها سوى توافق جنوبي–جنوبي.
وللشمال إشكاليات مماثلة: تاريخية، وجغرافية، واقتصادية، وحقوقية، ودينية، ولن تُحلّ إلا بتوافق شمالي–شمالي.

وهذا يتطلّب مشاركة فاعلة إقليمية ودولية لإنجاح هذه التسوية الشاملة، وبدون ذلك سيكون مصير أية تسوية لا تتطابق مع الواقع هو الفشل وتكرار الحروب، وستظل المنطقة في حالة عدم استقرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.