ايذانا بفتح الطريق الاقليمي الرابط بين صنعاء وعدن .. فريق مبادرة الرايات البيضاء يعبر منطقة التماس بالضالع    لا ضم ولا إلحاق بالدولة الجنوبية.. بين ذاكرة الدولة وحملات التضليل    الأعياد لم تعد فرحا، بل كوابيس تهبط علينا بثقل الجبال..    العمل الذي يرضي الله..    حرمان 800 حاج وألآف المرضى من السفر    صحة تعز: موجة كوليرا جديدة تضرب المحافظة    مليشيا الحوثي تجبر أهالي ضحايا "انفجار صرف" بدفنهم سرا وتمنع إقامة مراسيم عزاء    الأهلي يسحق فاركو بسداسية ويتوج بطلا للدوري المصري    مدير مشروع النظافة بتعز يدعو المواطنين للتعاون ويعلن الجاهزية للعيد    تقرير حقوقي يوثق جريمة استهداف رأس عيسى    قطاع الحج والعمرة يدين استهداف العدو الصهيوني طائرة مدنية قبيل صعود الحجاج    مخيم خيري لمرضى السكري والضغط    تشيلسي يرفع كأس دوري المؤتمرالأوروبي    جهات ترفض إعادة تشغيل مصافي عدن رغم توفر التمويل    اطلالة على واقع عربي غارق في الوهن    صحيفة عبرية: تكلفة العدوان على غزة تجاوزت أكثر من 41 مليار دولار    معلم تاريخي من معالم لحج والجنوب من يعيد له الاعتبار.!    600 يوم من الاجرام الإسرائيلي في غزة...شهادات صهيونية بالفشل    الحميري: تعز تتحول لورشة عمل لتوسيع وتحديث الطرقات    ماذا وراء استهداف اساتذة الجامعات؟    قوات الحزام الأمني تحبط تهريب شحنة أسلحة نوعية شرق عدن    مليشيا الحوثي تفرض زيادة سعرية على فاتورة الكهرباء التجارية في إب    الوحدة الألمانية لم تكن مثالية    السياسي والأديب: د.أحمد عبداللاه نجمٌ متألق    الاخوان المسلمين أداة تخريب ممنهج بأوامر خارجية    كهرباء الوادي تنتج 30 ميجا وتستهلك وقود ب 340 مليون ريال يوميا    المبعوث الأممي يناقش في مسقط دعم خفض التصعيد في اليمن بحضور دبلوماسي عماني ايراني    المشاط: صواريخنا ستصل لهدفها أو لمجموعة أهداف عشوائية وقادرون على اسقاط إف 35    العالمي حسين مسلم يبارك العربي خالد الخليفي    الماجستير للباحثة خديجة شعفل من جامعة إقليم سبأ في إتقان التجويد باستخدام "مثلث الاستماع"    عروض كشفية وفعاليات لطلاب الدورات الصيفية في حجة    إلقاء القبض على شخصين بتهمة انتحال صفة رجال المرور    - رغم دفعهم اكثر من اثنين مليون ريال سعودي مقابل تطبيبهم.. الحجاج اليمنيون يشكون غياب الرعاية الطبية في الأراضي المقدسة     أحمد لملس يقوم بدور مجلسي القيادة ورئيس الوزراء في عدن    الصقر يفوز على الصحة في دوري البراعم لأندية تعز    مركز الملك سلمان للإغاثة يكرّم 136 طالباً يتيماً متفوقاً في محافظة حضرموت ضمن مشروع رعاية وكفالة الأيتام الشاملة في حضرموت    حالة نادرة.. ولادة طفل برجل واحدة في أحد مشافي عتق (صور)    وزارة النقل والأشغال تحمل العدو الإسرائيلي مسؤولية الاعتداء على مطار صنعاء    توقيع اتفاقية مشروع إعادة تعشيب نادي التلال الرياضي الثقافي في عدن    إسرائيل تقصف مطار صنعاء وتدمر "آخر طائرة حوثية"!    الذهب يرتقع مع إقبال المستثمرين على الشراء    غارات تستهدف مطار صنعاء    إيران تُلمح لإمكانية استقبال مفتشين أمريكيين للمنشآت النووية وتؤكد قبولها القيود مقابل رفع العقوبات    الارصاد يحذر من العواصف الرعدية والحرارة الشديدة وينصح بالابتعاد عن مجاري السيول والاحتماء من أشعة الشمس    شبوة تحتفي ب30 حافظًا لكتاب الله و179 طالبًا متميزًا في حفل قرآني بهيج    عمرها 2.6 مليون سنة.. العثور على "كبسولة زمن" في الصحراء الإفريقية    برشلونة يجدد عقد لامين جمال حتى 2031    تشيلسي يواجه ريال بيتيس بنهائي دوري المؤتمر    وزير كهرباء في صندوق القمامة    25 مليون شخص بالسودان في خطر    فوضى أمنية    فوضى أمنية..    قرار هام من وزارة الصحة    وزارة التخطيط توجه نداء عاجل للشركاء الإقليميين والدوليين والمنظمات الدولية    اليمن يحدد بداية عشر ذي الحجة    غَزَّةُ.. قَسِيمُ الجَنَّةِ وَالنَّار    التشكيلية الموهوبة "حنان".. جسدت في لوحاتها كفاح فلسطين وصمود اليمن    اليمنية تحدد موعد بدء تفويج الحجاج من مطار صنعاء الدولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يعبث بمطالب الجياع في الجنوب العربي
نشر في شبوه برس يوم 28 - 05 - 2025

في الجنوب أصبح الخروج إلى الشارع في وقفات ومظاهرات تعبير صادق وقاس عن معاناة باتت تلامس الكرامة الأساسية للإنسان حين يعجز الأب عن شراء قطمة دقيق أو سكر أو دواء لمريضه، وحين تصبح الكهرباء والماء من الكماليات النادرة فلا مفر من أن يرتفع الصوت في الشارع، حتى لو لم يكن هناك بصيص أمل في الاستجابة من قبل التحالف والحكومة.

ففي عدن خلال الأيام الماضية خرجت الناس لتطالب بالخدمات والحياة الكريمة لا لتجامل طرف أو تساير موقف، لكنها فوجئت بمن يحاول توجيه غضبها بعيداً عن مكمن الوجع الحقيقي، هناك من ظهر فجأة ليقول لا ترفعوا العلم الجنوبي، وكأن التمسك بالهوية الجنوبية صارت جريمة ، و رفع العلم في يد الجائع قد يفسد عليه مطلبه في رغيف الخبز أو بالكهرباء والماء.

وهنا تبرز الأسئلة أمام المرء من يصر على إزاحة العلم من مشهد المطالب المعيشية؟ وهل المشكلة فعلاً في العلم أو في ما يرمز إليه العلم من هوية وكرامة وحق إذا كان الجائع لا يطالب سوى بالماء والكهرباء والخبز فلماذا يسعى البعض إلى منعه من حمل رمز قضيته؟ ولماذا يكتفي من يدّعي الحياد بالصمت أمام من يشوه هذا المطلب؟

المعادلة واضحة هناك أطراف أرادت أن تركب موجة السخط الشعبي كي تعيد طرح مشروعها القديم مشروع يعادي فكرة فك إرتباط الجنوب عن الجمهورية اليمنية، هناك من يحلم بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء إلى زمن التبعية والمصادرة والوصاية مثل هؤلاء لم ينزلوا إلى الشارع من أجل الناس بل من أجل إعادة تعريف مطالب الناس بطريقة تخدم أجنداتهم.

وهنا يبرز العبث بكل معانيه إذ تُسخّر معاناة الناس من أجل تلميع قوى فاسدة، استعادة قوى لفظها ورفضها الجنوب منذُ 2007م بعد أن دفع ثمنا باهظاً للتحرر منها، بحيث تسعى إلى تحويل المطلب الحقوقي بالخبز والكهرباء والماء إلى معركة رمزية ضد كل ما يمت للجنوب بصلة حتى بات مجرد رفع العلم مبرراً للسب والاعتداء والتشويه.

وأنا لا أبرر أو ا تجاهل مسؤولية المجلس الانتقالي الذي __ وإن لم يكن هو المتسبب أصلاً بالأزمات لبقاء سيطرة الدولة العميقة على حياة ومعيشة الشعب_ إلا أن تساهل الانتقالي مع من يصنع تلك الأزمات إذ اختار المجلس أحياناً الصمت تحت مبررات التهدئة وأحيانا أخرى مرر التنازلات بدعوى الحفاظ على الشراكة بينما في المقابل تعمل القوى المعادية له بلا توقف لإضعافه وتشويه صورته وقضم شعبيته وهذا الأمر ساهم في تعقيد الموقف.

فشعب الجنوب لا يطلب معجزات لكن يريد موقف يحميهم من العبث ويحفظ كرامتهم في وجه الجوع والإذلال لا يكفي أن نقول نعرف السبب ولا أن نوجه الاتهامات خلف الكواليس، المطلوب تحرك حقيقي يعيد توجيه البوصلة نحو من تسببوا في المعاناة ومصارحتهم بذلك.

العاصمة الجنوبية عدن اليوم تختنق تحت ضغط معيشي خانق إلى جانب أنها أيضاً تواجه ضغطاً ديمغرافياً غير مسبوق بفعل النزوح المتراكم الذي تجاوز قدرة المدينة على الاستيعاب البعض وليس الكل ممن استقروا فيها للأسف باتوا جزءًا من مشروع سياسي يرفض أي وجود جنوبي حر لا في الشارع ولا في المؤسسات.

أعود وأقول أن ما يجري اليوم ليس احتجاج عادي، بل اختبار صعب لوعي الناس ونضج القوى الفاعلة لأن الجائع قد يصمت إذا شبع وذهبت عنه الجوع لكنه لن يغفر لمن استغل وجعه لخدمة أهداف لا علاقة لها بحقه من يرشق رجال الأمن لا يريد استقرار، ومن يرفع شعارات مناطقية مثل برع برع يا ... لا يحمل هم الكهرباء ولا الخبز بل يريد أن يفتح باب للفتنة والفوضى.

نعم الجنوب ليس دولة مستقلة حتى الآن، لكنه ليس صفحة بيضاء لمن يريد أن يعيد كتابة تاريخه من الصفر ومعاناة الناس ليست مادة خام لإعادة تدوير الصراع في غير اتجاهه؛ بل هي قضية تستحق أن يسمع الأقليم والعالم لها كما هي بلا تزوير ولا توظيف ولا مقايضة.

في ضوء هذا لم يعد خافياً علينا ان هناك نخب يمنية لا تزال متمسكة بحلم الوحدة الميتة تماما وهي من تمارس العبث بمطالب الجياع في الجنوب وتحاول اختطاف صوت الناس وتوظيف معاناتهم لاحياء مشاريع بائدة رفضها شعب الجنوب العربي منذ سنوات.

هذه النخب لا يهمها الخبر ولا الكهرباء ولا الماء والخدمات الأخرى ولا تهمها كرامة الانسان الجنوبي الذي يهان يومياً امام ابواب المخابز وتموت أمام العيادات والمستشفبات، بل تهتم بشيء واحد وهو طمس الهوية الجنوبية واعادة الجنوب العربي الى مربع التبعية عبر تزييف الوعي الشعبي وركوب موجة الاحتجاجات.

لقد خرج الناس في عدن وغيرها من مدن الجنوب لانهم جائعون ومقهورون خرجوا يطالبون بحقوقهم الاساسية في الحياة لكنهم فوجئوا بمن يريد مصادرة رمزية العلم الجنوبي تحت ذريعة الوحدة وكأن التمسك بالهوية أصبح تهمة من يمنع الجائع من رفع علمه لا يدافع عن الخبز بل يخشى من التاريخ ويخشى من الوعي الذي تشكل ان الجنوب لم يعد مجرد جغرافيا ضمن الجمهورية اليمنية بل قضية وهوية وحق لا يسقط بالتقادم.

ان من يقف خلف هذا التوظيف الرخيص لمعاناة الناس هي قوى شمالية عرفت كيف توظف ادواتها الاعلامية والسياسية وحتى بعض العناصر المزروعة في الشارع الجنوبي لخلق الفوضى وحرف المسار من صرخة ضد الجوع الى صراع مفتعل، وشيطنة المجلس الانتقالي رغم ان هذا المجلس نفسه لم يكن المتسبب في الازمات بل تعامل احياناً بتساهل مفرط معها تحت وهم الشراكة ومتابعة التحالف الذي له نواياه هو الآخر.

هؤلاء لا يريدون خبزاً ولا ماء للجنوبي بل يريدونه خانعاً متخلياً عن قضيته مقابل شيء من الخبز، وهنا يكمن الخطر الاكبر ان يتم افراغ المظاهرات من مضمونها وتحويلها الى ساحة لاعادة تدوير مشاريع الوحدة الفاشلة، لأن استقرار الجنوب يعني نهاية الوحدة.

بقلم. بلعيد صالح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.